نعم " المغرب العربي ليس عربياً.. رياضياً".. أقولها قبل أن ينصرف تفكير قارئ هذه السطور إلى ما يتعلق بالعرقية أو القومية أو غيرها من المفاهيم، فأنا هنا أتحدث عن تفوق المغرب العربي رياضياً بصورة تثير التساؤلات.

لماذا المغرب العربي؟ ما فعله سفيان البقالي في أولمبياد باريس الأربعاء حينما انتزع ذهبية سباق 3 آلاف متر موانع (ألعاب قوى)، مكرراً انجازه في طوكيو 2020، جعل السؤال القديم الجديد يقفز في رأسي مجدداً.. لماذا المغرب العربي متفوق رياضياً على محيطه العربي والشرق أوسطي بهذه الطريقة؟

لمن لا يعلم فالمملكة المغربية لديها 25 ميدالية أولمبية، منها ذهبية في باريس حتى الآن، والجزائر في خزائنهم 20 ميدالية أولمبية منها ذهبية في الأولمبياد الحالي في الجمباز، كما تونس لديها 17 ميدالية أولمبية، والمقصود من الاحصائية طوال التاريخ الأولمبي لهذه الدول وليس في باريس فقط بالطبع.

الفارق كبير لمصلحة دول المغرب العربي مقارنة مع بقية الدول العربية، باستثناء مصر، ولمصر حالتها والاستثنائية، فهي البلد الأكبر من ناحية قاعدة الممارسة الرياضية، كما أن في مصر إرث وتاريخ رياضي ملهم لم يتوفر لغيرها في محيطها العربي، فالمصريون أبطال على المستوى الأولمبي منذ عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.

وعلى الرغم من ذلك لم تحقق مصر سوى 39 ميدالية أولمبية (الأولى عربياً) منها 8 ذهبيات، واللافت أن المغرب أصبح لديه 8 ذهبيات أيضاً متساوياً مع مصر، مما يؤشر إلى أن المغرب العربي حالة رياضية خاصة حتى في حالة المقارنة مع مصر التي لم تحقق ما يتناسب مع مكانتها وامكاناتها البشرية.

ثقافة الشعوب المغاربية
ويظل السؤال .. لماذا المغرب العربي ليس عربياً في تفوقه الرياضي؟ بالطبع يصعب العثور على تفسير واحد، ولكن ولمن لا يعلم فالأمر له علاقة بثقافة شعوب المغرب العربي، لأنهم يعشقون الرياضة على مستوى الممارسة الشعبية، ومن ثم تصبح رياضة "البطولة" أكثر انتعاشاً، وتدخل في صميم الفكر الشعبي.

بنية تحتية رياضية قوية رغم كل الظروف
كما أن البنية التحتية الرياضية في المغرب والجزائر وتونس جيدة جداً قياساً بأنها ليست دولة متفوقة اقتصادياً، فقد حرصت أنظمة هذه الدول على مدها بكافة مقومات ممارسة الرياضية منذ عقود بعيدة.

لايف ستايل وأجواء تشجع على الرياضة
سبب آخر يتعلق بالأجواء المعتدلة واللايفا ستايل من مأكل ونوعية طعام تتناسب مع ممارسة الر ياضة، وهي واحدة من أهم المقومات التي تصنع الأبطال.

الانفتاح القوي على أوروبا
ويضاف إلى كل ذلك الانفتاح المبكر والقوي على أوروبا من ناحية الثقافة والفكر واللغة في بعض الأحيان، صحيح أن دول المغرب العربي حافظت على هويتها العربية، ولكن يحسب لها انفتاحها الكبير على القارة الأوروبية.

حركة الهجرة القوية
فضلاً عن كثرة حركات الهجرة إلى أوروبا والعودة من جديد لبلاد المغرب، وهو الأمر الذي كان له مفعول السحر في رفع مستويات الوعي الرياضي على المستوى الشعبي وكذلك على مستوى المنافسة على البطولات.

خلاصة القول إننا يحق لنا أن نفتخر بالتفوق الرياضي المغاربي، في كثير من اللعبات، وليس الرياضات الجماعية فحسب، وفي المقابل يحق لأبناء المغرب العربي أن يقولوا "المغرب العربي ليس عربياً.. في الرياضة" بل هو أفضل من ذلك بكثير.