كما يُقال.. الصراحة راحة، والحديث بالحقائق قد لا يروق للبعض، لكنه يروق لنا، وليأخذ البعض وقته حتى ترشد المفاهيم لديه ويرشد أيضاً ويتفهم؛ نعم كنا كعرب أهل جاهليَّة كغيرنا من الأمم، وكل الأمم قد سادتها جاهليَّة.. لكننا في جاهليتنا، مع أننا كنا نأد البنت وهي أنثى مولودة لأنثى، لم نكن مجردين من القيم أو من بعضها، وحتى وأد البنات لم يكن لكونهن بنات عند العرب، بل كان خشية الفقر والعار في ظروف كان الفقر والعوز فيها يفتكان بالبشر، وتأكيداً على أنَّ جاهليتنا لم تكن تخلو من قيم هو قول الرسول الكريم (ص) "لقد بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، بمعنى أنَّ الأخلاق ومكارمها كانت قائمة بين البشر، وقائمةٌ فينا كأمة مع التفاوت والعصبية والعنصرية وقسوة القلوب، وجاء المصطفى ليتمم تلك المكارم ويجعل للإنسان كل الإنسان قدرٌ ومكانة وكرامة لا ينتقصها حسبٌ ولا نسبٌ ولا لونٌ ولا حالٌ ولا نوع، ويجعل معيار التقييم والتفاضل بالتقوى، وهي نفس تلك القيم التي يرفعها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد عشرات القرون من بعثة الإسلام المحمدي، رفعوها وكان من الصعب عليهم الإيمان بها.. فصعُب عليهم تطبيقها، وبات تطبيقها بكيلين كيل للغرب وكيل لمن هو مصنف دونهم بحسب تصنيفهم وليس بحسب العدل والحقائق، فكان تطبيقها والتعاطي معها ولا زال بحسب التوجه السياسي المُتبني كما هو الحال في التعاطي مع محنة الشعوب في الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص محنة الشعب الفلسطيني كله، وخاصة محنة أهل قطاع غزة الصامدة الصابرة التي لم يتمكنوا من التغطية على ما يجري فيها من إبادة وجرائم إبادة جماعية ونهجٍ عنصري قبيح ومآسي وفضائح على يد الاحتلال الإسرائيلي مشروع الغرب في فلسطين.. على يد من يدعون الرقي والمدنية والتقدم، ورفعوا أطروحة حقوق الإنسان، وقد بانت حقيقة مدنيتهم وتقدمهم.. تلك الأطروحة التي تؤمن بها البشرية بفطرتها السليمة دون تنظير وتوجيه مخادع، وهذا ما دفع شعوب العالم وفي مقدمتهم شعوب العالم الغربي إلى نصرة الشعب الفلسطيني والمنكوبين في غزة.. علماً بأن أطروحة حقوق الإنسان أُطروحةٌ مقتبسةٌ من قيم وأخلاق الإسلام التي اجتاحت العالم وتخلى عنها بعض المسلمين في حقبة من حقبهم التاريخية، أو شوهها البعض من المسلمين ولا زال يشوه بها حتى بات اقتباسٌ منها يتصدرها ويطرح نفسه كحل مُنقذٍ ومخلص للبشرية.
