نشرت الصحف في ١٢ مايو نبأ حول قرار رئيس الوزراء بتشكيل لجنة حكوميةrlm;، تختص بوضع خطة الإعداد لملف مصر الذي سيتم استعراضه أمام آلية المراجعة الدورية لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدةrlm;.rlm; وتضم اللجنة ممثلين عن وزارات الخارجيةrlm; والعدلrlm;rlm; والداخليةrlm;rlm; والإعلامrlm;rlm; والتضامن الاجتماعيrlm; والقوي العاملة والهجرةrlm;rlm; والأسرة والسكانrlm; وكذلك النيابة العامةrlm;rlm; والمخابرات العامةrlm;rlm; والمجلس القومي للطفولة والأمومةrlm; والمجلس القومي للمرأةrlm; والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاءrlm;rlm;. وستبدأ اللجنة بعقد سلسلة من الاجتماعات مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية ومؤسسات حقوق الانسان تمهيدا لإعداد التقرير الحكومي عن حالة حقوق الانسان في مصرrlm;، والمقرر مناقشته أمام المجلس الدولي لحقوق الانسان في فبراير المقبلrlm;،rlm; ولإعداد ملف شامل عن تطبيق مصر لتعهداتها التي قدمتها للفوز بعضوية المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتزاماتها بالاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها في مجال حقوق الإنسان والمرأة والإنسان للانتهاء منه في سبتمبر المقبل كموعد نهائي لتقديم الملفrlm;.rlm;
كم نشفق على حكومتنا العزيزة في مأزقها الذي يشبه وضع تلميذ لم يفتح كتابا طوال العام الدراسي ثم تذكر فجأة أن الامتحان على الأبواب، وأنه عند الامتحان (ما لم تتوفر laquo;الآليات المناسبةraquo;) قد يُكرم المرء أو يهان، فقد انتُخبت لعضوية مجلس حقوق الإنسان في أبريل ٢٠٠٧ لفترة ثلاث سنوات قاربت على الانتهاء بدون تقدم يذكر في هذا المجال...
وفي محاولة مخلصة لتقديم مساعدة ـ لم يطلبها أحد ـ نعود إلى موضوع الرسالة التي بعثت في ١٨ يوليو ٢٠٠٨ من مكتب وزير الخارجية المصري laquo;بالفاكسraquo; إلى وزارة خارجية إحدى دول وسط أوروبا بشأن استفسارات الأخيرة حول أوضاع الأقباط. وكنا قد تعرضنا للجزء الخاص ببناء الكنائس من تلك الرسالة، ووعدنا بمراجعة بقيتها لكن ـ وبصراحة ـ فإن حالة الزهق والقرف من أساليب حكومتنا العزيزة جعلتنا نتناسى هذا الوعد. إلا أن الخبر أعلاه يحفزنا على العودة إليه، وها نحن نتقدم بنصيحة واحدة خالصة مخلصة: ألا تضيع الحكومة، ولجنتها الفخيمة، الوقت والجهد في اتباع نفس الأسلوب التفانيني التلفيقي الذي سبق اتباعه في تلك الرسالة. وإن لم تكن مصر قد أوفت بأي من التزاماتها التي تعهدت بها عند انتخابها (أبريل ٢٠٠٧) لعضوية مجلس حقوق الإنسان (والتي راجعناها آنئذ في مقال بعنوان laquo;تعهدات مصر لدخول مجلس حقوق الإنسان: برنامج انتخابي أجوف؟raquo; في سبتمبر ٢٠٠٧) فعليها أن تسارع بتنفيذ عدد من الخطوات الحقيقية العاجلة في مجال حقوق الإنسان. [ولعلها تنتهز الفرصة لتوقف مذبحتها الهمجية ضد الخنازير (laquo;النجسةraquo;!) ولتشرح للعالم ـ المندهش ـ أسباب وجذور الوحشية السادية التي نفذت بها المذبحة حتى الآن].
