عبد الجبار العتابي من بغداد: سوسن شكري فنانة عراقية ذات مسيرة فنية طيبة تفوح من ارجائها روائح الرومانسية والهدوء.. فنانة تتألقت على مر السنوات وترتفع بادائها ليملأ المكان تأثيرا وعبقا يعود بالمشاهد الى خطواتها الاولى التي كانت فيها سوسن سوسنة الفن والتي حين نرمي بصرنا بعيدا نراها في (اعماق الرغبة) زاهية ،لاسيما انها عاشت في عائلة فنية وتأثرت بوالدها الفنان شكري العقيدي، انها مازالت تستذكر ايام الفن الجميلة والاعمال العديدة في مختلف المجالات وتتمنى ان تعود الحركة الفنية العراقية لتواكب ما حولها ، ومازالت تمتلك تلك الحيوية ولاتشعر باليأس وتأمل ان تحقق رغبات اخرى في نفسها ، سوسن التقيناها لنعرف منها جديدها وافكارها:

ما الفرق الذي تشعرينه بين سوسن قبل سنوات وسوسن الان؟
احس الان انني وصلت الى مرحلة العطاء الاكثر والجرأة في الطرح وقد كان عندي في السابق نوع من الخجل، الان.. صار لدي انفتاح اكبر وهذا يتوضح من تعدد الشخصيات التي مثلتها، ومنها الخط الذي فيه روح الكوميديا الذي يعطي جرأة في العمل، فكلما تعمل اكثر تصبح لديك ممارسة وجرأة في طرح المواضيع فيزداد العطاء، انا سوسن شكري التي يعرفها الناس ولكن احس ان ادائي وشغلي حاليا يختلف عن السابق .
هل انت راضية عن نفسك حاليا ؟
ماذا افعل هذا هو الموجود والدائر في الساحة الفنية ومتى ما يستقر الوضع الامني ويقف المسرح العراقي على قدميه كما كان يمكن ان نقول هذا برضي رغباتنا ، حتى وان لم تكن لدينا اعمال في التلفزيون
اليس هنالك عمل مسرحي في القريب العاجل ؟
ان شاء الله هنالك عمل خلال الموسم الحالي ، هناك اتفاق مع الدكتورة عواطف نعيم ووعدتنا خيرا واتمنى ان اعمل معها
ولكن العديد من الاعمال المسرحية تم تقديمها ألم تحن لك فرصة فيها؟
انا من اجل العمل في المسرح اطلب بلساني على غير التلفزيون الذي لم اطلب يوما من مخرج ان يعطني دورا ، ولكن لاتوجد فرصة ، وليس السبب من ناحيتي انا بل ان كل مخرج له وجهة نظر ، ثم ان كل المسرحيات التي قدمت اما ان تكون لشخص او شخصين ، ولا استطيع ان افرض نفسي على مخرج معين ، لكنني كما قلت لك اطلب ان اعمل مسرحا وهذا ليس عيبا لان المسرح هو ابو الفنون ، هو الذي يخلق الفنان الحقيقي ، بالاضافة الى ولائي لدائرة السينما والمسرح التي اتقاضى راتبي منها يجعلني اقدم لها ولو جزء بسيطا ، فضلا من انني اريد ان اثبت وجودي ، ماذا اعطي واقدم واجدد روحي في المسرح واعمل الذي اقتنع به وبأدائي وفي نفس الوقت انا بحاجة الى ان اعمل كثيرا، انا اشعر انني مثل الماكنة (الواقفة) والمسرح هو المحرك لي وروح الحياة للفنان.

منذ متى وانت بعيدة عن خشبة المسرح ؟
اخر عمل قدمته عام 2003 ، وخلال عام 2004 حانت فرصة للاشتغال في عمل مسرحي وتمرنا عليه ولكن بسبب الوضع الامني ، وحتى نحل اشكالات النقل طالبنا بتوفير واسطة نقل من اجل ضمان الحضور ، ولكن فوجئت انهم اتوا بممثلة اخرى .
