ليس مصادفة أن يحظى الأستاذ عثمان العمير بهذا التكريم فهو صاحب فكرة إيلاف ومخترعها، ورئيس تحريرها وناشرها. وإيلاف عميدة الصحف الالكترونية، وسيدة الصحف العربية، والأولى في استقطاب القراء الناطقين بالعربية.


لقد امتلك صاحب فكرة إيلاف بصيرة نافذة، ورؤية مستقبلية، وجرأة بالغة، لينطلق بفكرته ويضعها موضع التطبيق، فأصبحت في غضون سنوات قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة مصدرا للأخبار، بل من أهم مصادر الأخبار العربية.


إيلاف هي الرقم الأوّلي الذي لا يقبل القسمة إلا على نفسه. وقد قُيض لها إدارة ومحررين وفنيين ومراسلين، يتمتعون بالجرأة والمعرفة والثقافة والخبرة والقدرة على الابتكار. وقبل هذا وذاك تعصف بهم الرغبة الجامحة في تنوير مجتمعاتهم العربية، وانتشالها من مستنقعات الجهل والتخلف والخرافات.
كما قُيض لها كوكبة من الكتاب المستنيرين، الذين يمتلكون القدرة والجرأة على وضع النقاط على الحروف، وإضاءة الجوانب المظلمة، دافعهم الوحيد إنارة الدرب، والقضاء على الجهل والوهم والعطالة الفكرية.


لم تولد إيلاف صغيرة كما وُلد الآخرون، ولم تمر بأطوار الطفولة والمراهقة والصبا، بل خرجت من رأس (العمير) امرأة بالغة ناضجة، تتفجر حيوية، وتضج أنوثة، أتمت علومها، وتهيأت للحمل والإنجاب. لكن (عيبها) أنها لا تقنع بما وصلت إليه، وتطلب المزيد.


عندما نبتعد عن إيلاف أو تبتعد عنا (بالحجب) نشعر أن شيئا ما قد تغير في نمط حياتنا اليومية، أو أنّ خللا ما قد حدث، أو صديقة عزيزة قد قاطعتنا. فقد اعتدنا على إيلاف كما اعتدنا أن نغسل وجوهنا ونذهب إلى عملنا، ونتخاصم مع زوجاتنا.


عندما قرأت إيلاف في بداياتها لم أصدق عيني، وظننت أن في الأمر (إنَّ)، فالفار يسرح ويمرح ويلعب، وتساءلت مرارا أهذا حقيقة أم خيال؟. لكنها ويا للسرور كانت حقيقة، إنما حقيقة غير مألوفة، بل غير مسبوقة. فلم يتجرأ كاتب قبل إيلاف أن يكتب ما كتب، ولم يعتدْ عربي قبل إيلاف أن يقرأ ما قرأت.
أحببت إيلاف وكتابها وقراءها السلبيين منهم والإيجابيين. شجعتني، فنشأت في أحضانها. تتلمذت على أقلامها، تعلمت منهم، حرضوني على الكتابة في الفكر والسياسة والدين، وأدين لها ولهم بكل ما كتبت وأكتب، وكل ما قرأت.


تُلقي إيلاف كل يوم حجرا بل عشرات الأحجار في المستنقع الراكد، وتقود منذ نشأتها بشجاعة وإقدام حركة التنوير في المجتمعات العربية، وتخوض معركة شرسة ضد أعداء التطوير والتنوير، ودعاة الخرافة والتكفير، وحماة الجهل والتخلف والتجهيل.


لقد وفرت إيلاف المناخ الصحي لجميع الكتاب، للتعبير عن آرائهم، والترويج لأفكارهم، بغض النظر إن كانت هذه الآراء متوافقة مع رأيها أم مخالفة له. وستبقى إيلاف واحة لكل من يريد أن يقول رأيا حرا.
هنيئا لإيلاف واحة المستنيرين وملجأ المضطَهدين، بتكريم (العمير) مخترعها وناشرها، متمنيا لجميع العاملين بها القدرة المتنامية على العمل والإبداع.

سعد الله خليل

[email protected]