وإن استحال كل ذلك لضيق الوقت و/أو انعدام الإرادة السياسية، فالمطلوب هو التحلي بقليل من الصدق، والإقرار بأنها لم تذاكر الدرس أو توفي بالالتزام، بدلا من التفنن في إنكار الواقع واختلاق الأوهام؛ فعلى الأقل ستكتسب الحكومة المصرية بعضا من المصداقية مما قد يجعل رصيدها يقترب قليلا من الصفر (بدلا من كونه بالسالب).
كم نشفق على حكومتنا العزيزة في مأزقها الذي يشبه وضع تلميذ لم يفتح كتابا طوال العام الدراسي ثم تذكر فجأة أن الامتحان على الأبواب، وأنه عند الامتحان (ما لم تتوفر laquo;الآليات المناسبةraquo;) قد يُكرم المرء أو يهان، فقد انتُخبت لعضوية مجلس حقوق الإنسان في أبريل ٢٠٠٧ لفترة ثلاث سنوات قاربت على الانتهاء بدون تقدم يذكر في هذا المجال...
وفي محاولة مخلصة لتقديم مساعدة ـ لم يطلبها أحد ـ نعود إلى موضوع الرسالة التي بعثت في ١٨ يوليو ٢٠٠٨ من مكتب وزير الخارجية المصري laquo;بالفاكسraquo; إلى وزارة خارجية إحدى دول وسط أوروبا بشأن استفسارات الأخيرة حول أوضاع الأقباط. وكنا قد تعرضنا للجزء الخاص ببناء الكنائس من تلك الرسالة، ووعدنا بمراجعة بقيتها لكن ـ وبصراحة ـ فإن حالة الزهق والقرف من أساليب حكومتنا العزيزة جعلتنا نتناسى هذا الوعد. إلا أن الخبر أعلاه يحفزنا على العودة إليه، وها نحن نتقدم بنصيحة واحدة خالصة مخلصة: ألا تضيع الحكومة، ولجنتها الفخيمة، الوقت والجهد في اتباع نفس الأسلوب التفانيني التلفيقي الذي سبق اتباعه في تلك الرسالة. وإن لم تكن مصر قد أوفت بأي من التزاماتها التي تعهدت بها عند انتخابها (أبريل ٢٠٠٧) لعضوية مجلس حقوق الإنسان (والتي راجعناها آنئذ في مقال بعنوان laquo;تعهدات مصر لدخول مجلس حقوق الإنسان: برنامج انتخابي أجوف؟raquo; في سبتمبر ٢٠٠٧) فعليها أن تسارع بتنفيذ عدد من الخطوات الحقيقية العاجلة في مجال حقوق الإنسان. [ولعلها تنتهز الفرصة لتوقف مذبحتها الهمجية ضد الخنازير (laquo;النجسةraquo;!) ولتشرح للعالم ـ المندهش ـ أسباب وجذور الوحشية السادية التي نفذت بها المذبحة حتى الآن].
وإن استحال كل ذلك لضيق الوقت و/أو انعدام الإرادة السياسية، فالمطلوب هو التحلي بقليل من الصدق، والإقرار بأنها لم تذاكر الدرس أو توفي بالالتزام، بدلا من التفنن في إنكار الواقع واختلاق الأوهام؛ فعلى الأقل ستكتسب الحكومة المصرية بعضا من المصداقية مما قد يجعل رصيدها يقترب قليلا من الصفر (بدلا من كونه بالسالب).
***
نعود لرسالة الخارجية المصرية لننشر ما تبقى منها. ولن نسهب في التعليق عليها منعا للتكرار فقد كُتب عن هذه الأمور في السابق ما يكفي ويزيد.
تحت عنوان: laquo;الدستور والإطار القانونيraquo;، يقول الخطاب:
[[١ـ ترقية (تشجيع) وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية مرسخة في الدستور المصري الذي ينص بصورة قاطعة على أن كل المواطنين يتمتعون بحقوق وواجبات متساوية بدون أي تمييز على أي أساس. بل إن الدستور يدعم حرية الاعتقاد وحق الفرد في ممارسة ديانته أو ديانتها. وزيادة على ذلك، فإن قانون العقوبات المصري يحمي ممارسة كل المواطنين لديانتهم، وكل الرموز الدينية، ويعاقب أي شخص يحاول معاوقة ممارسة الشعائر لأي جماعة أو يزدري بأي دين.
