في مقابلة أجريت معه في 24 كانون الأول (ديسمبر) مع قناة "الميادين"، أدلى كمال خرازي، المستشار الكبير للمرشد الأعلى للنظام الإيراني ورئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، بتصريحات لاذعة حول طموحات طهران النووية. صرح خرازي قائلاً: "نحن نعارض الأسلحة النووية بشكل أساسي"، لكنه أضاف: "إذا اتخذوا إجراءات ضدنا، فمن الطبيعي أن نرد بالمثل عندما يحين الوقت المناسب". أثار هذا التهديد المبطن مخاوف من أن إيران تستغل بشكل متزايد برنامجها النووي لمواجهة العزلة الدولية المتزايدة والنكسات الإقليمية.

وأكد خرازي استعداد النظام للتكيف مع الديناميكيات المتغيرة، واصفاً نهج طهران بأنه يستجيب للضغوط الخارجية. وقال: "نحن مستعدون للحوار ومواجهة الضغوط". ومع ذلك، فإنَّ هذا السرد المزدوج للتفاوض والمقاومة كان منذ فترة طويلة حجر الزاوية في استراتيجية طهران لكسب الوقت، وإخفاء التقدم في برنامجها للأسلحة النووية، وابتزاز التنازلات من المجتمع الدولي.

وأشار إلى أنَّ الخطوات القادمة لإيران ستتوقف على سياسات الإدارة الأميركية الجديدة، قائلاً: "نحن نراقب سلوكهم عن كثب، لكننا لن نتسرع. وسوف تتوافق أفعالنا مع أفعالهم".

تأتي تعليقات خرازي في الوقت الذي يكافح فيه النظام مع انهيار حليفه في سوريا والتحديات المتزايدة لنفوذه الإقليمي. وبالرغم من الاعتراف بالأهمية الاستراتيجية لدمشق، فقد سعى إلى التقليل من الآثار الأوسع نطاقاً لخسائر النظام، وعزا التطورات الأخيرة إلى ما أسماه "خطة أميركية إسرائيلية". واعترف بأن "التقدم السريع للمعارضة في سوريا كان ممكناً بسبب الافتقار إلى المقاومة من جانب الجيش السوري".

إنَّ الموقف العدواني للنظام يبدو منفصلاً بشكل متزايد عن الواقع. إن تصريحات خرازي، المحملة بالتهديدات الغامضة والخطابات التي تتسم بالثناء على الذات، تؤكد أنَّ النظام يكافح من أجل الحفاظ على أهميته في مشهد جيوسياسي سريع التغير. ومع تعثر التحالفات الإقليمية وتراجع نفوذها، فإن اعتماد طهران على التهديدات والدعاية لا يعكس القوة بل إدراكاً حاداً لموقفها الضعيف.

على مر السنين، استخدم المسؤولون الإيرانيون الخطاب العدواني بشكل متكرر كدرع ضد التدقيق الدولي المتزايد والسخط المحلي.

إقرأ أيضاً: الفلاتر وVPN: تجارة السلطة المربحة في إيران

كان هذا النهج واضحاً في الشهر الماضي عندما هدد وزير خارجية النظام عباس عراقجي "بإجراءات متبادلة" إذا أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً ضد إيران. وأعلن عراقجي، مردداً نفس النبرة المتحدية التي استخدمها خرازي: "إذا صدر قرار ضدنا، فإنَّ إيران ستتخذ خطوات في برنامجها النووي لن تعجبهم بالتأكيد".

وعلى نحو مماثل، دعا أحمد نادري، وهو عضو بارز في البرلمان، مؤخراً إلى تطوير الأسلحة النووية "لاستعادة التوازن في المنطقة"، مستشهداً بقدرات إسرائيل كمبرر لذلك.

ولسنوات، أتقن النظام الإيراني تكتيك الابتزاز النووي، مستغلاً المفاوضات كوسيلة لتأخير اتخاذ إجراءات حاسمة من قِبَل المجتمع الدولي. ومن خلال تقديم احتمال الحوار، تمكن النظام من تجنب العواقب الحاسمة، وكل ذلك في حين قام بتخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من درجة الأسلحة، وعرقلة عمليات التفتيش، وإخفاء أنشطته في مواقع غير معلنة.

إقرأ أيضاً: إيران وتصعيد المواجهة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

وكما تظهر تصريحات كمال خرازي الأخيرة، فإنَّ هذا النهج يظل يشكل جوهر استراتيجية طهران. ولمعالجة هذا التهديد المتصاعد، يتعين على المجتمع الدولي إعادة فرض العقوبات الشاملة لخنق الموارد المالية لطهران ووقف تقدمها النووي. ولابد من تنفيذ عمليات تفتيش صارمة لضمان الشفافية الكاملة ومنع المزيد من التستر على الأنشطة النووية.

ومع ذلك، فإن دعم الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة لإحداث التغيير الديمقراطي هو الحل الدائم الوحيد للقضاء على التهديد النووي. إن تغيير النظام في إيران لن يؤدي فقط إلى تحييد خطر الانتشار النووي، بل سيعمل أيضًا على استعادة السلام الإقليمي والمساهمة في الأمن العالمي. لقد حان الوقت لإنهاء دورة طهران من الابتزاز والخداع من خلال العمل الحازم والموحد.