تعرف النخوة اصطلاحاً بأنها صفة عربية وخلق إسلامي بمعنى الشهامة والقدرة على تحمل شدائد الأمور، وجمعها نخوات. عرف العرب النخوات والعزوات منذ العصر الجاهلي، وهو مصطلح يتم تداوله غالبًا في حال الحرب والشدة بغرض صناعة الفخر وشحذ الهمم، يأتي على عدة معانٍ من الحماس والمروءة والعظمة، وقد ورد ذكر النخوة في القرآن الكريم في قصة سقيا موسى -عليه السلام-: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ* فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).

والفقيه اللغوي والنحوي الثعالبي في كتابه "ثمار القلوب" ذكر أنَّ العرب تتميز بالنخوة على سائر الأمم. ولعل ارتباط النخوة بالقبيلة والفرسان والحروب جعلتها أشدّ التصاقًا بالعرب من سواهم.

وحب العرب للنخوة يظهر في أحلك الظروف على مدى تاريخنا المحلي في مراحل الشدة في الجزيرة العربية، ويتمثل في قصيد حميدان الشويعر:

أحب صياح القيظ ورد وصادر ... وصياح غازات الربيع تروع

أيضًا في عهد الدولة السعودية بأطوارها ومراحلها، كانت النخوة امتدادًا لثقافة عربية خالدة متأصلة فيهم منذ القدم.

وتذكر أقدم الإشارات التاريخية لنخوة "أنا أخو نورة" قبل الملك عبدالعزيز، وذلك يظهر العمق التاريخي للنخوة وتأصُّلها، إضافة إلى ارتباطها بالموقف البطولي، حيث ذكرت في قصيدة الأمير عمر بن سعود بن عبدالعزيز في أثناء وجوده في القاهرة أسيرًا عام 1818م موجهة إلى أخيه الأمير مشاري بن سعود:

عند " أخو نورة " عشير الغانمين ... مثل عد ما يغور من الشراب

وامتدت هذه النخوة حتى عهد الملك عبدالعزيز، وكانت دليلًا على اعتزازه ووده لأخته الشقيقة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، فكان دائمًا ما يردّد أو يصفه الناس: "أخو نورة" في أثناء مراحل توحيد المملكة خلال عام 1902م.

وكذلك جميع فرسان شبه الجزيرة العربية يفاخر الرجل العربي بأخته، ولنا مثال في "أنا أخو شرعا" و"أنا أخو عبطا" وغيرها من مئاتٍ من الأمثلة المرتبطة بهؤلاء الأمراء وشيوخ قبائل الجزيرة العربية.

كان من من النخوات الشهيرة كذلك "معزي"، وهو لفظ فخر مشتق من العزاء والمواساة التي يقدّمها عبدالعزيز لأهل الميت من العطف، حتى للمتمرد أو طالب شر.

وهناك نخوات مرتبطة بفخره بالأجداد، مثل نخوة "ابن مقرن" التي تعود لجده الرابع المؤسس الإمام محمد بن سعود.

وكذلك نخوة تعود لجده الإمام فيصل بن تركي "أنا ابن فيصل"، فقد كان مولعًا بتاريخ جده الفيصلي في قراءته والاستماع له .

النخوات تظهر تأثير الكلمة وقوتها، حيث إنها رمز للوطنية عميق جدًّا، لا على القائد فحسب بل حتى على مواطنيه، وفي الدرعية كان مصدرًا أساسيًّا للإلهام في النخوات والألقاب السعودية منذ تأسيسها، وما زالت .

وتاريخ النخوات والألقاب قد لا يكون أحداثًا ووقائع مهمة ومفصلية، حتى الجغرافيا الطبيعة لنشأة القائد هي مصدر للإلهام الوطني.

النخوة أيضا قوة إيمان القيادة بقدراتها التي تسخر الظروف واستخدامها لتصبح رمزًا يتناقل بين أفراد الشعب .

ولعل أعمق مثال لذلك "العوجا"، وهي تدل على اعوجاج الوادي وادي حنيفة في أقصاه قبل حي الطريف التاريخي موطن الملوك، وكان لدى المعارضين في بداية الدولة عيبًا جغرافيًّا، لكن برؤية القائد أصبح يستحق الإبراز لتصبح قوة كلمة ما زالت من أعظم الكلمات لإبراز قوة هذا الوطن.

والشاعر عبدالرحمن بن صفيان يقول في عبدالعزيز و"العوجا":

سلام يا حرٍّ على العالم ظهر ... لي طار تاقع له جميع احرارها

من ماكرة حر تنهض واشتهر... ثم اصطفق في نجد وأمن دارها

عبدالعزيز اللي على العوجا ظهر... بالدين والدنيا وذبح أشرارها

"العوجا" و"أخو نورة" و"معزي" و"محفوظ" وحتى لفظة "الشيوخ" جمعٌ لكن لمفرد واحدٍ هو "عبدالعزيز".

تطورات طبيعية لتسميات فخر وعز، لا لعبدالعزيز فقط، ولكن كذلك لشعب عبدالعزيز وسلمان ومحمد.