إقرأ أيضاً: دور المرأة الأردنية في القيادة السياسية
وقد لعبت قوى التطرف والغلو والطغيان باسم الدين في عالمنا الإسلامي دوراً سلبياً مشيناً على أقل تقدير في هذا التشويه، الذي يبدو للعاقل المُدرك أنه دوراً ممنهجاً كدور تلك المدرسة التي يتبناها وينشرها ويرعاها النظام الحاكم في إيران بالمخططات والمال والسلاح، وإن غاب المال فبالمخدرات وتهريب الأسلحة، حتى باتت قوى التطرف هذه تمتلك ميزانيات تفوق ميزانيات الدول اليوم، وبعد فضح مخططاتهم وكشف حقيقتهم، يسعون إلى نشر الفتن في الأردن كما فعلوها في العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين، وقد حاولوا مراراً خلط الأوراق في الأردن، لكن الأردن كان وسيبقى عصياً عليهم؛ وبلدي الأردن وأوطاني العربية ضحايا لباطل تطرف ومخدرات وسلاح وبيادق مدرسة النظام الإيراني هذه، ولولا هذه المدرسة ونتاجها لكان حال إيران وفلسطين والشرق الأوسط اليوم أفضل مما هو عليه الآن، وكان حال الإسلام وأهله أفضل عندما ينجو من تشويههم وبغيهم.. وبسببهم وأمثالهم وأدواتهم تتصدر أقل وأضعف الأطروحات الإنسانية حتى في البيئة التي يدعون فيها بإسلامية الحكم والموقف والتوجه يزايدون الناس على دينهم وعقائدهم وإيمانهم، وبدونهم حال الدين والناس في أتم وأفضل والأحوال، فقد صحونا على أهلنا وأجدادنا على فطرتهم النقية يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويكرمون الضيف ويجيرون الضعيف ويفعلون الخيرات ويواجهون الباطل ويقيمون الفرائض دون نقصانٍ؛ فما الذي استجد غير أنَّ تلك القوى المتطرفة الطارئة على المجتمعات الإسلامية جاءت بسياسة "خالف تُعرف"، لتفرض نفسها بقوة الباطل وأمواله وسلاحه وفكره الموبوء الذي تخطى اليوم حالة التشويه ودخل مرحلة تهديد عقيدتنا وكرامتنا ووجودنا، ولم يُعد أمامنا سوى الكي دواءً للتصدي لهم ودحر شرورهم وفتنتهم ورد كيدهم في نحورهم، وهذا هو الدور الذي تلعبه المرأة الإيرانية المناضلة في وجه التطرف والاستبداد والعنصرية وتشويه الدين والقيم منذ عقودٍ طوال، ومسيرة نضال الشعب الإيراني التي تتزعمها إمرأة؛ وبقيادة أغلبية نسوية على رأسهن مريم رجوي مسيرةٌ تُدلل وتُبشر بأنَّ المرأة المسلمة هي من ستقضي على مدرسة ورموز الجهل والإرهاب والتطرف والاستبداد، وكذلك المرأة العربية وخاصة المرأة الفلسطينية المناضلة الصابرة المحتسبة، والمرأة السورية والعراقية واليمنية واللبنانية والسودانية اللواتي لا يختلف حالهن عن حال المرأة الفلسطينية كثيراً، وأما المرأة الأردنية فتقاتل على كل الجبهات، تدفع بأبنائها وإخوانها على الحدود الذين يقاتلون نيابة عن أمة بأكملها لمواجهة قوى البغي ميليشيات نظام الملالي العاملة بالوكالة التي تريد إغراق الأردن بالسلاح والمخدرات ونقلها من الأردن إلى أشقائنا في الجوار، وفي الداخل تجاهد المرأة الأردنية على صعيد التنمية والتوعية لحماية المجتمع الأردني المعتدل الآمن بفضل قيادته الهاشمية الحكيمة.. لحمايته من شرور الفتن والشقاق والتطرف، ولن ترضى المرأة الأردنية الحرة بأن يكون الأردن مرتعاً لتلك النوايا الشريرة، وستبقى في مقدمة الداعمين لقيادتها الحكيمة ولأبنائها الصناديد في مواجهة قوى الإدعاء والتطرف والفتن التي تريد الفتك بشعوبنا ومجتمعاتنا خادمة لمخططات أعدائنا بشكل مباشر وغير مباشر.
ختاماً، هذه رسالة من كل أُم ومواطنة أردنية حُرة.. لن نسمح لصناع الأزمات والمصطادين في الماء العكر بالنيل منا دولةً ومجتمعاً وقيماً، ولدينا من الوعي والاستعداد ما يؤهلنا لتحصين وحماية مجتمعنا، وستبقى المرأة العربية والمسلمة الصخرة التي ستتحطم عليها قوى الشر والبغي والتطرف.
التعليقات