الصحفي القطري الأيقونة سعد محمد الرميحي له بصمة لا يمكن أن تُنسى في عالم الصحافة الرياضية. الصحفي الذي سبق له أن رأس تحرير مجلة "الصقر" الرياضية لفترة مديدة، ونجح في قيادة دفتها، فكانت أُنموذجاً فريداً من بين الإصدارات التي ظهرت على الساحة العربية في حينها، وتميّزت عليها بفضل مضمونها والعمق الذي كانت تضفيه بموادها الصحافية التي تتطرق إليها، وتزين صفحاتها، والمكانة الجديرة بالاحترام التي حظيت بها من جميع محبي وعشاق الرياضة، وفي مختلف الألعاب الرياضية، لأنها كانت مجلة شاملة، ونجحت في ذلك نجاحاً لفت إليها الأنظار.

وإذا ما ذُكرت مجلة "الصقر"، لا بد أن يُذكر سعد محمد الرميحي، الذي تعلق اسمه بالمجلة التي كنا نحرص، ونحن أطفال صغار، على التعلق بها واقتنائها، فضلاً ـ وهذا الأهم ـ عن تقليدنا وارتدائنا الزي العربي الذي كان يظهر به علينا أستاذ الأجيال سعد الرميحي في صورته المنشورة إلى جانب مقاله الأسبوعي "خواطر رياضية".

أحببنا الرميحي بصدق، وعن طيب خاطر.. وسبق أن تعلّمنا الكثير من توجيهاته ورؤيته الصائبة، وتجربته العميقة، وحبّه غير المحدود لصاحبة الجلالة التي عشقها فأجزل له العطاء. أضف إلى أنه كان خير مثال يُحتذى كصحافي أُنموذج، وهو الصحفي المتفاني المتواضع في تعامله مع نفسه ومع الآخرين.

وكان الموجّه والمربّي الفاضل لي ولغيري من زملاء المهنة التي عشقناها وأحببناها، وانغمسنا في جذورها، ونهلنا من تجاربه الشخصية الغنيّة، ومن حسّه الصحافي، ومن ذوقه الرفيع، ونبرة صوته المحببة، وعزيمته التي لا تلين، ناهيك عن تحلّيه بالتواضع الجمّ، وبروحه الصافية، فأنار الطريق أمام جيل متكامل من الشباب نهلوا منه العطاء.. واحترفوا المهنة وأبدعوا فيها.

إقرأ أيضاً: اللاعبون.. وخطورة الإصابة في الرباط الصليبي!

ما يميّز الرميحي توثيقه المادة الصحفية، وتبيان الوقائع وتجسيدها في متن مقالته الأسبوعية، "خواطر رياضية"، التي كان يحرّرها ويتابعها القرّاء بشغف كبير، فكانت مثالاً رائعاً في التغطية الصحفية من صحفي ناجح مثابر ومتفرّد.. فضلاً عن أسلوبه الراقي، وصياغته العبارات الجميلة البسيطة التي يُصرّ القارئ على متابعتها، ويتلهف إلى قراءتها بشوق كبير.

وبعد عودتها إلى الإصدار من جديد بعد غياب، كتب الرميحي: "الصقر مجلة رياضية هدية قطرية لقراء لغة الضاد في كل بقاع العالم"، وأوضح أنه استمع يوماً لنصيحة الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، عندما قال له: "الشيء الذي يموت لا تحاول إحياءه من جديد".

إقرأ أيضاً: سوريا وتضييق الخناق على حرية الرأي والتعبير!

المعروف عن سعد محمد الرميحي، الذي يشغل اليوم منصب رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصحافة، أنه مثال للصحفي المتفرد في لغته، وهو الذي لم يهادن أو يتزلّف لأحد، أو طمع في منصب أو مكانة، فكان أكثر ما يهمه أن يصل إلى قلوب القرّاء، وأن يحقق حلماً طالما راوده، وتجسيد ذلك بدور الزملاء الشباب العاشقين والمحبين للمجلة الذين استفادوا من تجربتها، ما جعل منهم صحفيين مبدعين يُشار إليهم بالبنان.