٢ـ هذه المبادئ مرسخة في المادة ٤٠ من الدستور التي تنص laquo;المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدةraquo;، والمادة ٤٦ التي تنص: laquo;تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينيةraquo;.
٣ـ القضاء المصري ضامن لاحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك الحرية الدينية، في مصر. وهو فرع مستقل للحكم، أناط به الدستور حماية حقوق كافة المواطنين. ويجري بصفة مستمرة تدريب القضاة ووكلاء النيابة وضباط الشرطة للتأكد من أنهم على دراية تامة بالمبادئ والممارسات المتعلقة بحقوق الإنسان]].
>>> ما أورده الخطاب من نصوص دستورية صحيح، ويسرنا أن يتذكرها! لكن (وآه من لكن!) هل laquo;تكفلraquo; الدولة حقا حرية laquo;العقيدةraquo; وحرية laquo;ممارسةraquo; الشعائر الدينية بالنسبة لغير المسلمين؟
لا شك أن laquo;حرية العقيدةraquo; متاحة ومكفولة تماما ـ في اتجاه واحد فقط! والقضاء (الإداري) المصري يتعامل مع تلك الحرية في نطاق المادة الثانية من الدستور (التي يُفتَرض أنها موجهة للمشرع...). ومن البديهي أن نتساءل هنا: كيف تتفق كفالة تلك الحرية مع قيام لجنتي laquo;الأمن القوميraquo; (!!) والشئون الدينية بمجلس الشعب بإعداد مشروع قانون لتجريم البهائية؟ وحتى لو لم يصدر مثل هذا القانون، فمجرد التفكير فيه فهو فضيحة تكشف مفهوم laquo;حرية العقيدةraquo; في عرف الهيئة التشريعية للبلاد.
أما مادة laquo;الازدراء بالأديانraquo; في قانون العقوبات، فهل حدث أن طبقت إلا على من يتهمون بالتجاسر ضد الإسلام بينما الديانات الأخرى يجري تجريحها ومرمطتها عيانا بيانا، بما في ذلك عبر أجهزة الدولة الإعلامية والتعليمية؟؟؟
هل يتحدث الخطاب عن مصر أم عن بلد آخر؟ وما معنى النصوص الدستورية؟ أم أن أساس المشكلة يكمن في الدستور laquo;الشيزوفرانيraquo; الذي يقول الشئ ونقيضه.
نعود لرسالة الخارجية المصرية لننشر ما تبقى منها. ولن نسهب في التعليق عليها منعا للتكرار فقد كُتب عن هذه الأمور في السابق ما يكفي ويزيد.
تحت عنوان: laquo;الدستور والإطار القانونيraquo;، يقول الخطاب:
[[١ـ ترقية (تشجيع) وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية مرسخة في الدستور المصري الذي ينص بصورة قاطعة على أن كل المواطنين يتمتعون بحقوق وواجبات متساوية بدون أي تمييز على أي أساس. بل إن الدستور يدعم حرية الاعتقاد وحق الفرد في ممارسة ديانته أو ديانتها. وزيادة على ذلك، فإن قانون العقوبات المصري يحمي ممارسة كل المواطنين لديانتهم، وكل الرموز الدينية، ويعاقب أي شخص يحاول معاوقة ممارسة الشعائر لأي جماعة أو يزدري بأي دين.
٢ـ هذه المبادئ مرسخة في المادة ٤٠ من الدستور التي تنص laquo;المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدةraquo;، والمادة ٤٦ التي تنص: laquo;تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينيةraquo;.
٣ـ القضاء المصري ضامن لاحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك الحرية الدينية، في مصر. وهو فرع مستقل للحكم، أناط به الدستور حماية حقوق كافة المواطنين. ويجري بصفة مستمرة تدريب القضاة ووكلاء النيابة وضباط الشرطة للتأكد من أنهم على دراية تامة بالمبادئ والممارسات المتعلقة بحقوق الإنسان]].
>>> ما أورده الخطاب من نصوص دستورية صحيح، ويسرنا أن يتذكرها! لكن (وآه من لكن!) هل laquo;تكفلraquo; الدولة حقا حرية laquo;العقيدةraquo; وحرية laquo;ممارسةraquo; الشعائر الدينية بالنسبة لغير المسلمين؟
لا شك أن laquo;حرية العقيدةraquo; متاحة ومكفولة تماما ـ في اتجاه واحد فقط! والقضاء (الإداري) المصري يتعامل مع تلك الحرية في نطاق المادة الثانية من الدستور (التي يُفتَرض أنها موجهة للمشرع...). ومن البديهي أن نتساءل هنا: كيف تتفق كفالة تلك الحرية مع قيام لجنتي laquo;الأمن القوميraquo; (!!) والشئون الدينية بمجلس الشعب بإعداد مشروع قانون لتجريم البهائية؟ وحتى لو لم يصدر مثل هذا القانون، فمجرد التفكير فيه فهو فضيحة تكشف مفهوم laquo;حرية العقيدةraquo; في عرف الهيئة التشريعية للبلاد.
أما مادة laquo;الازدراء بالأديانraquo; في قانون العقوبات، فهل حدث أن طبقت إلا على من يتهمون بالتجاسر ضد الإسلام بينما الديانات الأخرى يجري تجريحها ومرمطتها عيانا بيانا، بما في ذلك عبر أجهزة الدولة الإعلامية والتعليمية؟؟؟
هل يتحدث الخطاب عن مصر أم عن بلد آخر؟ وما معنى النصوص الدستورية؟ أم أن أساس المشكلة يكمن في الدستور laquo;الشيزوفرانيraquo; الذي يقول الشئ ونقيضه.
***
تحت عنوان: laquo;جهود علي المستوي القومي لمزيد من تعميق حقوق الأقباط المسيحيين المصريينraquo; يقول خطاب الحكومة:
[[١ـ الأقباط المسيحيون هم جزء لا يتجزأ من المجتمع المصري. المصريون جميعا بغض النظر عن الدين لهم نفس الحقوق والواجبات طبقا للدستور والقوانين المصرية. كما سبق أن ذكرنا، يحظر الدستور المصري التمييز لأي سبب، بما في ذلك الدين، وكل المواطنين لهم الحق في ممارسة عقيدتهم.
٢ـ من المؤسف أن بعض التعليقات بشأن موضوع الحرية الدينية في مصر اتجهت لتعميم حوادث متناثرة تجري في مصر وتقدمها على أنها دليل على نسق ممنهج ومؤمسس. وقد تم بطريق عملية إثبات أن العديد من هذه الحوادث أو الادعاءات غير صحيحة أو أن الخلفية الاجتماعية التي حدثت فيها لم تبحث. وفي الغالب، فقد كانت الحوادث نتيجة عوامل غير دينية، بينما أضيف العامل الديني فيما بعد بقصد تهييج العواطف. إضافة لذلك، فيبدو أن خطوات اتخذت بواسطة الحكومة لمعالجة مثل هذه الحالات قد أهملت عمدا برغم الإجراءات المختلفة التي اتخذت والتقدم الذي حدث، سواء على المستوى الاجتماعي أو القانوني أو الاقتصادي أو السياسي أو في اتجاه نشر ثقافة التسامح الديني]].
>>> من الصحيح تماما أن الأقباط هم laquo;جزء لا يتجزأ من المجتمع المصريraquo; ـ على الأقل هذا ما يعتبرونه هم أنفسهم! لكن، وهنا المفارقة الحادة، فإنه يجري التمييز ضدهم بسبب هويتهم الدينية المختلفة، وهناك العشرات من الأدلة الدامغة الحاسمة على ذلك فلا داعي للمكابرة.
