كمال أتاتورك، رغم كل ما يُمكن أن يُقال عنه، شخصية تاريخية تركت أثرًا قائمًا حتى اليوم. ورغم شهرته، لم يأخذ حقه من البحث التاريخي الدقيق للوصول إلى حقيقة شخصيته ودوره في تلك الفترة الزمنية: كيف بدأ وأين وصل، وكيف صنع تاريخه؟ لقد عاش في وقت شهد نهاية حقبة عالمية وولادة نظام عالمي جديد، ما أسفر عن انطلاق معاهدة سايكس بيكو التي قسمت غالبية العالم العربي إلى دول احتلها المستعمرون.

إنَّ عدم التطرق البحثي الدقيق لشخصية أتاتورك، أعتقد أنه يعود إلى سببين:

الأول، أن الأتراك اليوم يعتبرونه بطلًا، ولهذا لا يكتبون إلا الجوانب الإيجابية، وتختفي أي مصادر تقول غير ذلك.

والسبب الثاني، أن الباحثين العرب أرادوا طي مأساة قرون من البطش التركي، ولا يرون في الأتراك إلا ما يُذكرهم بالجانب المظلم فقط. والتاريخ يحتاج إلى قراءة حقيقية بعيدًا عن عين الجلاد وعين الضحية.

لكن من هو أتاتورك؟

لذلك، ولأجل الإنصاف، كان لا بد من طرح التساؤلات التالية:

- هل الحقيقة هي كما يقول أعداء أتاتورك: أنه لعب دورًا رئيسيًا في إضعاف سلطة عبد الحميد الثاني وعمل على إسقاط الخلافة العثمانية؟

- هل كان أتاتورك يقف وراء إحياء القومية التركية التي سببت القطيعة مع العرب وعززت أسباب الثورة العربية؟

- هل كان لأتاتورك صلات بالغرب قبل أن يظهر اسمه ويكون له شأن في تركيا؟

- هل أتاتورك يهودي أو صهيوني، أم كان فقط رجلًا قوميًا؟

- هل أتاتورك، كما يقول محبوه، بطل قومي صنع تركيا اليوم وأخرجها من إرث كبير كان مرهقًا لها؟

- هل كان أتاتورك رجلًا أنقذ تركيا وجعلها تقفز من السفينة الغارقة؟

- هل كان أتاتورك يكره الإسلام، كما يقول أعداؤه؟ أم كان يكره العرب، كما يظن بعض الباحثين؟ أم كان رجلًا علمانيًا قوميًا كما يراه الأتراك؟

- كيف انتصر أتاتورك على كل القوى التي كانت تتصارع في تركيا وخاض الحرب ضد الحلفاء؟

- هل كان سبب سقوط الخلافة العثمانية هو الثورة العربية، كما يقول غالبية الأتراك اليوم؟ أم كان سببها أتاتورك نفسه الذي أراد شماعة يعلق عليها السقوط؟

- وهل سقوط ظلم الأتراك على يد العرب فخر يستحق للعرب أن يحتفلوا به كل عام؟ أم إدراك لحقيقة ما جرى في أروقة البيت العالي قبل السقوط؟

أترك البحث عن الإجابات المقنعة للقارئ المحايد فقط.