الثابت الوحيد امام طوفان السابع من تشرين الأول (أكتوبر) هو أن تداعيات هذه العملية تتجاوز بأبعادها السياسية بضعة الكيلومترات التي اخترقها مقاتلو حركة حماس في العمق الاسرائيلي. ويوما بعد يوم تتكشف وقائع ونتائج لا يمكن فصلها عن السؤال الكبير الذي رافق اليوم الاول لهذا الطوفان: كيف تمكنت قوة فلسطينية تحت الرصد والمراقبة من التوغل كل تلك المسافة وتحقيق هذا النصر الآني على أرض معركة تحكمها ترسانة تكنولوجية ربما الأعظم في العالم؟ ثمة أسئلة تلامس سقف التشكيك في ميدان النتائج.

التاريخ القريب لا يخفي أن المحطات الاستراتيجية تخرج من رحم الأحداث الكبيرة، هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) عام 2001 أخرجت إلى حيز التنفيذ قرار تصفية تنظيم القاعدة. فهل أعدت هجمات السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أرضية القضاء على الفصائل الفلسطينية غير المنضوية تحت اجنحة الحل السياسي للقضية الفلسطينية؟

هل نعت مشاهد القتل غير المسبوقة لأكثر من ثلاثين فلسطيني صفحة العروبة وبالتبعية تلك المؤسسة التي تنطق باسمها تحت مسمى جامعة الدول العربية؟

ثم، وثم هل دخل العالم مرحلة ما بعد منظمة الأمم المتحدة حامية حمى الإنسانية!؟ وأي نظام دولي جديد يتشكل فوق ركام الإنسانية التي وئدت على أرض فلسطين؟

أشهرت حركة حماس بنادقها.. فأصبح سكان غزة في مرمى التشرد!

قرع أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أجراس رفض الوحشية.. فشُلت الأونروا!

خرجت أمواج الاستنكار العربي في بعض العواصم.. فقوبلت بأصداء العجز تدوي في أروقة الجامعة التي تنطق باسمهم!

عمليا، قطع طوفان الأقصى شعرة معاوية بين السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس وحركتي حماس والجهاد الإسلامي، والتراشق الإعلامي الأخير بين فتح من جهة وحماس والجهاد الإسلامي من جهة أخرى وصل حد اتهام السلطة لمقاومي غزة بالتسبب في نكبة تتجاوز نكبة عام 1948 وبإعادة الاحتلال الإسرائيلية الى المدينة التي يرسو على شواطئها تاريخ فلسطين.

هذا الأمر يعني أن مخطط سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة سيكون مضرجا بمزيد من الدم الفلسطيني.

وبالتبعية هنا فإن عين القلق تتسمر على المخيمات الفلسطينية في لبنان تحديدا. فالمنطق السياسي يقول إن حركتي حماس والجهاد الاسلامي ستحاولان تعويض خسائر النفوذ في الداخل الفلسطيني عبر احكام سيطرتها على هذه المخيمات على حساب المنضويين تحت عباءة التأييد للسلطة الفلسطينية، واين ستجد الحركتان مكانا للانتقام من سلطة محمود عباس افضل من المخيمات الفلسطينية في لبنان؟

في المقابل، الجيش اللبناني يناضل من اجل توفير قوت جنوده وقد انصرف العديد ان لم يكن الاغلبية منهم للعمل في المطاعم وشركات الحراسة وسيارات الاجرة كي يكملوا رحلة مقومات الحد الادنى للحياة، وهو بالتالي يفتقد القدرة اللوجستية على ضبط اي انفلات امني.

السابع من اكتوبر لعام 2023 محطة مفصلية في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وايضا في الخلاف الفلسطيني الفلسطيني.