عنوان هذه المقالة ليس نكتة أو فزورة رمضانية، ولكنه سؤال حقيقي يسعى الكاتب من خلاله لرصد تطبيقي موضوعي ل (الظاهرة الصوتية) لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، من خلال أدبياتهم وتصريحاتهم وبياناتهم كما هي واردة في موقعهم الإليكتروني
www.jabha.net
وذلك كي لا يعتقد بعض القراء لطرافة ومسخرة غالبية هذه التصريحات أنني أتجنى وألفق على لسان حماة الشريعة الإسلامية في الأردن. في الصفحة الرئيسية لموقعهم الاليكتروني هذا يجد القارىء على يمين الصفحة ما يسمى (قائمة الخيارات)، البند الثاني منها (بيانات وتصريحات) وحتى كتابة هذه المقالة كانت هذه البيانات والتصريحات تشغل 17 صفحة، ومن تاريخ الثاني من أكتوبر لعام 2002 وحتى تاريخ الثاني عشر من أغسطس لعام 2007 أي خلال خمسة سنوات تقريبا، يبلغ عددها 416 بيانا وتصريحا أي بمعدل 84 بيانا كل سنة أي 7 بيانات كل شهر أي بيانين كل أسبوع. وفي بلد مثل الأردن من حق القارىء والمراقب أن يتساءل: هل هناك من التطورات والأحداث ما يستدعي بيانين كل أسبوع، ففي الولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمى الوحيدة في العالم لا يرصد المراقب هذا الكم من البيانات والتصريحات، فما هي الأحداث والتطورات التي تغطيها بيانات وتصريحات جماعة الإخوان المسلمين في الأردن؟.
مسؤولية العالم أجمع في أعناقهم
إن رصد وتصنيف هذه البيانات والتصريحات حسب القارات تؤكد أن هذه الجماعة (كان الله في عونها) لم تنسى أي حدث في كافة قارات العالم، وبالتالي فإن عدد هذه البيانات يعتبر قليلا ومتواضعا أمام هذه المسؤولية العالمية الملقاة على عاتقهم بما فيها إعصار كاترينا الذي ضرب شواطىء ثلاث ولايات جنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية في العاشر من سبتمبر لعام 2005 حيث ورد في بيانهم: (توقف حزب جبهة العمل الإسلامي عند الإعصار المدمر الذي اجتاح ثلاث ولايات جنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عبّر الحزب عن تعاطفه مع أسر الضحايا والمصابين والمشردين ولا سيما جلهم من الفئات المهمّشة. وأكدّ أن الإدارة الأمريكية تتحمل قدرا كبيرا من المسؤولية بعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة على الرغم من التحذيرات المتواصلة، وبتقاعسها عن المبادرة لإجلاء المتضررين لانشغالها في تدمير العراق وأفغانستان ومحاولتها فرض هيمنتها عليها تمهيدا لبسط سلطانها على الكرة الأرضية. إن حزب جبهة العمل الإسلامي وهو يتقدم بتعازيه لذوي القتلى والمصابين والمتضررين ليدعو الشعب الأمريكي إلى وقفة مراجعة لسياسة حكومته وحملها على إعطاء الأولوية لشعبها والعمل على حل مشاكله............حزب جبهة العمل الإسلامي، عمّان في 7 شعبان 1426 هجري الموافق 11 / 9 / 2007 ميلادي).
