أبرمت وزارة التعليم العالي في الأردن اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي تهدف إلى توجيه التعليم العالي في الأردن نحو سوق العمل من خلال تأهيل الطلاب فنيا وصناعيا، والهدف النهائي هو تأهيل الكوادر الأردنية للمساهمة الفعالة في الاقتصاد والانخراط في اقتصاد السوق، وهذا فعلا ما تحتاجه جميع الدول في العالم، بالنظر إلى أن التعليم التطبيقي والتقني أصبح العماد الذي يقوم عليه اقتصاد الدول. فالنظام الاقتصادي العالمي يعتمد على المنتجات الصناعية بشكل كبير، وأصبح السوق ساحة للتنافس المحموم، ينتصر فيه المبدعون ويخسر المبتدئون. وباتت الدراسات النظرية لا تقدم ولا تؤخر، وتفاقم من حجم البطالة وزيادة نسبة الفقر.
لقد أصبحت كلمة "تنمية" هي المجس الذي يقاس به نجاح أو فشل الاقتصاد، والدكتور عادل الطويسي، وزير التعليم العالي، أكاديمي ومفكر وله تاريخ في إدارة المؤسسات الهامة في الأردن، ويظهر في معظم الحكومات الأردنية نظرا للثقة الكبيرة فيه على المستوى الرسمي والشعبي. وهو اليوم يقوم بخطوة عظيمة ويقوم بعملية ربط بين مركز الصناعة والتجارة في العالم والجامعات الأردنية، وإذا نجح في جعل معظم الخريجين مؤهلين للدخول في اقتصاد السوق بسهولة، فإنه يقدم خدمة جليلة للمجتمع الأردني.
لا شك أن اقتصاد السوق يحتاج تخطيطا عميقا ودقيقا، فهو يتطلب العلم بالنظريات والأساليب الفنية، وهذا يعني تعديل المناهج والمساقات التي تدرسها الجامعات بحيث تركز على النظرية والتطبيق بشكل مكثف، وربما تتطلب تغليب الجانب التطبيقي على النظري، كما أنها تحتاج تمويلا وتجهيزا وتقليلا لعدد الطلاب في الصف الواحد، ومهما كانت التكلفة فإنها استثمار للمستقبل، ولا بد أن تؤتي ثمارها في غضون بضعة سنين.
ومع ذلك، فإن اقتصاد السوق يتطلب أكثر من الكوادر المؤهلة، فهو يحتاج إلى مشاريع إنتاجية ناجحة، مما يعني أن هناك تكاملا بين وزارة الاقتصاد والتجارة والتعليم العالي، ولا يمكن نجاح أحدهما دون الآخر، وهذا من أهم مبادئ التخطيط الناجح، إذ لا بد من شمولية التخطيط والتكامل بين المؤسسات المعنية بالاقتصاد والتجارة، فإذا كان تخطيط هاتين الجهتين منفصلا، يكون من الصعب الاستفادة من نجاح أي منهما. فإذا كانت وزارة التعليم العالي تخرج أجيالا مؤهلة نظريا وتقنيا، دون الاستفادة من هذا التأهيل في السوق، سينتهي الأمر بهجرة هذه العقول لتستفيد منها دول أخرى لديها بيئة اقتصادية وتجارية نشطة ورابحة، ولكن هذا الأمر يخطئ الهدف المحدد مسبقا وهو رفع مستوى التنمية في الأردن.
إن الربط بين الجامعات الأردنية والاتحاد الأوروبي خطوة عظيمة، ولكن يجب الربط كذلك بين الجامعات ووزارة الاقتصاد والتجارة، بحيث يتم تشغيل الكوادر المؤهلة في مشاريع مدروسة من شأنها رفع مستوى الناتج والدخل الوطني، بعيدا عن المخاطر المحتملة المرتبطة بالتجارة الحرة وإغراق الأسواق بالمنتجات عالية الجودة ومنخفضة السعر. وهذا يستدعي التعاون بين خبراء السوق والجامعات، لمعرفة كيفية تشغيل الكوادر المؤهلة بعيدا عن قطاع الخدمات.
- آخر تحديث :
التعليقات