من ضمن مظاهر الجنون والسخف التي تجتاح العالم اليوم، الحكم على الأفراد من خلال أسمائهم وألوانهم وملامحهم ، وقد تعرضت أنا لهذه اللعبة العجيبة فسألني أحدهم بارتياب إن كنت أمت بأي صلة قربى للدكتورة وفاء سلطان. ومع أنني أزدري هذه اللعبة السخيفة إلا أن السؤال قد أزعجني حقا. أجبته بالنفي، ثم سألته: ولكن ألم تقرأ لي في موقعي الالكتروني بعض مقالاتي فأنا منذ خمس عشر عاما قد وظفت نزعة الأدب التي ورثتها عن والدي ndash;علي مظفر سلطان رائد القصة القصيرة في سوريا- لأجل نصرة الإسلام، والدكتورة وفاء لم تدخر وسعا في أي مقابلة أو مقالة للنيل من الإسلام والمسلمين بطريقة تخلو من الموضوعية ولا تخلو من الإسفاف.
هز الشاب رأسه بأسى وأردف بإصرار: صحيح ولكن وللأسف فأنتما مشتركتان باسم العائلة!
سألته : هل تعلم أن هنالك راقصة تحمل اسمي الكامل هل هذا يعني أنها أنا؟
لم يتمالك الفتى نفسه فانفجر ضاحكا ثم قال باستسلام معك حق هذا صحيح.
أضفت قائلة : الم تفطن إلى التوجه القرآني الذي يؤكد على أن صلات القربى بين الناس لا تعني أبدا اشتراكهم في العقيدة أو المنهج الفكري، وعندما توسل نوح إلى ربه * فقال رب إن ابني من أهلي* كان جواب ربه * إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح*
وعلى العكس فقد تبرأ إبراهيم من أبيه* وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون*
وامرأة فرعون من النساء المبشرات بالجنة في حين أن زوجها من الموعودين بالنار والعكس في امرأتي نوح ولوط إذ * كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما*
هتف الشاب في نبرة لا تخلو من الحدة: إذن لم كتبت في مقالتك تقوى أم وثنية أن تعظيم الكعبة هو مظهر وثني ، لم لا تتق الله في مقدسات الإسلام ؟؟؟؟؟
أجبت الفتى المتأجج حماسا وتقوى: إنك تذكرني بمن يعرض عن الصلاة لأنه قد قرأ في القرآن *ولا تقربوا الصلاة* ونسي أن يكمل الآية* وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون* أنصحك بقراءة المقالة أكثر من مرة لتدرك قصدي تماما.
وعلى فكرة فإن الكعبة ليست مقدسات إسلامية بل هي أيضا من مقدسات المشركين في الجاهلية وما قبل الإسلام وعندما ذهب عبد المطلب يدافع عن ممتلكاته من الإبل عند أبرهة الأشرم كانت جملته الشهيرة( إن للكعبة ربا يحميها ولكنني أنا رب الإبل).
ويبدو أنك قد نسيت أيضا أن عابدي الأوثان آنذاك كانوا يطوفون بالكعبة ولكنهم كانوا يعاقرون الخمر ويمارسون الميسر ويزنون ويرثون آباءهم في متاع البيت والمواشي وزوجات آبائهم!
القيمة الأولى والتقييم الأغلى في المنظور الإسلامي هي للإنسان إنه الخليفة الموصوف *فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين* وقد أمرت الملائكة بالسجود له لأنه يملك العقل كي يتعلم ويتفقه والقلب ليرحم أخيه الإنسان وفي مقالتي السابقة كانت الزوجة هي المعنية بالرحمة والتقدير والرعاية.
ولكنه إن لم يستعمل عقله فسوف يهبط إلى منزلة الأنعام بل أضل سبيلا وإن لم يملأ قلبه بالرحمة فعندها ستكون الحجارة بأفضل منه وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار
و الحجر أفضل من قلب الإنسان عندما تفارقه الرحمة.
كما أن الحجر أفضل من عقله عندما يخلو من الحكمة.
وفي الاسلام جوهرالحكمة: الوسطية بين تقديس الحجر كغاية لتكريم الانسان وهذه هي التقوى ،وبين تعظيم الحجر لأنه حجر فتلكم الوثنية
تهللت أسارير الشاب وفارقه شعور الغضب ثم ما لبث أن هتف بارتياح موافقا :ولا تنسي أن هذا هو السبب الحقيقي وراء تدمير الآثار الإسلامية إنها خير طريقة لحماية مقام التوحيد ومنع الشرك بالله.
شحنت كافة طاقاتي لمجابهة الثورة التالية التي سأتعرض لها ثم قلت للشاب: إن تدمير الآثار الإسلامية ليس دافعه الحقيقي حماية مقام التوحيد بل دافعه أمر آخر.
صمت الشاب متوجسا وانتظر الجواب دون أن يسأل .
أجبته : الدافع لذلك هو الكسل.
حدق الشاب في وجهي مليا باستنكار ثم تمتم: الكسل!!!؟؟؟
أجبته: حسنا كنت أتمنى أن يكون هنالك منصات للصوت والضوء في جبل أحد وفي موقع بدر وأن توجه الأضواء حيث كان الرسول يقاتل وأين قتل حمزة وكيف خسر المسلمون هناك ونجحوا هنا. كنت أتمنى أن تبقى بيوت أمهات المسلمين وتحكى قصصا عن تعامل الرسول مع نسائه وعدله ورقته ورحمته في ذلك لأن حماية الآثار الإسلامية جزء من التاريخ الإسلامي لمن أراد أن يعتنق الإسلام وفي ذات الوقت أن تكثف الجهود للتوجيه والتنبيه إلى أن هذا الموقع مجرد حجر لا يضر ولا ينفع وأن الله وحده هو الذي يجب أن يسأل لأنه هو النافع وهو الضار.
أجاب الشاب ولكن الآثار الإسلامية تدمر والبدع لا تزال تكثر؟
أجبت بدوري وهذا أيضا يؤكد أن الحل لا يكون في التدمير بل بالعمل وليس أي عمل بل هو كدح متواصل دؤوب مضني حتى يلاقي الإنسان ربه.
يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه.
وإن الجوارح كلها بل وكل أعضاء الإنسان مطالبة بالكدح والعمل بل ومسؤولة عن ذلك إن السمع والبصر ولفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا.
مثلا أنا أعتبر أن إسدال النقاب على الوجه فيه إعفاء من الكدح للمرأة أن تغض من بصرها وللرجل أن يغض بصره وأن لا يتبع النظرة النظرة وهذا ما أردت به تلخيص القصة بالكسل والراحة والاستغناء عن بذل الجهد.
أما تدمير الأثار فهو يريح الضمائر فتستريح من جهد الكدح لحماية مقام التوحيد وتهجع مطمئنة ناعمة البال.
إنه مثلث القوة في المنهج الإسلامي التوحيد أولا والعمل ثانيا والوسطية ثالثا ولكن القوة تحتاج إلى سواعد قوية وأقدام ساعية لا تعرف إلى الراحة سبيل حتى تستحق عن جدارة المجلس الناعم الكريم حيث السرر المرفوعة والنمارق المصفوفة والزرابي المبثوثة