تصوروا هذه الفهلوة! فالحزب من مقره في عمّان رصد تقاعس السلطات الأمريكية عن مساعدة مواطنيها، ولماذا؟ لأنها مشغولة في العراق وأفغانستان، وربما كانت فرق الإنقاذ التي تحركت بالآلآف وشاهدناها على شاشات الفضائيات كانت من إرسال الحزب من ضمن فرقه الاستراتيجية المعدّة لمساعدة المنكوبين في كل أنحاء العالم، وكيف اختار الإعصار الفئات الأمريكية المهمشة هذا ما لم يوضحه البيان؟ ومسؤوليته عن العالم حتمت عليه أن يدعو (الشعب الأمريكي إلى وقفة مراجعة لسياسة حكومته)، ربما أملا من الحزب أن ينتج عن وقفة المراجعة هذه اعتماد استراتيجية الحزب كمرجعية للسياسة الأمريكية. والدليل على فهلوة الحزب واستعراضاته الإعلامية الخطابية هو أنه يبكي الدموع الحارة على ضحايا إعصار كاترينا بينما لا يوجد في كل بياناته هذه أي بيان عن ضحايا (فيضانات تسونامي) التي ضربت في السادس والعشرين من ديسمبر لعام 2004 كل من دولة الهند (فيها مائة مليون مسلم) و دول إسلامية (إندونيسيا وسيريلانكا) وأوقعت الفيضانات ما يزيد عن 155 ألفا من القتلى غير المشردين (أكثر من مليونين) وتدمير قرى بكاملها، كل هذه الضحايا في دول إسلامية لم يهتز لها ضمير أحد في حزب إخوان الأردن المسلمين بينما بكوا دما نقيا و دموعا حارة على ضحايا إعصار كاترينا الأمريكان الذين لم يتجاوزوا 218 قتيلا (59 في لويزيانا و 152 في مسيسيبي و 7 في فلوريدا)، وهذا دليل على الفهلوة كي يقال للبسطاء من الناس أنهم ينتقدون الإدارة الأمريكية.
اهتمامات تغطي الجهات الأربعة
أولا: فلسطين
من استعراض بيانات إخوان الأردن حول الوضع في مناطق السلطة الفلسطينية، تتأكد أن جبهتهم حزب فلسطيني وليس أردني، فهم يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة في الشأن الفلسطيني، بدليل أن عدد البيانات والتصريحات حول الشأن الفلسطيني بلغت 39 تصريحا في الفترة المذكورة، يكفي ذكر عناوين بعضها وتواريخها كما وردت في صفحتهم الأليكترونية ليعرف القارىء تسلطهم على الوضع الفلسطيني ومسؤوليتهم كما يدّعون عن كافة أموره وتطوراته: (بيان صادر عن الحزب بخصوص تطور الأوضاع في فلسطين المحتلة 2 / 7 / 2007)، (بيان صادر عن الحزب بشأن الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، 18 /6 / 2007)، (بيان صادر عن الحزب في الذكرى الأربعين لنكبة حزيران، 5 / 6 / 2007)، (بيان صادر عن الحزب بشأن الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، 22 / 5 / 2007)، (بيان صادر عن الحزب بشأن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، 24 / 4 / 2007)، (بيان صادر عن لجنة علماء الشريعة في الحزب في حكم الله تعالى بوجوب إعلان الجهاد المقدس والنفير العام لتحرير المسجد الأقصى، 10 / 2 / 2007)، (بيان صادر عن كتلة نواب الحزب حول الاعتداء الصهيوني على المسجد الأقصى المبارك، 7 / 2 / 2007)، (بيان صادر عن الحزب بشأن الأحداث في فلسطين، 29 / 1 / 2007)، (نداء للشعب الفلسطيني لتغليب لغة الحوار، 18 / 12 / 2006)، (بيان صادر عن الحزب بخصوص اختطاف القيادات الفلسطينية، 21 / 8 / 2006)، (بيان صادر عن الحزب بمناسبة المستجدات على الساحة الفلسطينية، 17 / 7 / 2005)،(تصريح صادر عن الحزب بخصوص تصريحات محمود عباس حول قضية اللاجئين،9 / 3 / 2005)، (تصريح صحفي صادر عن الحزب بشأن الصراع الدائر في السلطة الفلسطينية، 25 /7 / 2004). (تصريح صحفي بشأن تجميد أية معاملات مالية لقادة حماس،16 / 9 / 2003). (بيان في الذكرى العاشرة لاتفاقية أوسلو، 52 / 02 / 2003). وتكفي هذه النماذج من بيانات وتصريحات حزب جبهة إخوان الأردن كي يتأكد القارىء والمتابع حرصهم وغيرتهم على القضية الفلسطينية، فلا أعتقد أن هناك حزبا عربيا من المحيط إلى الخليج تفرغ كل هذا الوقت لإصدار بيانات وتصريحات متتالية في كل ما يهم الشعب الفلسطيني إلى حد أنني تخيلت أن اسمه (حزب جبهة الخلاص الإسلامي في القطاع والضفة).
