في مصادفة تؤكد القاعدة التي تقول إن الشهرة على نحو مفاجئ، والثراء السريع بعد معاناة قد يتسببا في سلوك كارثي للبعض، تورط اللاعب الدولي المصري أحمد فتوح لاعب الزمالك في تعاطي المخدرات وقام بدهس أمين شرطة فأرداه قتيلاً، وفي نفس الوقت كان والد لامين يامال يتعرض للطعن في برشلونة على إثر مشاجرة مع بعض الجيران لأسباب أقل ما يقال عنها أنها "تافهة".

في الحالتين "المصرية والمغربية الاسبانية" نحن أمام شهرة ومال وشعور متضخم بالنفس بعد فترات من المعاناة المالية وضيق العيش، ومن ثم يحدث سلوك يتصف بعدم الاتزان، وهي قاعدة ثابتة في عالم كرة القدم على وجه التحديد، والأمثلة عليها كثيرة، حيث يتكرر نفس السيناريو مع مواهب ونجوم فقراء "موهوبون" كما يحدث لنجوم البرازيل على سبيل المثال، فبمجرد أن ينالوا نصيبهم من الشهرة، ويجري المال بين أيديهم تجدهم يدمنون "حياة الليل" بكل ما فيها من انحرافات، والنتيجة أن مسيرتهم الكروية ونجوميتهم تنتهي سريعاً، ولا يستمرون في الملاعب لفترات طويلة.

بالعودة إلى والد لامين يامال، وهو شاب صغير بالمناسبة، فالإبن لا يتجاوز 17 عاماً، ولكنه أصبح نجماً عالمياً ولديه عقد ضخم مع برشلونة، هذا الشاب المغربي الذي أنجب هذه الموهبة الكروية للعالم، وجد نفسه على نحو مفاجئ نجماً تطارده الصحافة، والقنوات والجماهير، لا لشئ إلا لأنه والد هذا اللاعب الموهوب، ولأن كل هذا حدث سريعاً فلم يتمكن من تعديل سلوكه أو إدراك أنه أصبح لزاماً عليه التمتع بسلوكيات معينة لكي لا يتضرر الابن من تصرفاته.

أما حالة اللاعب المصري أحمد فتوح، فهو شاب من طبقة دون المتوسطة، وموهوب، وهذا في حد ذاته شرف كبير، أن يستغل موهبته لتغيير حياته وحياة عائلته، ولكنه لم يحترم هذه الموهبة، ولم يقدر نعمة الشهرة ولا نعيم المال الذي أغدقه الزمالك عليه (ملايين الجنيهات)، فذهب صوب المخدرات، وأخذ يستعرض بسيارته الفارهة التي يتجاوز ثمنها في مصر 12 مليون جنيه، وهو رقم فلكي لا يحلم به غالبية الشباب، وعلى الرغم من كل هذه النعم، اختار فتوح طريق المخدرات والاستعراض بالسيارة بسرعة جنونية فقتل رجل الأمن.

والمدهش في الأمر أن البعض يتعاطف مع مثل هؤلاء النجوم لمجرد أنهم مشاهير، أو لمجرد أنهم يشجعون هذا النادي أو ذاك، وهو فكر قاصر ويدعو للخجل بكل تأكيد، فالمخطأ الذي أزهق روحاً وهو تحت تأثير المخدرات يجب أن ينال عقابه بكل تأكيد.

على أي حال، لا يمكن القول إن كل فقير موهوب نال نصيبه من الشهرة والمال سوف ينحرف حتماً، ولكن الغالبية من هؤلاء تداهمهم حالة من عدم الاتزان، وقد يتداركون الأخطاء ويعودون من جديد إلى الصواب، ولكن نسبة ليست بالقليلة منهم تخسر كل ما حصلت عليه من الموهبة.