تصر حركة حماس وقيادتها على التلاعب بعواطف الشعب الفلسطيني، وتسعى من خلال تصريحات قادتها إلى الظهور بمظهر المظلوم، الذي لا حول له ولا قوة.
تتحدث حماس بشكل متكرر عن ظلم وقع عليها من العالم، وتحاول دومًا أن تبرر للناس أسباب فشلها في قيادة الحكومة. فمنذ رحلة الزيت والزعتر التي أعلن عنها رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية مع بداية فوز حماس وفرض الحصار عليها إلى الآن، لم تترك حماس يومًا إلا وتحدثت فيه عن الوحدة، لم تنس ساعة واحدة إلا وهي تتذمر من الحصار، لم تمض دقيقة إلا وتطمئن حماس الشعب بأن الفرج آت لا محالة. فصبر الشعب والفرج لم يأت، وكل ما جاء هو اقتتال داخلي أشعلته حماس في غزة، وتوجته بالإنقلاب العسكري والسيطرة على الأجهزة الأمنية هناك، ومن داخل المقرات تبدأ برحلة استجداء عواطف الشعب وهي تتحدث عن وثائق سرية وأفلام فيديو لا احد يعلم عنها شيئًا. ولست هنا بصدد نفي هذه الوثائق أو تأكيد صحتها، فربما حماس تملك فعلاً مثل هذه الحقائق، وخاصة أن بعض الملفات قد كُشفت سابقًا، وتم فتح العديد من التحقيقات قبل فوز حماس في الانتخابات التشريعية. وإنما بعد فوز الرئيس محمود عباس بانتخابات الرئاسة، والذي كان من ضمن برنامجه الإصلاح الداخلي، وبالفعل أمر حينها بالتحقيق في العديد من القضايا.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه حماس عن فساد سري، لم تتحدث عن الفساد الذي مارسته خلال تواجدها بالسلطة وبسببه وقع الظلم على الشعب الجائع. لكن رئيس حكومة الطوارئ الدكتور سلام فياض كشف عن ملفات فساد حماس، سواء بقصد أم بغيره، وذلك عندما تحدث عن تجميد رواتب أكثر من 30 ألف موظف من حماس تم تعيينهم خلال سنة وبضعة أشهر، وكلهم من أعضاء حماس واستنثى من ذلك عامة الشعب الذي منح ثقته لهذه الحركة في الانتخابات التشريعية، بينما كانت ترفع شعار quot;التغير والإصلاحquot;، لكن لم يحدث سوى التدمير لهذا الشعب الغلبان. وحصل المتنفذون على المناصب والكراسي. والفتات لم يحصل عليه الشعب.
لكن لم يعد الشعب على حاله وبات يدرك حجم المصائب التي وقعت عليه بسبب حركة حماس وتواجدها في السلطة، فمن فساد وظيفي وإداري، إلى انقلاب عسكري، إلى تجويع للشعب، ومراحل ألم لم تنته.
وعلى الرغم من كل ما حدث، وبعد أن فشلت حماس بكسر الحصار الذي فرض على الشعب بسبب مواقفها الرافضة للإعتراف بالمجتمع الدولي، وتصرفت كأنها تعيش في غابة. وبعد أن تورطت بملفات فساد إداري وتوظيف عناصرها في أرفع المناصب، وبعد أن دمرت المؤسسات الأمنية الفلسطينية والتي سبقتها إسرائيل بضربها، لا زالت حماس تتباكى وتستجد عواطف الشعب للوقوف إلى صفها، وكأن الشعب لم يكفه كل ما حل به من دمار.
فهل تتصور حماس أن الشعب غبي لهذه الدرجة لكي يبق داعما لها؟ ألا تكف مشاهد الموت في غزة لصد الشعب عن دعمه لحماس، ألم يكن التجويع سببًا لفقدان حماس شعبيتها.
حماس التي طالما تغنت بنزاهتها، وكان شعارها الانتخابي quot;الأيدي البيضاءquot; وquot;التغيير والإصلاحquot; وبعد فوزها quot;الكبيرquot; في الانتخابات وسيطرتها على المجلس التشريعي، شلت عمل هذا المجلس بشكل كامل، فلا قوانين تم إقرارها، وتحول التشريعي إلى مكتب خدمات خاصة، وبينما ساهمت إسرائيل في شل عمل المجلس من خلال اعتقال عدد من النواب، وجدت حماس في ذلك مبررًا لها ليبقى مقر البرلمان خاربًا على حاله، دون إقرار أي قانون. فلماذا حماس تثور ضد قرار الرئيس محمود عباس بإعلان حالة الطوارئ، ولماذا تقول للشعب إن عباس عطل عمل البرلمان؟، أين كان هذا البرلمان من سن القوانين، فلا يذكر الشعب أن هذا المجلس قام بشيء سوى منح الثقة لإسماعيل هنية مرتين، الأولى لتجويع الشعب، والثانية للانقلاب العسكري.
من الواضح أن حركة حماس فقدت السيطرة على نفسها منذ زمن، فهي عندما فازت بالانتخابات، لم تصدق النتيجة وأعلنت ذلك صراحة، وبعد معركتها في غزة وانقلابها العسكري، تصرح مرة أخرى بأنها لم تتوقع سقوط مقرات الأجهزة الأمنية في يدها بهذه السهولة، وكثيرا عندما تتحدث حماس عن quot;إنجازاتهاquot; تقول في نهاية كلامها quot;بشكل غير متوقعquot; فهل ما يريده الشعب حركة تعيش quot;على الحظquot;.
الأزمة الفلسطينية الحالية لا يمكن أن تكون حالها بحوار جديد، فقد مل الشعب من كل الحوارات، وشعر أنه ضحية لاتفاقيات لم تتجاوز مرحلة quot;حبر على ورقquot;. وبالتالي التوجه إلى صناديق الاقتراع مجددًا سيكون قرارًا حكيمًا يتخذه الرئيس أبو مازن على أن يشمل القرار انتخابات رئاسية وتشريعية. وبالتالي يختار الشعب مجددًا قيادته، ونتخلص من ازدواجية الحكم، والشعب هو من يتحمل مسؤولية اختياره مرة أخرى.
[email protected]