لأول مرة يتصدى مسؤول سعودي على درجة عالية من الهمة والثقافة والنفوذ لقضية فقر الطاقة من جانبها الاخلاقي.
في ولاية جوا بالهند، وخلال المعركة الضارية حول التغيّر المناخي، تحدث احد المندوبين عن الجانب الأخلاقي لقضية التغيّر المناخي. فانبرى له الأمير عبدالعزيز وزير الطاقة السعودي، وقال:
عجبًا لمن يتحدثون عن الأخلاق فيما نحن نناقشه ويتغاضون عن أهم قضية اخلاقية يعاني منها الملايين من سكان هذا الكوكب، وهي فقر الطاقة.

وكم كان الأمير موفقًا في الزمان والمكان. فهو يتحدث ووزراء الطاقة في مجموعة العشرين يأتمرون في "جوا "بالهند للاتفاق على صيغة مقبولة تدخل في البيان الختامي للقمة التي تُعقَد كل سنة.
والهند الدولة المضيفة تعاني من فقر الطاقة، لكنها قطعت شوطاً بعيداً في القضاء عليه.

في "جوا"، احتدم النقاش حول التغيّر المناخي، وكأن اهداف التنمية المستدامة السبعة عشر تنحصر في هدفٍ واحد هو الهدف الثالث عشر. وحتى عندما يتحدثون عن الهدف السابع: "الطاقة للجميع"، فإنهم يتخذونه مدخلاً للحديث عن التغيّر المناخي والتخلّص من الوقود الأحفوري على وجه التحديد. وبعضهم تستبد به الحماسة فيدخل في موعظة عن الأخلاق.

لهذا خرج الامير عبدالعزيز عن طوره ليقول: ان القضية الاخلاقية التي لا يحفل بها البعض هي وجود ما يقرب من سبعمئة مليون نسمه من سكان العالم محرومين من الطاقه الكهربائية.

من حسن حظ من يؤمنون بما يطرحه الأمير من دفاع عن هذه القضية الانسانية ان وكالة الطاقه الدولية اصدرت هذاليوم 26 يوليو تقريرها بعنوان: "A vision for Clean Cooking Access for All."(رؤية حول توفير مواقد الطبخ النظيف للجميع).

التقرير بملاحقه وجداوله يقع في 80 صفحة وفيه تُعالج الوكالة احد جوانب فقر الطاقة. ففي حين يفتقر حوالى سبعمائة نسمة للطاقة النظيفة، فان مايقرب من 2.3 مليار نسمه في العالم لازالوا يحرقون الحطب وفضلات المزارع والحيوانات للطبخ، مما يتسبب في وفاة قرابة اربعة ملايين نسمة معظمهم من النساء والأطفال، جراء استنشاق الهواء الفاسد_كما يقول تقرير الوكالة نقلاً عن منظمة الصحة العالمية.

الافتقار الى مواقد الطبخ الحديثة احد اهم مظاهر مشكلة فقر الطاقة، وتقرير الوكالة يستعرضها، ويبيّن ان توفير مواقد الطبخ الحديثة ليس مشكلة تقنية، وانما يحتاج تنفيذها إلى وجود القيادات ومستوى الوعي عند السكان وإلى التمويل.

ونظرًا لتركّز المشكلة في جنوب الصحراء الأفريقية، فان التمويل الميّسر عنصرٌ أساسي في القضاء على المشكلة.
الذي يهمنا من التقرير في هذه المرحله أمران:
1- كيف تقرأ صناديق التنمية في الدول الاعضاء في أوبك هذا التقرير؟ واخصّ بالصناديق تلك التي كلّفتها القمة الثالثة لملوك ورؤساء أوبك بمتابعة فقر الطاقة (الفقره 6 من الفصل الثاني من بيان قمة اوبك في الرياض نوفمبر 2007).
2- الى اي حد ستنعكس ابعاد المشكلة كما صوّرها تقرير الوكالة على البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين الذي تستضيفه الهند هذا العام؟

في بيان القمة السابقة التي انعقدت في بالي\اندونيسيا 15-16 نوفمبر 2022، خصص القاده بنداً مستقلا لفقر الطاقة، وهو البند الثاني عشر.
وفيه تعهدوا بتتفيذ الهدف السابع من اهداف التنمية المستدامة و"بالقضاء على فقر الطاقة"، لكن بدون اي التزام واضح لتنفيذ خطة عمل! بل ان بقية البند حديث شامل يدور حول قضية التغيّر المناخي واتفاق باريس اكثر من كونه حديثًا عن فقر الطاقة.
ان مايرجوه من يتابع هذه القضية الانسانية ببعدها الأخلاقي كما نادى به الأمير هو ان يخصص القادة بندًا مستقلاً لفقر الطاقة والأساليب الكفيلة للقضاء عليه، بلغةٍ واضحة وخطة قابلة للرصد والقياس.