كيف ترين مايقدم الان من اعمال مسرحية؟
ما يقدم ليس هو كل ما لدى المخرجون الذين نعرف عطاءاتهم ، وكذلك الفنانون الذين لايقلون ابداعا عنهم ، والشباب الذين نبارك لهم اعمالهم ونقف لهم احتراما وتقديرا ، ولكنني لااحس ان هذه كفاءاتهم الحقيقية ، بل ان لديهم ابداعا اكبر وعطاء اكثر وانتاجا قليلا ، احيانا تشعر ان المسرحية مهلهلة ، ولا اعرف السبب والذنب هو ذنب الانتاج ، ومع ذلك فهم يشكرون على ما يقدمونه وبالتأكيد هو افضل من البطالة والجلوس ، المهم انه يحس نفسه قدم شيئا
هذه البطالة القسرية هل تزعجك ؟
انا اتألم عندما اشاهد مسرحيات واعمال عربية ، واقول لماذا لانجاريهم ، لماذا لانشتغل ونكون افضل مما نحن عليه الان ، الفنان يعيش من اجل ان يعمل سواء في السينما او المسرح او التلفزيون او الاذاعة ، انا عن نفسي اتألم كثيرا لانني لم اشتغل مسرحا وموسمين لم اعمل في التلفزيون ، صحيح ان الظرف خاص ولم تحن فرصة ، ولكن العمر يمضي والسنوات تذهب هدرا ، كنت اتمنى لو انني اشتغل في مسرحية واحدة كل سنة واحس بالارتياح والتجدد والادامة والحركة ، اشعر بمتعة ترقب يوم العرض وساعة العرض واشعر بالخوف المشروع ،وان كانت ستعرض ليوم او يومين ونرجع بعدها الى ما كنا عليه.
ماذا تقولين عن السينما ؟
في التسعينيات وبسبب الحصار منعت المواد الخام التي تدخل في صناعة السينما وتوقفت عجلة السينما ولكن الان ما الذي يمنعها ان نستورد هذه المواد وتقوم الشركات والدائرة بالانتاج وان كانت دور العرض السينمائي قد انتهت ولكن بالامكان اعادة كل شي ، وانا اشعر بالحزن عندما اشاهد اعلانات الافلام و(اموت من القهر) .
هل ثمة خطوط حمراء لديك عند الموافقة على المشاركة في الاعمال ؟
كل انسان لديه خطوط حمراء لايمكن تجاوزها ، وانا احترم عائلتي ونفسي ومجتمعي ولا احاول ان اسيء واقدم عملا غير لائق حتى لو كانت تلبي رغبة داخلية للتمثيل.
ما رأيك بما تطرحته الدراما العراقية من مواضيع؟
هناك كتاب مازالوا يعيدون ويصقلون بمواضيع معينة والمفروض ان يتحرروا منها، فاغلب الاعمال تتناول الاحداث الحالية من واقع العراق كما هي وهذا لا يخدمنا، نحن نريد ان نقدم العراقي بشكل نظيف وجميل، نقدم مواضيع اجتماعية وكوميدية ، يكفي ما قالوه وعلينا ان نتجه اتجاها اخر.
هل هنالك فنانة اوفنان تفتقدينه؟
نعم وهم الفنانون الذين سافروا وهاجروا مثل غزوة الخالدي وسهام السبتي لانهما فنانتان كبيرتان اسما ومضمونا، كما افتقد الفنانة هند كامل صاحبة الروح الحلوة المتجددة وتحسها (حبيبة) داخل العمل ومشاكسة وتمزح وتلعب وروحها جميلة وانا اتمنى ان تكون موجودة ونلتقي معها، كما افتقد الفنانة سليمة خضير التي ليس لها حضور وهي الفنانة الكبيرة والتي لا تحتاج ان اقول شيئا عنها فهي فوق الكلام واتمنى من المخرجين ان يجعلوا لها حضورا في اعمالهم لاسيما ان دور الام موجودا وكذلك الفنانة سعدية الزيدي التي لها تأثير في الحركة الفنية.
