حكاية تلخص فيلماً وتقريراً كتبت صفحاته في ليلة يلفها ظلام النفوس الحاقدة والحاسدة ويضيء سراجها عدو متربص. ومن ذلك فيلم هندي لا يستحق أن نتحدث عنه لوحده، فقد تمت كتابة سيناريو أحداثه، وتصويره وإخراجه، بنفس عدائي كبير ضد المملكة، بعيداً عن مفاهيم الأعمال السينمائية الهادفة. لكن هذا العمل الهندي المسيء يشير إلى ما هو أبعد من ذلك، لأنه يتزامن مع رسائل متواصلة لتشويه صورة المملكة من مصادر أخرى. ففي هذه الأيام أيضاً، تبث قناة فضائية دولية، لها نفس استخباري معروف، تقريراً مسيئاً للمملكة وقادتها؛ معتمدة على معلومات مكذوبة وأخرى مضللة، مصادرها ليست ذات مصداقية، فإما متشرد ضال أو فاسد هارب أو عدو طامع. وقد اجتمعت شراذم الأعداء على طاولة واحدة، يحاولون مجدداً تشويه صورة المملكة وصورة قياداتها وأجهزتها.

ومن الواضح لكل متأمل لحقيقة هذه الأعمال المسيئة أنها تزامنت هنا من أجل خدمة أجندات سياسية محددة، إذا لم يغب عنا الظرف التاريخي الذي جاءت فيه. فهي تصب في غاية واحدة، وهي الضغط على كل الدول التي تنظر بعدالة للقضية الفلسطينية وتنظر بإنصاف لما يجري في غزة والقدس، وتساهم دبلوماسياً ومالياً في رفع المعاناة التي يواجهها أطفال ونساء وشيوخ لا ناقة لهم ولا جمل في هذا العبث السياسي الذي يجري في بلدانهم في فلسطين ودول أخرى متضررة من السياسات الغربية بشكل عام. المملكة تحمل على عاتقها هموماً عربية وإسلامية كبيرة، ودورها وتاريخها كبير، وهي تراعي بشكل واضح الحق المشروع والتاريخي في فلسطين. تصريحاتها في رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني في غزة والضفة ورفضها سياسات الاستفزاز الإسرائيلية في القدس والأماكن المقدسة في الضفة، ودعواتها المتكررة لإحلال السلام ونبذ العنف واضحة، لكنها لا ترضي قوى البغي والاستعمار وفلول المنتفعين معهم. هذا الدور الإنساني والتاريخي والإيجابي يبدو أنه لا يرضي أولئك الأعداء، ففتحوا أبوابهم لكل ضال ومتشرد وحاقد وطامع في قاعدة من قواعد الاستعمار والاستغلال، يحيكون الدسائس، ويبنون الخطط، وينفذ أتباعهم وأعوانهم ذلك، للمساس بجبل شامخ يستمد قوته من عراقة مكانته، وحكمة قيادته الرشيدة، وإيمان شعبه بالله ثم بقيادته.

المملكة وسط هذه المحاولات المسيئة مثل النور الجلي الذي تتبدد أمامه دياجير ظلمة الحقد والطمع والبغي. تقف آلات الإعلام الأسود المضللة لكل الحقائق عاجزة أمام صلابة موقف المملكة وأمام كل الصور التي تحيا في الشرق الأوسط وفي فلسطين تحديداً، لتبيّن عوار تلك الآلات؛ وكذب رسالتها ومراسليها وعداء محرريها ومخرجيها ورؤسائها.

إقرأ أيضاً: بريكس تحطم احتكار القطبية الواحدة

في الوقت الذي يواجه فيه الشعب الفلسطيني الأعزل في الضفة والقطاع آلات القتل دون رادع أخلاقي أو محاسبة دولية، تقف الدول الفاعلة موقفاً صامتاً أمام ما يرونه من مجازر وقتل وتجويع وتشريد ودمار للحرث والنسل، فيما دول أخرى تساعد الطغاة وتعينهم وتحميهم. اجتمع الأعداء على طاولة واحدة وأمامهم هدف مشترك، ورغم أن هذا معروف لكنه اليوم بات جلياً وأكثر وضوحاً لكل مشاهد مهما كانت درجة نظره. ولا أشد وضوحاً وصلفاً وعداء من أصحاب تلك المنابر الإعلامية العالمية الذين يغضون طرفهم عن غزة والضفة، ويبحثون فقط عن تشويه صورة المملكة ويدعون بها كذباً ما ليس فيها.

أيها الحاقدون على ما وصلت إليه المملكة وما ستصل إليه في الأعوام القادمة، كفاكم عداءً وكذباً، فالعالم بات أكثر وعياً ويعرف أكثر الحقيقة، ويدرك أنَّ المملكة كانت وما زالت وستبقى بإذن الله وقوته منارة خير تحمل رسالة السلام للعالم. هي كلمة سواء يجتمع حولها من يرغب بالسلام والعدل ونبذ العنف.

إقرأ أيضاً: زايد الخير في قلوب العرب

فمنذ أن ظهر ولي العهد محمد بن سلمان في المشهد السياسي برسالته الطموحة والحضارية التي يقودها بحزم، رسم للمملكة هيبة ودوراً جديدين. لقد رسم سموه بحكمة خارطة طريق واضحة لمستقبل أفضل، أكثر ديناميكية وتعاطياً مع الظروف السياسية والفرص الاقتصادية، والتفاعل الحضاري المهم. ونحن نعلم أنَّ هذا التغيير الإيجابي سيجد من يحاول تعطيله ووقفه وتشويه أهدافه، لكن سموه -حفظه الله- عمل على بناء رؤية طموحة، وحدد أهدافاً وزمناً لتحقيقها، من أجل أن تكون الصورة واضحة أمام شعبه أولاً وأمام العالم. وركز في حوارات كثيرة على أنه يثق بالعمل ويثق بشعبه وبأنهم لن يعجزوا عن تقديم أي شيء يخدم دولتهم ومستقبلهم. لذلك، كل المحاولات التي تأتي من الخارج للإساءة لهذا الدور وتلك الصورة المشرقة، لن يكون لها صدى عند الشعب السعودي المؤمن برسالة هذا الوطن ومستقبله، ولن تكون مؤثرة. وبالتالي، كل هذا التناغم بين القيادة والشعب هو قوة يستند إليها كل محلل للمشهد الإعلامي أو السياسي، ليقرأ كل الرسائل الإيجابية والسلبية. ولن تضر القافلة نباح الكلاب، والجبال لا تهزها العواصف وإن تتابعت. وبالله نستعين.