ومن المذهل أن يقوم الخطاب الحكومي بتوصيف المسائل الجذرية المتعلقة بحرية العقيدة على أنها laquo;حوادث متناثرةraquo; وينكر أنها انعكاس لوضع ممنهج وممأسس، الحكومة هي المسئول الأول عنه. صحيح أن حوادث الاعتداء الطائفي قد لا تأخذ شكل laquo;هجوم عامraquo; لكنها تتكرر بصورة مستمرة حتى أصبحت ـ في أقل القليل ـ مصدرا laquo;للقلق العميقraquo; (!). والأخطر، هو أن معظمها يرتبط باتهام أناس بأنهم يقومون بأفعال laquo;غير قانونيةraquo; مثل بناء كنيسة بدون ترخيص، أو تحويل مبنى إلى مكان عبادة بدون ترخيص، أو حتى الصلاة بدون ترخيص (!)، وما يحدث بالتالي من قيام الرعاع والمهيجين بدور الحراس على القانون، والتعدي على الأبرياء.. بمعنى آخر، فإن السياسات التمييزية للدولة (قانونيا وإجرائيا) هي السبب المباشر لحوادث الاعتداء. زد على ذلك مواقف أجهزة الأمن والإدارة التي تتراوح بين التهاون والتواطؤ وغالبا ما تساوي بين المعتدي والضحية. وفي الأغلبية الساحقة من الحالات لا يوجد متهمون لأن أجهزة الأمن laquo;تعجزraquo; عن العثور عليهم؛ وإن وُجدوا لا يُحاكمون (راجع جلسات الابتزاز البدوية التي يطلق عيها laquo;الصلح العرفيraquo;)؛ وإن حوكموا برأتهم المحاكم laquo;لضعف الدليل (الذي تقدمه أجهزة الأمن)raquo;.
***
تحت نفس العنوان السابق، يستمر الخطاب فيقول:
[[٣ـ ولهذا الهدف، فإن الحكومة المصرية قد اتخذت عديدا من الإجراءات المحددة في السنوات الأخيرة للتأكد من أن الأقباط المسيحيين يتمتعون بالكامل بحقوقهم المكفولة دستوريا. وهذه تشمل:
أ ـ تسهيل الإجراءات التي تنظم بناء وتجديد وإصلاح الكنائس: صدر قرار جمهوري في ٢٠٠٥ يعطي سلطة إصدار تصاريح إصلاح وتجديد الكنائس إلى المحافظين الذين عليهم أن يقرروا خلال ٣٠ يوما من تاريخ استلام الطلب. كما أن الحكومة هي حاليا بصدد دراسة مشروع قانون موحد لبناء دور العبادة كان قد اقترحه المجلس القومي لحقوق الإنسان]].
>>> تعرضنا في المقال السابق لموضوع الكنائس ـ ونكرر فقط أن النقطة الجوهرية التي يتجاهلها الخطاب عمدا هي أن الكنائس يتم التعامل معها بصورة مختلفة جذريا عن المساجد. وهذا الوضع الذي يتنافي مع أبسط بديهيات الدولة الحديثة يستمد جذوره من الوضعية الذمية التاريخية التي تكرسها المادة الثانية من الدستور. إذن فأي كلام عن laquo;التمتع بالكامل بحقوقهم الدستوريةraquo; هو لغو بلا معنى.
أما موضوع laquo;القانون الموحدraquo;، فحتى متى ستظل الحكومة laquo;تدرسهraquo; يا تري؟ ونكرر قناعتنا بأنه محضُ سراب لا يروي عطشا ووهمٌ لا يقنع عقلا. ولعل ما ذكره أحد كتبة الحكومة مؤخرا (روز اليوسف ١٠ أبريل) في هذا الصدد، من أن laquo;الحكومة اتبعت سياسة حكيمة تسمح ببناء وترميم الكنائس ولكنها تحافظ على السلام الاجتماعي بين عنصري الأمة حتي لا يتحول الأمر إلى حرب بناء الكنائس والمساجدraquo;، يفضح تماما النية بعدم إصدار القانون المزعوم، كما يفضح العقلية التي تسود أجهزة الدولة في معالجة الموضوع. ولعلنا نلفت نظر الخائفين من laquo;الانفلاتraquo; في بناء الكنائس ـ في حالة أن يصبح البناء حقا مباحا! ـ إلى أن الأقباط الذين يعيشون في كافة دول العالم الحر والمتحضر، حيث لا توجد قيود، لا يبنون إلا بالكاد ما يحتاجونه ولا يدخلون في حروب أو منافسة مع أحد.
