حين وطأت قدماي عرعر في زيارتي الأخيرة بعد عشرين سنة من الغياب ، وجدت نفسي أمام لوحة تنبض بالحياة والتجدد، مدينة تعكس في تفاصيلها رؤية عصرية وقيادة حكيمة. كانت تساؤلاتي تسبقني، كيف استطاع الأمير فيصل بن خالد بن سلطان أن يكتب هذه الصفحة الجديدة من تاريخ منطقة الحدود الشمالية؟ بأيّ مدرسة قيادة أعدّ نفسه؟ وكيف صاغ هذا النهج الفريد الذي يجمع بين العمق التاريخي والحداثة في آنٍ واحد؟

الأمير فيصل، حفيد ولي العهد السعودي الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز، الذي كان أيقونة الحكمة والكرم، وسبط الملك فهد بن عبد العزيز، قائد النهضة وصانع السياسات السعودية الحديثة، وابن الأمير خالد بن سلطان، القائد العسكري الذي عُرف بشجاعته وحنكته، استقى من هذا الإرث العظيم روح القيادة والإبداع. لكنه لم يكتفِ بأن يكون امتداداً لتاريخ عائلته الحافل، بل رسم ملامح مدرسة قيادية جديدة، تقوم على الابتكار والقرب من الإنسان، وجعل التنمية قصة نجاح تنبض في كل زاوية من شمال المملكة.

في عرعر، رأيت إرث أجداده ممزوجاً ببصمته الخاصة. مشاريع تنموية تتحدث عن نفسها بلغة الإبداع والابتكار، وشوارع تعكس اهتماماً بالتفاصيل، وأحياء تنبض بروح الإنسان الذي أصبح محور هذه التنمية. لم تكن التنمية مجرد بناء حجر فوق حجر، بل كانت بناء مجتمع أكثر وعياً ، وشباب أكثر تأهيلاً ، ومستقبلاً ينبض بالأمل.

قيادة الأمير فيصل تنطلق من فلسفة عميقة: الإنسان أولاً وهذا النهج يظهر بوضوح في جميع أعماله، من تمكين الشباب عبر برامج تدريبية ومبادرات ريادية، إلى تعزيز دور المرأة، إلى نشر الوعي حول أهمية التكنولوجيا والتنمية المستدامة. كل خطوة يخطوها الأمير فيصل تعكس إيماناً عميقاً بأن القوة الحقيقية للمجتمعات تكمن في إنسانها.

وفي ظل رؤية المملكة 2030، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كان الأمير فيصل من أبرز القادة الذين فهموا هذه الرؤية وحولوها إلى واقع ملموس. من منطقة حدودية كانت تُعتبر بعيدة عن مراكز التأثير الاقتصادي، إلى منطقة أصبحت نموذجاً للنهضة المتكاملة، حيث تتداخل البنية التحتية المتطورة مع الاستثمارات الاقتصادية، وتتضافر الجهود لبناء مستقبل أكثر إشراقاً ، عرعر اليوم ليست فقط مدينة، بل هي رمز لرؤية متقدمة تسعى لتحقيق الاستدامة والتميز.

إنَّ الإنجازات التي رأيتها بعيني لا تقتصر على الحجر والمباني، بل تمتد إلى بناء الإنسان وتطويره. الأمير فيصل بن خالد بن سلطان يُثبت في كل يوم أن القيادة ليست مجرد ألقاب ومناصب، بل هي القدرة على الاستماع والتفاعل، والعمل بحكمة وعزم، لصناعة مستقبل يليق بطموحات الوطن.

إقرأ أيضاً: الليلة الأولى للطاغية في موسكو الباردة

شاهدت هذا عندما شرفت بحضور مجلس سموه المخصص للمواطنين في تجسيد لمبادئ الباب المفتوح حيث لا برتوكول ولا تعقيد ولا روتين، لا يمكنني أن أخفي إعجابي الكبير بهذه المسيرة، وهذا النهج القيادي الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة. الأمير فيصل ليس فقط أمير منطقة، بل هو قائد وطني يُجسد المعاني الحقيقية للقيادة المسؤولة. عرعر اليوم تُخبر قصة أمير استطاع أن يحول الأحلام إلى واقع، وأن يجعل التنمية رسالة إنسانية خالدة.

وفي ختام هذه الكلمات، لا يسعني إلا أن أرفع أسمى آيات الشكر والتقدير لسمو الأمير فيصل بن خالد بن سلطان. شكرًا على قيادتك التي تُلهمنا جميعاً ، وعلى رؤيتك التي تضع الإنسان في القلب والجوهر. شكراً لأنك كتبت قصة نجاح جديدة في منطقة الحدود الشمالية، قصة سيقرأها التاريخ بإعجاب، وسترويها الأجيال بفخر.

إقرأ أيضاً: النهاية المنطقية للإنسانية

نسأل الله أن يُديم على سموكم الصحة والعافية، وأن يُبارك في جهودكم، وأن تستمر هذه المسيرة المباركة التي جعلت من شمال المملكة نقطة مضيئة في خارطة الوطن. إن ما قدمتموه وما تُقدمونه هو مصدر فخر واعتزاز لكل مواطن سعودي بل لكل عربي ومسلم يرى في السعودية قلب العالم ونبضه ، ما تفعله يا سمو الأمير بمثابة درس في القيادة الحكيمة لكل قائد يسعى لصناعة الأثر. نحن على يقين أن المستقبل الذي تُخطط له سيكون أكثر ازدهاراً ، لأنكم جعلتم من التنمية رحلة تُقاس بمدى تأثيرها في حياة الناس، ومن القيادة رسالة تُكتب بحروف الأمل والإنجاز.