ثقافتان، في مئوية الجامعة المصرية (1-2) |
وحين يأسر العقلrlm;،rlm; ويعجز الانسان عن استخدامه، لن يبقي أمامه غير اللجوء للغيبيات والخرافاتrlm;.rlm; وهنا فقط تنتعش ثقافة المتغيرات، التي تحول دون قيام أية ثقافة للتغيير، عن طريق نشر الدروشة والخدر العقلي والتبعية.
ويبدو أن وراء هذا النوع من الثقافة rlm;،rlm; صناع مهرة ماكرينrlm;،rlm; يجدلون السحر بالمنطقrlm;،rlm; واللامعقول بالمعقولrlm;، والأسطورة بالعلمrlm;.rlm; ويوظفون الميديا بإستخدام أساليب مبتكرة ومستويات متقدمة، اننا لا نشهد قلبا للحقائقrlm; فقط، وخلط الثابت بالمتغير، والمقدس بالمدنس، والسماوي بالأرضي، فحسب، وإنما نتحول إلي متواطئين بفعل الصمت والعزل التكنولوجيrlm;.rlm;
وقد تطلب ذلك إحداث تغيير أساسي في مهمة اللغة أيضاrlm;، فإذا كانت اللغة، حسب أرنست كاسيرر، قد حققت حتي الآنrlm;، مهمتين مختلفتين عبر التاريخrlm;:rlm; المهمة الدلالية للكلمة، والمهمة السحرية لهاrlm;، حيث أنه بدون المهمة الدلالية للكلمة يصعب أن يتحقق الكلام أو التنوير أو التواصل الإنسانيrlm;.rlm; بينما تبدو المهمة السحرية للكلمة غامضة بعض الشيءrlm;، لأنها لا تصف الأشياءrlm;، ولا العلاقات بين الأشياءrlm;،rlm; بل تحاول إحداث أثر معين وتغيير في الاتجاهrlm;.rlm;
هكذا أصبح للمفهوم السحري للكلمة الصدارة علي المفهوم الدلالي في ثقافة المتغيراتrlm;، حيث صكت كلمات جديده، لتغييب العقل وإظلامه، وأصبحت الكلمة القديمة تستخدم للدلالة علي معان جديدةrlm;، كما حدث تغيير كبير في أغراض دلالية ووصفية ومنطقية من أجل إحداث أثار معينة لتحريك انفعالات معينة..... وهكذا أصبح كثير ممن يقومون بالتدريس في مؤسساتنا التعليمية والأكاديمية، quot;دعاةquot; وليسوا quot;أساتذةquot;، كما يقول صديقي الدكتور حمزة بن قبلان المزيني.rlm;
لقد وظفت ثقافة المتغيرات، من أجل تغيير الناس حتي تستطيع تنظيم أفعالهم والتحكم فيهاrlm;.rlm; فهي أشبه بالحية التي تحاول شل فريستها قبل أن تفترسهاrlm;.rlm; والناس يقعون في أسرها في البداية دون أن يظهروا أية مقاومة جادة لها rlm; إنهم يتعرضون للهزيمة قبل أن يدركوا ما حدث بالفعلrlm;.rlm;
بيد أن ما يجعل الناس يتصرفون ككائنات حرة - وفقا لكانط أيضا - ليس تمتعهم بالحرية التي لا تتقيد بأي قيدrlm;، بل ان ما يجعل العقل يتصف بالحرية ليس خلوه من الدافعrlm;،rlm; بل طابع هذه الدوافعrlm;.rlm; فالحرية مساوية للإستقلال الذاتي rlm;.rlm; وهي لا تعني الفوضي وإنما تعني نوعا خاصا من الحتمية، هو عدم فرض القانون الذي نتبعه في أفعالنا من الخارج rlm;.rlm; فالذات الأخلاقية هي التي تصنع القانون لذاتهاrlm;.rlm;
ومع ذلكrlm;،rlm; يجب الحذر من إساءة فهم أساسية، وهي أن الحرية ليست حقيقة ولكنها مسلمة، إنها ليست موهبة أنعم بها علي البشرrlm;،rlm; ولكنها بالأحري واجب.rlm; وهو أصعب واجب يستطيع أي إنسان أن يقوم به rlm;.rlm; فهو ليس من المعطيات وإنما هو مطلب وأمر أخلاقي جازمrlm;.rlm; وتزداد بوجه خاص صعوبة تحقيق هذا المطلب في أوقات الأزمات الحقيقية rlm;.rlm; ففي هذه الأوقات يتجه الفرد إلي عدم الوثوق في قدراتهrlm;.rlm;
وبإختصارrlm;، فإن الحرية ليست ملكة موروثة عند الإنسانrlm;.rlm; وإذا أردنا التمتع بها علينا أن نوجدهاrlm;.rlm; ولو ترك الإنسان لإتباع غرائزه الطبيعية، فإنه لن يكافح من أجل الحرية، بل لعله يختار حينئذ التبعية.
وكأن هناك اقترانا شرطيا بين ثقافة التغيير - التي ناضل من أجلها طه حسين - والحرية والتقدم من ناحية، وبين ثقافة المتغيرات ndash; التي دأب علي تكريسها من حاكموه ndash; والتبعية والتخلف من ناحية أخريrlm;.rlm; فالاعتماد علي الآخرين في التفكير والحكم والتصميم أهون من الاعتماد علي النفسrlm;.rlm; وهذا يفسر لماذا كثيرا ما ينظر إلي الحرية في حياة الأفراد والحياة السياسية علي أنها عبء أكثر منها امتيازاrlm;، بل ان الإنسان يحاول أن يتخفف من هذا العبء في الظروف البالغة الشدة. وهو ما يكشف عن حجم وعمق المسئولية الملقاة علي أحفاد طه حسين اليوم، والدور المنتظر والمأمول للجامعة المصرية في مئويتها الثانية.
أستاذ الفلسفة جامعة عين شمس
[email protected]
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات