بعض مما قاله القذافي في جمعية الأمم المتحدة ليس جنونا، بل عين الحكمة وصدق من قال؛ خذوا الحكمة من أفواه المجانين! ومنه الفصل الذي تحدث فيه عن مجلس الأمن عفوا مجلس الرعب والجريمة!! وحقيقة لو اجتمع أعتى اللصوص في أسوأ كازينو في العالم فإنه لا ينتج نادي للقمار أفضل مما هو حالياً في مجلس الأمن بحق النقض الفيتو.
وهو الذي سعى فيه كوفي عنان أن يغير فيه عبثاً، ومن قبل همرشولد فقتل غيلة في الكونجو؛ فهو مسجد الضرار، من الخارج نادي للعدالة، ومن الداخل ضرارا وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله. وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون.
لذا طلب الله من نبيه ألا يقيم فيه أبداً، ولو كان اسمه مسجداً، وطلب منه هدم هذا البناء الذي لم يعد مسجداً.
وهذه القضية حساسة جدا، يصعب على الكثيرين استيعابها، أن يقوم نبي بهدم مسجد، حتى يقطع الطريق على مجرمين دهاة خبثاء، استخدموا أدوات في غاية المكر، لضرب أنبل قضية، وتخريب أقدس مكان، مما يذكر بمرض الايدز الذي تتسلل فيه وحداته من الفيروسات العكوسة، إلى قلب الخلية، فلا ينفع فيها علاج، وهو الذي حيّر مخابر العالم كلها أن تجد دواءً لهذا المرض.
وبتعبير الإنجيل حينما وقف يسوع المعلم يصف قادة أورشليم، الذين يشبهون قادة مجلس الأمن الحاليين، الذين حولوا العالم إلى كازينو للقمار:
أيها القادة العميان إنكم مثل القبور من خارج مطلي أبيض، ومن الداخل نجاسات وعظام أموات؟!
وهذه هي حالة مجلس الأمن عفوا (مجلس الرعب).
وهذا الوضع هو الذي حرك البابا السابق، إلى مشروع تعديل كل بناية الأمم المتحدة، بعد أن أصبحت مهزلة للعالمين، وجعلت بوش سيء الذكر السابق أن يقول إنها تابوت يحتاج للدفن، كما دفنت عصبة الأمم المتحدة من قبل، وجعلت وزيرة العدل الألمانية تصف بوش بدورها أنه صيغة جديدة لهتلر مما كلفها أن تطير من منصبها.
وحسب المسرحية الكوميدية الجديدة فهناك دول تتلمظ لامتلاك كراسي جديدة في هذا المجلس الإجرامي مثل (ألمانيا والبرازيل والهند واليابان)، ونلاحظ بوضوح أن منها دول الهزيمة من الحرب العالمية الثانية مثل (ألمانيا واليابان)، وتسمي نفسها باسم بريء؟ (مجموعة الأربع)، مما جعل الصين تهدد باستخدام حق quot;النقض quot;الفيتوquot; ضد مشروعها الذي قدمته سابقا في 16 مايو 2005م بـ: quot;إضافة ستة أعضاء جدد للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الحاليين والبالغ عددهم خمسةquot;
وهذا يعني أن إرادة العالم كانت تخطف بيد خمس لصوص، فاشترك معهم في الغنيمة ستة جدد، فأصبح في المدينة أحد عشر رهطا يفسدون في الأرض ولا يصلحون، كما وصف الله المجرمين الذين تقاسموا على قتل صالح quot;لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقونquot;.
وهو ما يحدث يوميا في العالم.
مما دفع السفير الصيني لدى الأمم المتحدة (وانغ غوانغيا) أنه إذا تمسكت دول (مجموعة الأربع) بمبادرتها، فإن هذا quot;سيقسم البيت ويدمر وحدته ويحرف عملية النقاش حول الإصلاحات الكبرى للأمم المتحدة عن مسارهاquot;.
وهذا الوصف رائع من الصينيين عندما تلمس الامتيازات، ومن أحفل الأمور بالغرابة أن (ماوتسي دونج) وجماعته قضوا عمرهم يحاربون هيمنة الكبار؛ فلما وصل الأمر إليهم لم يختلفوا عنهم مقدار حبة من خردل؟
وهذا من سخرية التاريخ، وأنه يجب عدم المراهنة على طيبة الإنسان بل فرامل الضبط.
ويحتاج قرار التعديل حتى يدخل نادي الأقوياء أعضاء جدد إلى معجزة من نوع quot;تصويت ثلثي الدول الأعضاء الـ191 في الجمعية العمومية، إلا أن الصين تستطيع منع القرار في مرحلة لاحقة، لأن توسيع مجلس الأمن يحتاج إلى تعديل ميثاق الأمم المتحدة، ويتطلب هذا التعديل أيضا ثلثي أصوات الجمعية العمومية، وتصديقا من برلمانات ثلثي الأعضاء، بما فيها برلمانات الأعضاء الخمسة الدائمونquot;.
وعند النظر في هذه الصيغة يصاب الإنسان بالدوار في لعبة إدخال لصوص جدد إلى نادي القمار، وهو بالأصل صياغة فنية بيد مالكي الكازينو الدولي حيث يمشي فيه بلطجية بوشم على أذرع مفتولة جيدي التسليح.
وفي المقابل أدركت بعض دول العالم الحقيقة المرة للكازينو الدولي، فتقدمت على استحياء بمشروع متواضع تحت اسم تنكري جداً هو quot;متحدون من أجل التوافقquot; بدون أي توافق؟ انتبهت فيه جيدا أن لا تضيف أي عضو دائم؟ مما جعل المسئول الصيني أن لا يبد تشددا كبيرا تجاه الصيغة الجديدة، التي اقترحتها هذه المجموعة (المنافسة) لأعضاء مجموعة الأربع، وينص هذا الاقتراح الذي دافعت عنه (إيطاليا وباكستان والمكسيك) quot;على توسيع مجلس الأمن إلى 25 عضوا من دون مقعد جديد دائمquot;.
وقال وانغ quot;هذه مبادرتهم. لكننا نرى كثيرا من النقاط الإيجابية في صيغتهم لأنها توسع مجلس الأمنquot; وهو يعلم أنها توسعة بدون توسعة؛ بل تكريس هيمنة العصابة الخماسية.
من جهتها تواصل مجموعة الأربع حملتها لحشد الدعم الدولي لمقترحها، وفي هذا الإطار عبر الرئيس الهندي (أبو بكر زين العابدين أبو الكلام) بعد محادثاته مع نظيره الأوكراني (فيكتور يوتشينكو) عن تفاؤله بدعم أوكرانيا للمقترح الذي تقدمت به مجموعة الأربع، مؤكدا أن البلدين متفقان حول طبيعة الإصلاحات التي ينبغي إدخالها على المنظمة الدولية.
ومن بنود الدول الأربعة هي توسيع مجلس الأمن إلى 25 ولكن الدائمين إلى 11 عضوا ـ عفوا لصا ـ .
وهو ما دفع أمين الأمم المتحدة (عنان) سابقا إلى الاعتراف على نحو دبلوماسي، بعد لقائه مع (وانغ) بأن موقف الصين (قد) يتعارض مع جدوله الخاص بإصلاح الأمم المتحدة.
وهذا يروي قصة كذب السياسيين في أعلى المستويات، وبقدر علو المنصب بقدر حجم الكذبة. كما ينقل عن كاترين مديتشي.
وباختصار فإن حق الفيتو أو (النقض) يعني أن العالم كله لو صوت لأعدل قضية فيمكن لأحد أعضاء مجلس الأمن الدائمين أن يجهضها.
وهو يعني أن الحل والعقد بيد خمس دول يبلغ تعداد سكان أربعة منهم أقل من الهند.
وهو ثالثاً يقسم الكرة الأرضية إلى نادي للأقوياء والضعفاء، ويفرض الوصاية على العالم، و يمكن لديناصورات القوة في هذا المجلس أن يلغوا إرادة كل العالم.
وحق الفيتو رابعاً هو ضد الديمقراطية فيمكن لأعظم قرار أن يعطِّله أي عضو؛ فلا قيمة لرأي الأكثرية.
وهو كما نرى نظام برع في تشييده الأقوياء الخبثاء، ما يجعل إبليس الرجيم تلميذا في مدرستهم، والعصابة الخماسية الدائمة فيه أسوأ من حكومات العالم العربي، فلا أمل بتغييرها بانقلاب أو موت القائد الأبدي، ويمكن لأعدل قضية أن تموت في ساحتهم.
ألا ساء ما يزرون.
حق الفيتو بكلمة ثانية هو ضد العدالة، وضد المنطق. وعنصري. وضد الديمقراطية. ويلغي إرادة كل العالم، ويعطل أي مشروع لتقدم العالم، وهو ثوب خرق مهلهل غطت به الدول الإجرامية عورتها بعد مذابح الحرب العالمية الثانية، وهو لا يصلح العالم الراهن، ورأينا آثاره في كل نادي ومناسبة ؟
وهو بمصطلحات الإسلام (الشرك بالله) الذي لا ينفع معه أي عمل. في معبد وثني فيه خمسة أصنام تحتاج فأس إبراهيم فيجعلها جذاذا إلا كبيرهم أمريكا لعلهم إليه يرجعون؟
وهو بكلمة أخرى آلة الشر في العالم التي تمنع نموه على نحو سليم.
وكما يقول (مالك بن نبي) أن ولادة هذا المجلس المشئوم بعد الحرب العالمية الثانية كانت ولادة كائن مشوه كما يولد الطفل بهبل المنغولية.
ويفرك الإنسان عينيه مذهولاً وهو يسمع السياسيين يدافعون عن مجلس الحكمة هذا، ويقترحون توسيعه، فلا يصح أن يستأثر بالكراسي الوثيرة فيه الفرنسيون أو الإنكليز، بل يجب أن ينضم لناديهم اليابانيون والألمان.
ويتلمظ العرب بدورهم إلى هذه الوجاهة بمقعد خاص يزيد من أعداد أصنام الكعبة حيث يتبارى حولها شعراء الحداثة.
وباستعراض بسيط لتاريخ هذا المجلس منذ ولادته النحسة وحتى الآن نرى أن أكبر الخاسرين فيه هم العرب.
وكل القرارات الدولية لا تزيد في قيمتها عن الورق الذي كتبت عليه.
ومعه أمنت (إسرائيل) شر العقاب في الغابة الدولية المحروسة بطائفة من الغيلان.
ومن قصص هذا المجلس المنحوس أن(ريجان) شن في عام 1986 م حرباً على نيكاراغوا أوقعت quot;75 ألف ضحية منهم 29 ألف قتيل ودمار بلد لا رجاء لقيامتهquot;.
وكان ارتكاس نيكاراغوا أن تقدمت إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي لمقاضاة أمريكا. فحكمت في 27 يونيو 1986م لصالح سلطات ماناغوا وأدانتquot;الاستعمال غير الشرعي للقوة وطلبت من واشنطن وضع حد لجرائمها مع دفع التعويضاتquot;
وكان جواب أمريكا: اذهبوا وبلطوا البحر.
قامت نيكاراغوا بعدها بالتقدم إلى جمعية الأمم المتحدة؛ فلم يعترض سوى اثنان أمريكا وإسرائيل.
ثم تقدمت إلى مجلس الأمن بطلب متواضع هو quot;تبني قرار يطالب الدول باحترام القانون الدوليquot; وكان النتيجة أن القرار سقط بسبب حق الفيتو اللعين مجددا.
ويقول (نعوم تشومسكي) في هذا الصدد:quot;فلم يعد في يد نيكاراغوا أي وسيلة قانونية تلجأ إليها فقد فشلت جميعها في عالم تحكمه القوةquot;.
العالم كما نرى يعيش حالة استعصاء لا مثيل لها مثل طائرة جامبو مصممة منذ عام 1948 م بدون مخارج وأقنعة أكسجين وأحزمة أمان.
وهذا يعني بكلمة ثانية أن مشكلة التوحيد ليست تيولوجية بل سياسية.
ويظن البشر أن الأوثان هي من حجر أو تمر، ولا يخطر في بالهم أن تكون مؤسسات مثل (مجلس الأمن).
والعالم الذي نعيش فيه كما نرى ليس واحداً بل ثلاثة:
عالم عربي يسبح في ضباب الوثنية السياسية.
وعالم غربي تخلص من الوثنية السياسية فنرى (مالورني) الرئيس الكندي الأسبق شخصاً عاديا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، وهو ما يفسر فرار العرب إليها، فلن يفر مؤمن من (دار الإسلام) إلى (دار الكفر) ما لم يشعر بالأمان بين الكفار أكثر من المسلمين؟
ونوع ثالث هو (الأمم المتحدة) الذي تحول إلى مغارة لصوص يصادر فيه الأقوياء العدل بحق الفيتو (النقض) فينقضون بنيان العالم، كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً.
ومن الغريب أن كل العالم ساكت عن هذا المنكر، ولا يطالب بإغلاق هذا النادي الإجرامي؛ بل يريد المشاركة فيه بزيادة مقاعد الجبارين، بدل الإمساك بعصا النبوة لتحطيم الأصنام كما فعل إبراهيم.
وحل مشكلة العدل في العالم هي الإسراع بتشكيل برلمان دولي، كما في البرلمان الأوربي، حيث يجتمعون ليس تحت شعار ألمانيا فوق الجميع بل ألمانيا مثل الجميع، على كلمة سواء بينهم أن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله.
وهذا المشروع ستقف ضده ديناصورات العهد الجديد.
ولكننا تعلمنا من تاريخ الأرض أن الديناصورات انقرضت بفعل كارثة كونية. وهو الذي سيحصل للكبار في التخلي عن مقاعد الإلوهية في العالم واعتبار أنفسهم بشرا ممن خلق.
وبغير هذا المخرج فإن طائرة الجنس البشري ستبقى مخطوفة بأيد إرهابيي مجلس الأمن عفواً مجلس الرعب والظلم.
تحكي القصة أن إسكافيا من قرية شيلم قتل رجلاً فحكم القاضي عليه بالإعدام. ولكن أهل شيلم صاحوا بصوت واحد أيها القاضي: ولكنه الإسكافي الوحيد في القرية؟ التفت القاضي إليهم وقال: معكم الحق يا أهل شيلم الأعزاء إنه من الظلم حقاً أن نحرمكم من الإسكافي الوحيد في القرية. هاتوا اثنين من الحمالين فأعدموهما بدلاً عنه. صاح الجميع عاشت العدالة؟!
التعليقات