الرئيس الاميركي في خطابه المخصص للحرب على غزة اراد توزيع رسائل وبعليمات لجميع الأطراف، الهدف الأساسي من وراءها وقف حرب غزة قريبا وبداية اعادة الإعمار لتكون صورة انتصار لسياسة الادارة الاميركية في السباق الرئاسي القريب.

ضمن هذه الخطوات اراد جو بايدن ان يعري نتانياهو وحكومته المتطرفة وان يضعها امام الشعب الاسرائيلي كما هي دون ماكياج او عمليات تحسين بالفيلر او البوتوكس المنتشران في عالم التجميل، اراد ان يضع الاسرائيليين في صورة المفاوضات التي لطالما ظلت سرية وتفاصيلها مخفية وتستر نتانياهو وراء السرية وان اموراً من هذا النوع لا يمكن كشفها كي لا تتعثر، اذ كان نتانياهو يقدم مقترحات ويخول وفد المفاوضات ابرام صفقةً ثم ينفي موافقته ويتهم حماس بالرفض، وهذا حصل اكثر من مرة خلال الأشهر السبعة الاخيرة.

نتانياهو يتحدث عن النصر المطلق كل ساعة وعن انهاء حماس في غزة كل نصف ساعة وعن استعادة الاسرى كل ربع ساعة، لكن اياً من هذه الاهداف لم يتحقق خلال اكثر من 235 يوما بكل ساعاتها.

جو بايدن قال للشعب الإسرائيلي بشكل واضح ان حكومة اسرائيل قدمت مقترحا يتضمن انهاء الحرب دون تذكر ذلك بشكل واضح وتعهدت بالانسحاب من غزة واعادة الإعمار ولا يوجد في المقترح إنهاء حماس او اخراج قادتها من غزة. واشار بايدن إلى ان قطر ستضمن ان لا تهاجم حماس اسرائيل وان حماس لم تعد تستطيع القيام بعملية مثل السابع من اكتوبر. بكلمات اخرى، اراد بايدن أن يقول إن حماس ستبقى في غزة ولا نعرف كيف سيكون شكل الحكم هناك، لكن الضامن قطر ومصر. وذكر الرئيس الأميركي قطر اكثر من ثلاث مرات في خطابه مشددا على دورها في هذه الخطوات.

المجتمع الإسرائيلي يرى بايدن انه حمى إسرائيل من أعدائها في خطابه بعد أسبوعين من عملية السابع من اكتوبر حين وجه تحذيرا لايران وأذرعها بان لا تستغل الوضع للهجوم على اسرائيل. وقال كلمته الشهيرة حينها "!Don’t". اما الخطاب الجديد بعد اكثر من سبعة اشهر على بدء الحرب، يصفه البعض بانه جاء ليحمي اسرائيل من نفسها ومن تماديها في استمرار الحرب، وقال بايدن ان السعي وراء النصر المطلق سوف يعمق من عزلة اسرائيل.

خطاب بايدن يأتي في مرحلة حرجة من عمر حكومة الوحدة ومجلس الحرب، وقبل أيام معدودة من تنفيذ بيني غانتس وحزبه تهديدهم بالانسحاب من الحكومة، وكأن بايدن يقول لغانتس ان عليه البقاء قليلا كي لا تخلو الساحة للمتطرفين، ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموطريتش الساعيين لاستمرار الحرب بالضغط على نتانياهو ائتلافيا.

جو بايدن يبدو انه قرأ الواقع الإسرائيلي بدقة ويعرف دقة المرحلة في تاريخ دولة اسرائيل اذ ان من فشل في ادارتها لسنوات طويلة وقدم الاموال وسهل لحماس التعاظم والامتداد وجعل من حزب الله قوة اقليمية وحافظ على نظام الاسد لا يزال في سدة الحكم ولا تزال الولايات المتحدة مظلة الحماية الأساسية لهذه الدولة.

لقد حان وقت الضغط الحقيقي على اسرائيل وهذا ما قاله جو بايدن من دون ان يذكره بالكلام واكد على امكانية السعي الاميركي لإرساء قواعد جديدة على الحدود اللبنانية وشدد على انهاء حرب غزة ووقف معاناة الفلسطينيين وتحدث عن افق سلام يضمن حقوق الشعبين.

جو بايدن حذر اسرائيل من مغبة تفويت الفرصة في قبول مقترحها هي كما حصل سابقا، ودعا حماس لاغتنام الفرصة وشدد على دور قطر ومصر في اليوم الذي سيلي الحرب.

اسرائيل المحرجة، اصدر ديوان رئيس حكومتها بيانا جاء فيه ان المقترح الذي قدمته إسرائيل يتناغم مع اهداف الحرب في استعادة الاسرى والمختطفين وانهاء حكم حماس في غزة.

حماس من جانبها رحبت بخطاب الرئيس بايدن واكدت انها ستنظر بايجابية لمقترحات تضمن وقفا للنار وانسحاب اسرائيلي واعادة الإعمار .

اما اهالي الاسرى والمختطفين وسكان جنوب وشمال اسرائيل النازحين للفنادق وبيوت الضيافة، واهل غزة والمشردين والمصابين، فهم في امس الحاجة لمعرفة ساعة الحسم لجهة ابرام الصفقة ومحاولة العودة للروتين اليومي حتى وان كان فيه ضجرا وكآبة.