زايد الخير بسماحته ورجاحة عقله قاد الإمارات المتناثرة إلى دولة يُشار لها بالبنان. وسارت كل إمارة على نهجه في البناء الرصين لعلاقاتها في الداخل والخارج.
كان رحمه الله مدرسة نرى أثرها اليوم في كل من زار الإمارات كدولة أو زار كل إمارة على حدة. هناك تلتقي الإنسانية والحكمة والطموح والعلم لتشكل صورة مشرقة لحاضر مميز ومستقبل واعد.
مضى على وفاة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله - قرابة عشرين عاماً كاملة، ولا يزال عبق سيرته العطرة يملأ دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة العربية بأسرها، نظراً لما قدمه من عطاء لوطنه ولأمته العربية والإسلامية.
والحديث عن الشيخ زايد يترك في النفوس راحة وأمل، فقد ارتبط اسمه - رحمه الله - بالعديد من المواقف التي يشهد لها التاريخ طويلاً بالأفعال لا بالأقوال، ويكفي أنه وضع لمن جاء بعده الخطوط العريضة لنماء الوطن حتى وصلت دولة الإمارات إلى ما وصلت إليه اليوم. تطور كبير على الأرض وصل حدوده إلى الفضاء.
وأصبحت الإنجازات والعمل الإنساني واسم الشيخ زايد واجهات متعددة لعملة نادرة واحدة، مصنوعة من أنفس المعادن وأندرها. فقد كان ولا يزال وسيظل رمزاً للقيم الإنسانية النبيلة.
وعلى نفس المنوال سار أبناء الشيخ على دربه، ينهلون من نبعه. في مدة وجيزة جداً تمكنوا، مستلهمين روح الشيخ زايد، من تحويل الإمارات إلى بساتين واسعة ويانعة من أجمل بقاع الدنيا في منطقة الشرق الأوسط. وسارت إمارة دبي لتكون مركزاً ووجهة عالمية للاستثمار والسياحة والاقتصاد. وشكلت موانئها العظيمة محط الرحال والترحال لتكون سنغافورة العرب.
كما رسخ الشيخ زايد متانة العلاقات مع الدول العربية والخليجية من جانب، والدول الغربية من جانب آخر، لتكون العلاقات قائمة على الاحترام والتعاون والود، تشيد علاقات متميزة، لتكون قوة عربية وعالمية يندر مثيلها.
هذه العلاقات الوطيدة تزداد كل يوم، وهنا أستحضر مقولة ولي العهد الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان حفظه الله عندما قال: "الإماراتي سعودي والسعودي إماراتي"، للتأكيد على التلاحم والإخاء بين الشعبين الشقيقين.
إن الرسالة من الاحتفال بذكرى الشيخ "زايد" هي النظر إلى هذا الإرث العظيم والمسيرة الطيبة المباركة التي مهدت الطريق لتحقيق الإنجازات.
إن القيادات التي تعمل بإخلاص لأوطانها تظل أعمالها باقية شاهدة إلى ما شاء الله كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
تاريخ الإمارات جزء مشرق من تاريخ الخليج والعرب، وما نراه اليوم من تطور في كل البلاد العربية هو محط فخر واعتزاز لنا جميعاً.
رحم الله الشيخ زايد وسدد خُطى أبنائه من بعده وأعانهم على الخير، وأن تبقى الإمارات مزدهرة وسقفاً آمناً دائماً. لها دور بنّاء خليجياً وعربياً، وأن تبقى عضيداً مميزاً للمملكة العربية السعودية، التي بات يترسخ اسمها دولياً، وأصبح لها مكانة عالمية، ودور رئيسي متزن، سياسياً واقتصادياً، وسط تكتلات عالمية تتداحم وتتزاحم لترسم حدود مصالحها ونقاط نفوذها.
التعليقات