ننجو بالذاكرة البشرية من الاختصار والاختزال والاحتضار لكي نطوي صفحات من الماضي الكئيب وضجيجه البائس بغية استقبال وهج الإنسان إيمان وعناق الحياة حتى لو كان صعب المنال وجدانياً وزمنياً، فالخيارات صعبة وأصعب ما فيها أجملها!

إيمان، الإنسان، ليس كله سهلاً وبسيطاً وليس معقداً...إيمان صعب التعريف ولا يقبل بالتحريف ولا انتظار ورد الطريق فهو حريقاً يعطر المكان والزمان وينير عتمة الظلام...يخجل من إيمان ورد الجوري ومن ثم يذبل، ولكن إيمان لا تذبل في الزمان والمكان!

ابتسامات وضحكات تحط فوقها فراشات الحياة...تتراقص بنبض كبرياء البراعم الزاهية والأغصان العاصية وحياء العذارى في فجر السماء...تبكي السماء عطراً حتى يعانق العمر إيمان ويزدان الزمان والمكان من رعشة الجفون!

عالمنا لا يرحم ولا يفهم الانكسار ولا يقدر الفتنة الفطرية ولا يسمح بالحنان والحب والغرام... عالم لا يعرف إيمان، الإنسان، وفستان الحياة الجديدة وبرق الفرح وسحابة النور وقلب مكسور يهتف باسم إيمان!

عالمنا تتحكم فيه الأشياء الصغيرة والباكية الكبيرة والأقدار المثيرة العاجلة والمعقدة المريضة...عالمنا صخري لا يعرف كرم الشفقة الإنسانية ورحمة ضيافة الحب وروعة عناق العشق والحياة!

طموحات مشروعة تأبى الرحيل، لكنها مرغمة على التواري خلف السحاب...تقاليد قتلتنا اكثرها، ولكنها لم تنال من وهج إيمان ونور الإنسان...جميعنا ضد رصاص الشقاوة والتهور ومراهقة الكبار، لكنها رصاص وجداني ذنبه وفاء الغرام وعشق الحياة!

تبحر بنا الحياة نحو المعقول وغير المعقول والجنون المفتون بالأمواج والعواصف...تبحر أمواج الحياة نحو جروح الماضي العليل وضياء إيمان...هكذا ننتصر وننكسر ونتنازل من أجل حتمية بقاء الغرام والحياة وإشراقاتها...نرضى بالبقاء ولا نرضى بالرحيل ولا نفقد الأمل في عناق مع عقل وروح إيمان!

أحلامنا المشروعة تهوى الممنوع والمحظور وتكره المسموح وتتوه الآمال بين حيرة واختبار وقلوبنا تحتمل الصحة والصواب والخطأ والاعتذار، لكن حصار الإنسان إيمان يبقى أقوى الأعاصير والسياج الصدري الحنون وأجمل الألحان وزلزال الوجدان!

مشاعرنا، ما أجملها حين تكون زلزالية المنشأ والقدر الرحوم حول خيالنا يحمينا من أنفسنا، وما أجمل الأحزان المترفة والقاسية على قلوبنا فهي آلام كونية ومأوى للشجن والفرح في قلوب مرهفة تبحث عن مرسى!

خواطرنا عفوية المصدر تبحث عن الاستئذان لتستكين الأحلام ولترتوي قلوبنا العطشى من نواظرنا...شوق العيون والقلوب تعرفه رعشة النظرات والابتسامات الخجولة...قلوبنا تنحني شوقاً لا يلين.

العقل يختزن الباطن والظاهر، والقلب يعتصر الحاضر والماضي ويتقلب الوجدان بين شوق إيمان واليوم المنتظر الذي سيفجر المشاعر خارج السياج الصدري!

تنمو الافكار والمشاعر على نحو غير واعٍ، فبلوغ الاعتقاد الصائب واليقين الفردي والجماعي، ليس رحلة مترفة وخصبة كما نشاء...رحلة شقاء تلعب فيها مشاعر غامضة واحاسيس عفوية وعاصفة... هكذا تبدو المنعطفات الوجدانية.

حياتنا ليست صخرية التكوين والمظهر ولا هي أحلام مفزعة ومصطنعة الأوزان...حياتنا جميلة حتى لو كان الحاكم والقاضي والخصم والحكم فيها واحد اسمه إيمان، الإنسان!

آهات الليالي وعناق الزمان وحيرة الأمل والحب وقسوة المسافات تعرفه عذابات القلوب والدموع الصامتة... نجد رغباتنا وعذاباتنا الطارئة والدائمة بين كلمات وآهات ترقص لها الروح وثغور الحياة فرحاً ثورياً لا يستريح!

إن الحياة ليست حجرية المظهر ولا هي مفزعة الملامح وثقيلة الوزن، وإنما هكذا تبدو الحياة لمن اختار أن يكون أسيراً للماضي، وكأننا امام محاكمة عقلية لنفس الذات البشرية في العيش وراء القضبان الابدي!

غيرتنا مثل قسوتنا الشديدة على أنفسنا مهما تعاظمت الصعاب والصدمات وتعالت الضحكات...الإنسان، إيمان، له صور عناق مع الحياة تلفها بساتين الحب واحضان الزهور كلما اخترقت الصدور الأشواق...وهج إيمان...بخور الطريق وبستان الحياة!

إيمان إنسان وصفة وأسم واحساس وعقيدة وصدفة سعيدة... لدينا أكثر من إيمان، الاسم، ومناسبة رهيبة، فحفيدة ملك الأردن إيمان والفائزة الذهبية الجزائرية إيمان خليف والإعلامية المبدعة إيمان الحمود وقد يكون هذا العام لهن وحدهن!

عام ندشن فيه الاحتفاء والعرفان ليصبح عام إيمان!

*إعلامي كويتي