تعاني الكرة الإنكليزية، بالرغم من عراقتها وامتلاكها الدوري الأقوى والأكثر جماهيرية في العالم، اتهاماً يلاحقها طوال الوقت، وهو أنَّ سر قوتها "إعلامي" في المقام الأول، وبمعنى أدق فإن فن "صناعة الأوهام" يسيطر عليها، بتحويل اللاعب الإنكليزي نصف الموهوب إلى أسطورة، كما فعلوا مع دافيد بيكهام على سبيل المثال، حيث يراه نسبة كبيرة من عشاق الكرة العالمية مجرد لاعب جيد، ولكن الإنكليز جعلوه أسطورة، وهي قضية مثار جدل وخلاف على أي حال.

الإغتراب يلاحق الإنكليز
تاريخ الكرة الإنكليزية يفتقد للنجوم الذين يحققون نجاحات لافتة خارج الديار، أي في بطولات الدوري خارج إنكلترا، وهي ظاهرة يتم تفسيرها نفسياً لأسباب تتعلق بسيطرة الشعور بالاغتراب على اللاعب الإنكليزي حينما يرحل لليجا أو البوندسليغا أو إيطاليا للإحتراف الخارجي.

وبعيداً عن الخوض في تفاصيل كثير من التجارب التي لم تحقق نجاحاً مبهراً، مثل غاري لينيكر مع البارسا، ومايكل أوين في صفوف الريال، فإنَّ النجم الحالي جود بيلينغهام يحطم جميع النظريات، ويعبث بكل التوقعات.

موهبة وشخصية
بيلينغهام هو الشاب الأكثر موهبة وتأثيراً في تاريخ الكرة الإنكليزية دون منازع، والمقصود بتوصيف "شاب" أنه لم يصل بعد إلى مرحلة النضج الكروي الكامل، وفي حال استمر على هذا الأداء، فسوف يكون الأسطورة الأولى في تاريخ الكرة الإنكليزية.

إقرأ أيضاً: شكراً "نورمال ون"!

بيلينغهام البالغ 20 عاماً يكتب التاريخ، ويقهر الجغرافيا و"لا يشعر بالاغتراب" مع ريال مدريد، فقد سجل 20 هدفاً مع النادي الملكي في 29 مباراة منذ بداية الموسم الحالي، وهو أول مواسمه مع الريال، كما أنه هداف الليجا برصيد 16 هدفاً حتى الآن، مما يؤشر إلى أن أعراض "الاغتراب" لم تهاجمه، فهو يتمتع بقوة شخصية لا مثيل لها قياساً بأنه لم يتجاوز 20 عاماً.

أغلى مراهق في التاريخ
لمن لا يعلم، فقد لعب بيلينغهام للفريق الأول في نادي برمنغهام الإنكليزي قبل أن يتجاوز 16 عاماً، ورحل إلى بروسيا دورتموند الألماني في عام 2020، مقابل 25 مليون جنيه استرليني، ليصبح أغلى لاعب في التاريخ عمره 17 عاماً.

إقرأ أيضاً: مبابي والريال.. الصفقة تمت بمعايير وهيبة "الملكي"

وبالنظر إلى تنوع تجاربه واغترابه ورحيله مبكراً عن انكلترا، فقد أصبح لدى هذا الشاب الواعد قوة شخصية، وخبرات تراكمية تجعله يبدو وكأنه يبلغ 30 عاماً، كما أنَّ الضغوط الجماهيرية والإعلامية في كيان كروي كبير، بل هو الأكبر في العالم مثل ريال مدريد، كان لها مفعول السحر في صقل شخصيته؛ فتى الإنكليز لم ينجح فحسب، بل يحقق نجاحاً ساحقاً، ويتوهج في كل مباراة بمسرح سنتياجو برنابيو.

غداً سيكون الأفضل في العالم
مستقبل بيلينغهام لن يكون له مثيل، لأنه إنكليزي وخلفه الإعلام الأقوى عالمياً، كما أنه يرتدي قميص الريال النادي الأكبر والأكثر جماهيرية عالمياً، وبعيداً عن كل ذلك فهو موهوب، ولا يتجاوز 20 ربيعاً، ويملك قوة الشخصية والطموحات التي لا سقف لها، فلا تتهموا صحافة لندن حينما تمدح بيلينغهام بأنها تجامله.

باختصار "بيلينغهام" جعل الإنكليز يتحررون من اتهام صناعة "الأوهام".