***
وبعد هذا كله وجد كتبة الخطاب الحكومي الموجه للفرنجة laquo;برود الأعصابraquo; الذي يتيح لهم الكلام عن laquo;الحقوق الدستوريةraquo; المكفولة. وهنا نحتاج لوقفة ضرورية لتهدئة الأعصاب قبل أن نستكمل عرض أقاويل الحكومة المصرية في مقال قادم.
تحت عنوان: laquo;جهود علي المستوي القومي لمزيد من تعميق حقوق الأقباط المسيحيين المصريينraquo; يقول خطاب الحكومة:
[[١ـ الأقباط المسيحيون هم جزء لا يتجزأ من المجتمع المصري. المصريون جميعا بغض النظر عن الدين لهم نفس الحقوق والواجبات طبقا للدستور والقوانين المصرية. كما سبق أن ذكرنا، يحظر الدستور المصري التمييز لأي سبب، بما في ذلك الدين، وكل المواطنين لهم الحق في ممارسة عقيدتهم.
٢ـ من المؤسف أن بعض التعليقات بشأن موضوع الحرية الدينية في مصر اتجهت لتعميم حوادث متناثرة تجري في مصر وتقدمها على أنها دليل على نسق ممنهج ومؤمسس. وقد تم بطريق عملية إثبات أن العديد من هذه الحوادث أو الادعاءات غير صحيحة أو أن الخلفية الاجتماعية التي حدثت فيها لم تبحث. وفي الغالب، فقد كانت الحوادث نتيجة عوامل غير دينية، بينما أضيف العامل الديني فيما بعد بقصد تهييج العواطف. إضافة لذلك، فيبدو أن خطوات اتخذت بواسطة الحكومة لمعالجة مثل هذه الحالات قد أهملت عمدا برغم الإجراءات المختلفة التي اتخذت والتقدم الذي حدث، سواء على المستوى الاجتماعي أو القانوني أو الاقتصادي أو السياسي أو في اتجاه نشر ثقافة التسامح الديني]].
>>> من الصحيح تماما أن الأقباط هم laquo;جزء لا يتجزأ من المجتمع المصريraquo; ـ على الأقل هذا ما يعتبرونه هم أنفسهم! لكن، وهنا المفارقة الحادة، فإنه يجري التمييز ضدهم بسبب هويتهم الدينية المختلفة، وهناك العشرات من الأدلة الدامغة الحاسمة على ذلك فلا داعي للمكابرة.
ومن المذهل أن يقوم الخطاب الحكومي بتوصيف المسائل الجذرية المتعلقة بحرية العقيدة على أنها laquo;حوادث متناثرةraquo; وينكر أنها انعكاس لوضع ممنهج وممأسس، الحكومة هي المسئول الأول عنه. صحيح أن حوادث الاعتداء الطائفي قد لا تأخذ شكل laquo;هجوم عامraquo; لكنها تتكرر بصورة مستمرة حتى أصبحت ـ في أقل القليل ـ مصدرا laquo;للقلق العميقraquo; (!). والأخطر، هو أن معظمها يرتبط باتهام أناس بأنهم يقومون بأفعال laquo;غير قانونيةraquo; مثل بناء كنيسة بدون ترخيص، أو تحويل مبنى إلى مكان عبادة بدون ترخيص، أو حتى الصلاة بدون ترخيص (!)، وما يحدث بالتالي من قيام الرعاع والمهيجين بدور الحراس على القانون، والتعدي على الأبرياء.. بمعنى آخر، فإن السياسات التمييزية للدولة (قانونيا وإجرائيا) هي السبب المباشر لحوادث الاعتداء. زد على ذلك مواقف أجهزة الأمن والإدارة التي تتراوح بين التهاون والتواطؤ وغالبا ما تساوي بين المعتدي والضحية. وفي الأغلبية الساحقة من الحالات لا يوجد متهمون لأن أجهزة الأمن laquo;تعجزraquo; عن العثور عليهم؛ وإن وُجدوا لا يُحاكمون (راجع جلسات الابتزاز البدوية التي يطلق عيها laquo;الصلح العرفيraquo;)؛ وإن حوكموا برأتهم المحاكم laquo;لضعف الدليل (الذي تقدمه أجهزة الأمن)raquo;.