ثانيا: العراق
وقد كان للعراق نصيب صدّام (على غرار نصيب الأسد) أيضا من تصريحات وبيانات حزب إخوان الأردن، فقد بلغت في الفترة المذكورة (36) بيانا وتصريحا، يتصدرها أو على رأسها (بيان صادر عن الحزب بمناسبة إعدام الرئيس العراقي صدام حسين، 1 / 1 / 2007)، و (بيان صادر عن رئيس لجنة العلماء في الحزب بوجوب تحرك الأمة العربية والإسلامية لنصرة الإمام المجاهد الشيخ حارث الضاري شيخ علماء السنّة في العراق ورئيس هيئة العلماء ومن كبار العلماء المشهود لهم بالفضل والعلم والجهاد والغيرة على دين الله في العالم الإسلامي، 18 / 11 / 2006)، وسوف تدوخ الأمة العربية والإسلامية وهي تتحرك حسب أوامر الحزب، ولن يبقى عندها وقت لأي عمل سوى التحرك، أما ما نوع هذا التحرك فهو غير واضح في بيانات الحزب، وربما هناك مذكرات سرية حسب خصوصيات كل دولة عربية وإسلامية. وحسب ملاحقة الحزب لكافة نواحي العراقية كما في فلسطين فقد غطت بياناته كل صغيرة وكبيرة ورذيلة في الشأن العراقي من الانتخابات و الفلوجة الصامدة وخطف السائقين الأردنيين وتفجيرات المساجد وعدة بيانات بشأن تطورات الأوضاع في العراق شهريا بمعدل بيانين أو ثلاثة.
ثالثا: موريتانيا والنيجروباكستان وتايلند ولندن واسبانيا وتركيا وفرنسا
وهنا أيضا لست بصدد نكتة أو (مزحة بايخة) ولكنها الحقيقة اعتمادا على وثائقهم فإخوان الأردن لم ينسوا الشقيقة موريتانيا والصديقات النيجر وباكستان وتركيا وباقي الدول المذكورة من حسنات بياناتهم وتصريحاتهم، فلديهم (مذكرة إلى رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية في موريتانيا، 15 / 8 / 2005)، و (رسالة إلى الرئيس الموريتاني تطالب بالإفراج عن الشيخ محمد ولد الحسن وإخوانه،27 / 6 / 2005)، و (رسالة الأمين العام للحزب للرئيس الموريتاني بخصوص إعادة اعتقال أحمد ولد داده رئيس تكتل القوى الديمقراطية وعدد من رموز المعارضة، 14 / 1 / 2005)، و (رسالة الأمين العام للحزب لرئيس وزراء مملكة تايلند بخصوص وفاة 85 مسلما على أيدي قوات الأمن التايلندية، 1 / 11 / 2004)، و(مذكرة لأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي لحث الدول الإسلامية على مساعدة شعب النيجر، 13 / 6 / 2005)، و (مذكرة للرئيس الباكستاني بخصوص الإعلان عن قرب إقامة علاقات بين باكستان وإسرائيل، 6 / 9 / 2005) و (تصريح صحفي صادر عن الحزب بشأن الإعلان عن علاقات بين باكستان والكيان الصهيوني، 3 / 9 / 2005) و(رسالة الأمين العام للحزب إلى عمدة لندن، 7 / 3 / 2005)، و(رسالة لرئيس وزراء مملكة أسبانيا بخصوص الإفراج عن الصحفي تيسير علوني، 19 / 2 / 2005)، و (رسالة للسيد خافيير سولانا رئيس المفوضية الأوربية، 2 / 3 / 2004)، و (رسالة إلى رئيس وزراء تركيا بخصوص تطور العلاقات بين الحكومة التركية والكيان الصهيوني المغتصب، 28 / 12 / 2003)، و (رسالة إلى الرئيس جاك شيراك رئيس الجمهورية الفرنسية بخصوص قانون حظر الحجاب، 24 / 12 / 2003).
رابعا: لبنان
لبنان الشقيق أيضا نال الحظوة والاهتمام المناسبين في بيانات وتصريحات حزب إخوان الأردن، فمن (بيان صادر عن الحزب يطالب اللبنانيين بتغليب لغة الحوار، 24 / 12 / 2006) إلى (بيان صادر عن كتلة نواب الحزب بشأن العدوان الصهيوني على لبنان، 16 / 7 / 2006)، و(تصريح صحفي صادر عن كتلة نواب الحزب حول تقرير المحقق الدولي ميليس في قضية اغتيال الحريري)، وبهذا الصدد يبدو أن حزب إخوان الأردن قد قام بتحقيقاته اللوجيستية الخاصة في موقع الحدث كي يتمكن من الرد على تقرير المحقق الدولي، و(رسالة إلى الرئيس إميل لحود رئيس الجمهورية اللبنانية بخصوص تحطم طائرة النقل المدني في بنين، 30 /12 / 2003)و (رسالة تعزية إلى السيد حسن نصر الله أمسن عام حزب الله باستشهاد المجاهد غالب محمد عوالي، 20 / 7 / 2004)، وغيرها العديد تغطي كافة أوجه الحياة اللبنانية الرسمية والشعبية من الموالاة إلى المعارضة.
خامسا: النداءات العامة
من الأمور الطريفة التي تدلّ على شمولية وعولمة اهتمامات حزب إخوان الأردن، أنهم لم ينسوا أو يتجاهلوا أية شريحة مهنية في العالم أجمع بدليل (نداء إلى الأئمة والخطباء والدعاة بشأن العراق، 25 / 3 / 2003)، و (نداء إلى الإعلاميين الشرفاء في الوطن العربي والإسلامي، 24 / 3 / 2003)، و (تصريح صحفي بخصوص جملة من القضايا الوطنية والعربية، 19 / 7 / 2004)، و(نداء إلى السادة العلماء والمراجع الفضلاء، 4 / 10 / 2004)، و (رسالة الأمين العام للحزب إلى ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية بشأن تهديدات الاحتلال للفلوجة والرمادي، 6 / 11 / 2004)، و (مذكرة إلى كل من وزارة الخارجية، الأمم المتحدة، الجامعة العربية، منظمة المؤتمر الإسلامي بخصوص معاناة الفلسطينيين في العراق، 18 / 5 / 2005)، و (رسالة الأمين العام للحزب إلى كوفي عنان بخصوص قرار مجلس الأمن1593، 5 / 4 / 2005).
النتيجة المستخلصة
ماذا يستطيع المراقب الموضوعي المحايد أن يستنتج سوى أن حزب الإخوان المسلمين في الأردن لا وظيفة له سوى إصدار البيانات والتصريحات والنداءات الموجهة لكافة دول العالم وفعالياته ومنظماته، لأن هذا الحزب يعتقد غرورا وجهلا أن كافة دول العالم لا ينام مسؤولوها قبل أن يعرفوا ماذا أصدر هذا الحزب لهم وماذا يريد منهم؟. إن حزبا بهذا الغرور والعمل الخطابي فقط لا يمكن أن يعدو كونه (ظاهرة صوتية)، وهذه سمة غالبية الأحزاب والتنظيمات التي تدّعي الخلفية الإسلامية، لأن هذا الإدّعاء يجعلهم يتصورون أنهم فعلا وكلاء الله تعالى في الأرض، وبالتالي فمن حقهم وواجبهم إصدار التصريحات والتعليمات والتوجيهات لجميع من هم في الكرة الأرضية دولا وحكومات ورؤساء ومنظمات كما رصدّنا من تصريحاتهم وبياناتهم، وما على الآخرين سوى السمع والطاعة، و هكذا أحزاب لن تعتمد في بلدها سوى نفس الظاهرة الصوتية لتبقى في الصورة الإعلامية والفضائية ولا نتوقع منها خيرا لبلادها، لأن نظرتها الشمولية الطاغية لا تعترف بالآخر مطلقا فهي فقط الحق وغيرها الضلال، وإذا كانت هذه مقومات وأعمال الأحزاب فيستطيع أي كاتب أو صحفي أن يتفرغ لإصدار هكذا بيانات وتصريحات ويصبح أمينا عاما مشهورا لحزب على الورق، المهم الذكاء في اختيار الاسم بصبغة أو صفة إسلامية.
[email protected]
(الدراسة القادمة حول بيانات وتصريحات إخوان الأردن بشأن الوضع الداخلي الأردني)
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات