فاجأتنا صحيفة "كان" العبرية بخبر يفيد بأن مصر وافقت على دخول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى قطاع غزة عن طريق معبر رفح، مشترطة موافقة إسرائيل على الزيارة. هذا يعني أن هناك زيارة مرتقبة ستقود أبو مازن إلى قطاع غزة، ولكن سيتم حسمها بعد الخطاب الذي ينتظر أن يلقيه أمام الأمم المتحدة يوم 26 أيلول (سبتمبر) الجاري. ويشير الخبر إلى أنَّ المصريين لم يرفضوا فكرة دخول عباس إلى غزة عن طريق معبر رفح، لكنهم اشترطوا موافقة إسرائيل، وهو الأمر الذي لم يُحسم حتى الآن.

تأتي الرغبة المصرية هذه سعياً إلى تعزيز حضور عباس في غزة ورؤية السلطة الفلسطينية هناك في اليوم التالي للحرب، بما في ذلك في الجانب الفلسطيني من معبر رفح. يمكن تقدير أن المصريين يصرّون على الموافقة الإسرائيلية لزيارة عباس من خلال رفح، بهدف تشجيع إسرائيل على دعم شرعية حكم السلطة الفلسطينية في غزة بعد الحرب.

في حالة إتمام الزيارة، ستكون هذه إشارة إيجابية تعني أن عودة القطاع إلى أحضان السلطة باتت أحد السيناريوهات المتوقعة بعد انتهاء الحرب. ولكن، هل ستوافق إسرائيل على زيارة عباس؟ وما دلالة وأهمية هذه الزيارة؟ وما هو موقف حماس منها؟

من الواضح أنَّ السلطة الفلسطينية تنظر إلى قطاع غزة بعين الخطة التنموية، وهي إحلال السلام وإعادة إعمار القطاع، وتسكين الأهالي في بيوتهم، ووقف العدوان الإسرائيلي المستمر، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة والأراضي الفلسطينية كافة. كما تؤكد السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية على أنها صاحبة الولاية على كامل أراضي دولة فلسطين، بما يشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، باعتبارها وحدة سياسية جغرافية واحدة. وتسعى السلطة للتحرك عبر المنابر الأممية والغربية للحصول على دعم سياسي ومالي يخص مستقبل غزة.

إقرأ أيضاً:

هذا ما تسبب في تخوف حركة حماس، خاصة بعد خطاب عباس، الذي أكد فيه على ولاية منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية على قطاع غزة، معتبرةً تصريحاته تهديدًا لوجودها في السلطة بغزة. عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة أمر محسوم، ولا يوجد بديل فلسطيني آخر. فقد ضيعت حماس فرصة الحكم بعد انقلابها في 2007، وأصبح القطاع في يد الاحتلال دون تحقيق نتائج ملموسة.

أمَّا موقف إسرائيل، فهو بمثابة دليل على القبول بشرعية حكم السلطة الفلسطينية لغزة في اليوم التالي للحرب.

وكانت السلطة الفلسطينية قد طلبت رسميًا من إسرائيل السماح لعباس بزيارة قطاع غزة عبر حاجز بيت حانون (إيرز) أو معبر كرم أبو سالم. يُعد هذا الحراك السياسي تمهيدًا لعودة السلطة الفلسطينية لحكم القطاع، كما أعلن عباس مؤخرًا خلال كلمته أمام البرلمان التركي. ويبدو أن هذه الزيارة قد تتحقق قريبًا، ليعود الأمن والاستقرار إلى غزة مجددًا.

إقرأ أيضاً:

تعتزم السلطة الفلسطينية ملء الفراغ السياسي في غزة بعد الحرب، وتصحيح مسار انقلاب 2007، مؤمنةً بأنها الممثل الشرعي للفلسطينيين في المنابر الدولية. كما تسعى السلطة إلى الحصول على الدعم المالي اللازم لإعادة الإعمار، والتفاوض مع إسرائيل لحل أزمات القطاع تدريجيًا.

ما سبق يؤكد أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من مسؤوليات دولة فلسطين على كامل أراضيها، ولن تسمح السلطة مجددًا باختطافه من قبل فصيل سياسي تسبب بمعاناة الشعب وتشريده. إذا تمت هذه الزيارة، فإنها سترسم مستقبلًا جديدًا لقطاع غزة وللقضية الفلسطينية ككل، وستسهم في استقرار المنطقة وإبعاد القوى الخارجية عن التحكم في مصير الشعب الفلسطيني.