رزح الشعب السوري الشقيق تحت حكم من لا يعرف معنى العدل والرحمة والشفقة وأصول حكم الشعوب لعدة عقود، فتحولت سوريا إلى سجن كبير أمسى فيه المواطن، عماد الوطن وحارسه وبانيه، سجيناً في منزله وشارعه وحارته ومدرسته وعمله. فكيف بمن يدخل سجون نظام الأسد البائد، حيث يجهز أهله تابوته وينتظرون تسليم جثته وشهادة وفاته؟
لم يستطع المواطن السوري إيصال صوته إلى العالم وسط قصور عربي ودولي في كشف جرائم هذا النظام البائد، الذي كان كله (شر محض)، حتى حدث للشعب السوري ما حدث من نكبة سوداء تُعد من أكبر نكبات التاريخ المعاصر حين دفع الثمن غالياً، إلى أن حان يوم مجيد استعاد فيه الشعب السوري وطنه وحريته وعلمه وشهادة ميلاده من جديد. كان يوم الثامن من كانون الأول (ديسمبر) 2024 يوماً عظيماً تحقق فيه للشعب السوري ما كان يُعتبر ثامن المستحيلات.
كان ذلك اليوم العظيم كشفاً لوجه آخر من معاناة الشعب السوري، وفتح ملفاً أسود غامضاً هو ملف سجون النظام. حيث لم يكتفِ نظام الأسد في عهدي حافظ الأسد وبشار الأسد بقتل أكثر من مليون سوري وتهجير 15 مليوناً داخل وخارج سوريا، بل اتضحت صورة قبيحة لذلك النظام الطاغي حين كشف أهل سوريا للعالم عن سجون الظلم والقهر والتعذيب والمرض والإهانة والقتل.
حتى أنَّ عدد مشاريع السجون فاق عدد مشاريع العمران، وهندسة هذه السجون تفوقت على هندسة بناء الطرق والمستشفيات، وكان أعداد المساجين من أهل سوريا ومن خارج سوريا لا يُصدّق.
كان الكشف الميداني والنقل الإعلامي لهذه الصورة أمراً مرعباً ومحزناً. ومهما حاول أي طاغية المحافظة على حكمه بالنار والحديد، يأتي يوم يُدحر فيه ويفرح شعب ذاق منه كل أنواع وأصناف القهر والتعذيب والقتل.
إقرأ أيضاً: اليمن والحوثي السعيد
عادت سوريا لأهلها بعد عقود مرعبة، وعادت للحضن العربي، وانطلقت لها قوافل الخير في جسور جوية وبرية وبحرية محمّلة بكل ما تحتاجه سوريا، وهذه عادة الأشقاء تجاه أشقائهم.
انطلقت قوافل الخير من الأشقاء للتخفيف من معاناة الشعب السوري وتزويده بكل ما يحتاج من غذاء ومؤن ومواد ووقود ومساعدات. ومن ضمن هذه القوافل، زحفت القوافل السعودية براً وجواً وبحراً كماً ونوعاً، وكانت ناقلة النفط السعودية “خزامة”، الأضخم على مستوى العالم، التابعة لشركة أرامكو، من ضمن القوافل المرسلة من المملكة العربية السعودية للأشقاء السوريين.
إقرأ أيضاً: مهرجان الملك عبد العزيز للإبل السنوي
ورافق ذلك دعم سياسي كبير، حيث تواصلت الجهود الحثيثة والاجتماعات السعودية - السورية لدعم العملية السياسية الانتقالية بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق ويضمن أمن واستقرار سوريا ووحدة أراضيها.
ومن المؤكد أن تجاوز سوريا لأزمتها يفرحنا كثيراً، ولكنه لن ينسينا جرائم نظام الأسد البائد. ولابد من محاكمة كل من تلطخت يديه بدماء الأبرياء من الشعب السوري. ويبقى الخير والمشاعر الإنسانية أجمل ما يُقدّم للبشر، ونقيض ذلك الشر وزواله (خير بشرى). حفظ الله سوريا وأهلها من كل شر.
التعليقات