كثيراً ما أستغرب الرغبة الدفينة التي تلجأ إليها شريحة واسعة من النساء المتزوجات إلى الإصغاء والتواصل مع شخص آخر، دون مبرر، وإن كان ذلك الشخص يربطها به رابط قرابة من الدرجة الثانية، وهذا الاستمتاع إلى حديثه غالباً ما يكون فيه كثير من السرية والطعن في الظهر بالنسبة إلى الزوج، الذي لا يعلم ما يجري في ما وراء الكواليس، ويظل ملتزماً الصمت عن البوح ببنت شفة، خشية عدم فهم المسألة التي تحتاج إلى وعي وتفهم، وتتضمن تساؤلات عدّة لجهة الزوج الذي يذهب بعيداً في ردّة فعله، وخاصة في حال أنه يكون متزوجاً من أخت امرأته، أو ما يُعرف بـ "السِلْفُ"، وأحاديثه الساخنة، وهذا ما يجده مبرراً للتواصل معها، وقد يستمر الحديث طويلاً وعلى ضوء الشموع، ولا يمكن لأي أحد الطعن أو الشكّ فيه، بل كثيراً ما يختلق هذا السِلْفُ مناسبة أو ذريعة بهدف التواصل معها منفرداً بها، في الوقت الذي يقف فيه الزوج، المغفل، مكتوف الأيدي حيال هذه العلاقة الحميمية، وهذا التواصل المبالغ فيه، والذي يُشك في ما وراءه، وتبرره الزوجة المصون بأنّه مجرد تواصل وحديث عابر لا أكثر، وما هو سوى الإجابة عن تساؤلات لا أحد يمكنه أن يسعفها بحلها سواه، أو من خلال إخباره عن شيء ما تحاول أن يكون هو على علم ودراية بذريعة ثقتها به والمبالغ فيها، بينما الزوج يعرفُ بهذه العلاقة على أنها مجرد تواصل ما بين زوجته و"سِلْفهُ" مجرد حديث عابر، وهو في الحقيقة يُشكُّ فيه.

وهذه الحقيقة قد تكون نابعة عن علاقة عاطفية سابقة لم تتهيأ لها الظروف المناسبة لتتوج بالزواج، أو قد تكون علاقة هامشية يُراد منها إشباع رغبة، وما على صاحبنا سوى التواصل مع أخت زوجته مبرراً فعلته لأجل إبداء خدمة وتقديم نصيحة ومشورة ما.

إقرأ أيضاً: ثروات خرافية

ماذا يعني ذلك بالنسبة إلى المرأة المتزوجة؟ ولماذا تستأنس إلى حديث الرجل والاستمتاع وبكل سرور إلى الحكايات والمواقف التي يتوقف عندها، وقد يكون ذلك الإنسان يفتقد إلى كثير من المقومات التي يتمتع بها سائر الرجال، أو غير قادر على أن يصل إلى مرتبتهم من حيث النسب والعشيرة، والمكانة والشكل العام، ما يثير في نفسه الشك من عدم القبول به في المجتمع الذي يعيش فيه، وغير مقبول فيه أصلاً.. وهذا ما يدفع به إلى اقتحام الأبواب المغلقة التي تعيش بأمان واستقرار؟

وترى أمثال هذا النوع من الرجال يمضون في سرد الحكايا واختلاق الأحاديث لغاية في نفس يعقوب، لكسب ودّ أخت زوجته للإيقاع بها في شراكه، ويستمر هذا التواصل فترات مُبعدة تخلق كثيراً من الشكوك.

إقرأ أيضاً: تفاقم ظاهرة الطلاق!

وهناك نوع من النساء يتغنّجن بهذا النوع من الرجال، ويتوددن لهم، الذين طالما يبحثون عن علاقة حميمية، وإن كان من أقرب الناس لهم، لما لا.. فهناك كثير من الحالات التي نسمع عنها حدثت وما أكثرها، وكانت لها نتائجها السلبية، وظهرت مع مرور الوقت.

لا شك في أنَّ أمثال هذا الصنف من الرجال الذين يدّعون التديّن وخدمة الناس، يحاولون كسر شوكة زوجاتهم، والعمل على إذلالهن، وطمس دورهن في الحياة، والالتفات إلى البحث عن عشيقة أخرى، ليس من باب الجنس فحسب، وإنما لمجرد إثبات علاقة حميمية مع طرف آخر لإغاظتها والتحدث معها، وإلقاء حباله عليها بهدف اصطيادها، وفي وضح النهار، وما عليها سوى الخضوع له ولإغراءاته المادية وحتى الجنسية المكبوتة، وهذا ما صرنا نلحظه في مجتمعنا، التي تشكو نساءه من أمثال هؤلاء الرجال الذين يظلون بلا ذمة ولا ضمير، وكل ما يهمّهم هو الفوز بطريدتهم بعيداً عن أي عرف أو أخلاق!