***
تحت نفس العنوان السابق، يستمر الخطاب فيقول:
[[٣ـ ولهذا الهدف، فإن الحكومة المصرية قد اتخذت عديدا من الإجراءات المحددة في السنوات الأخيرة للتأكد من أن الأقباط المسيحيين يتمتعون بالكامل بحقوقهم المكفولة دستوريا. وهذه تشمل:
أ ـ تسهيل الإجراءات التي تنظم بناء وتجديد وإصلاح الكنائس: صدر قرار جمهوري في ٢٠٠٥ يعطي سلطة إصدار تصاريح إصلاح وتجديد الكنائس إلى المحافظين الذين عليهم أن يقرروا خلال ٣٠ يوما من تاريخ استلام الطلب. كما أن الحكومة هي حاليا بصدد دراسة مشروع قانون موحد لبناء دور العبادة كان قد اقترحه المجلس القومي لحقوق الإنسان]].
>>> تعرضنا في المقال السابق لموضوع الكنائس ـ ونكرر فقط أن النقطة الجوهرية التي يتجاهلها الخطاب عمدا هي أن الكنائس يتم التعامل معها بصورة مختلفة جذريا عن المساجد. وهذا الوضع الذي يتنافي مع أبسط بديهيات الدولة الحديثة يستمد جذوره من الوضعية الذمية التاريخية التي تكرسها المادة الثانية من الدستور. إذن فأي كلام عن laquo;التمتع بالكامل بحقوقهم الدستوريةraquo; هو لغو بلا معنى.
أما موضوع laquo;القانون الموحدraquo;، فحتى متى ستظل الحكومة laquo;تدرسهraquo; يا تري؟ ونكرر قناعتنا بأنه محضُ سراب لا يروي عطشا ووهمٌ لا يقنع عقلا. ولعل ما ذكره أحد كتبة الحكومة مؤخرا (روز اليوسف ١٠ أبريل) في هذا الصدد، من أن laquo;الحكومة اتبعت سياسة حكيمة تسمح ببناء وترميم الكنائس ولكنها تحافظ على السلام الاجتماعي بين عنصري الأمة حتي لا يتحول الأمر إلى حرب بناء الكنائس والمساجدraquo;، يفضح تماما النية بعدم إصدار القانون المزعوم، كما يفضح العقلية التي تسود أجهزة الدولة في معالجة الموضوع. ولعلنا نلفت نظر الخائفين من laquo;الانفلاتraquo; في بناء الكنائس ـ في حالة أن يصبح البناء حقا مباحا! ـ إلى أن الأقباط الذين يعيشون في كافة دول العالم الحر والمتحضر، حيث لا توجد قيود، لا يبنون إلا بالكاد ما يحتاجونه ولا يدخلون في حروب أو منافسة مع أحد.
***
وبعد هذا كله وجد كتبة الخطاب الحكومي الموجه للفرنجة laquo;برود الأعصابraquo; الذي يتيح لهم الكلام عن laquo;الحقوق الدستوريةraquo; المكفولة. وهنا نحتاج لوقفة ضرورية لتهدئة الأعصاب قبل أن نستكمل عرض أقاويل الحكومة المصرية في مقال قادم.
التعليقات