كيف يمكن ان ينتشر الفن العراقي؟
الشيء الاهم وجود الفضائيات واعتقد ان الاعمال التاريخية هي السبب في الشهرة العربية من خلال اللغة الفصحى.
ما الذي نحتاجه لنكسب الانتشار؟
لدينا الكاتب الجيد والمخرج الجيد والممثل الجيد وما نحتاجه هو الانتاج الجيد جدا، فان لم تقدم العمل بالمواصفات المطلوبة لم ينجح، ثم ان كل العوامل مرتبطة ببعضها واحدها مكمل الاخر واقول ان المهم هو الانتاج، ونحن الان بحاجة الى وقت وجهد ونكران ذات من اجل ان تأخذ الامور مكانها الطبيعي
هل لكثرة الفضائيات ضرر ام فائدة؟

ما الضرر منها.. انا ارى انها فتحت الابواب امام الفنانين وتنوع الاعمال والمخرجين والمؤلفين بالاضافة الى وجود الجراة في الطرح للمواضيع كذلك فان من منافعها انتشار الفنان العراقي حيث من المؤكد ان هناك من يشاهد اعمالنا، كما اننا نريد ان يكون حالنا مثل حال اي ممثل عربي معروف، فنحن نعرف الممثلين العرب وهم لا يعرفوننا ثم ان الفضائيات تفتح المجال واسعا امام الكتاب والمخرجين.
هل لديك طموحات لم تتحقق بعد ؟
بالتأكيد ، قد اعتبر نفسي محظوظة ان اشتعلت سينما ومسرحا ، وكبرنا ولكن الفنان يبقى بحاجة الى ان يعطي ، ليست ادوار شبابية بل مراحل مختلفة من الحياة ، اتمنى ان تعود السينما ويعود المسرح ونقدم مسرحيات شعبية مهذبة من صميم المجتمع
ما جديدك ؟
- انتهيت من تصوير مشاهدي في مسلسل (بيت الطين) واؤدي فيه شخصية (سيلينا) الانكليزية وهي امتداد للجزء الاول ، والجديد فيها انها تبقى وتتزوج عراقيا وسط مشاكل عديدة ، بعد ان تطالب بحق اولادها وتمسك الفلاحين بأرضهم ، وفيها رمزية للاحتلال والسيطرة ولكن تبقى كلمة الشعب هي العليا ، كذلك انتهيت من مسلسل (نعم يخفى القمر) اخراج اركان جهاد وتدور احداثه خلال الحرب العراقية الايرانية ،واؤدي فيه دور زوجة لاتنجب اطفالا ويتزوج عليها زوجها ، فيها خط انساني جميل ، كما استعد للمشاركة مع المخرج عزام صالح في شخصية (سميعة) المتنكرة بهذا الاسم كون ماضيها فيه زوجها وعمتها من المغنين ،واسمها الحقيقي (مجالس) والشخصية انسانية جدا حيث تضحي بحياتها وشبابها من اجل تربية ثلاث بنات كانت قد انقذتهم من حريق شب في احد البيوت ،والشخصية فيها معاناة واعجبتني كثيرا.
هل من كلمة اخيرة وتوجهينها لمن؟
انا دائما اطالب بدائرة تلمنا ونحس بها، فدائرتنا الحالية مكانها المسرح الوطني.. لماذا لا نجعله يكون مسرحا فقط بدون ان يتجول فيه الموظفون والمراجعون، لماذا لم يلتفت احد الى دائرتنا السابقة في مسرح الرشيد ويعمرونها لتكون لنا دائرة خاصة وبناءها يختلف عن الدوائر الاخرى، انا اطالب باعمارها مثلما عمروا الدوائر الاخرى ، فالمسرح الوطني مكان مهم لعروض و (حرامات) ان يستهلك بهذا الشكل، انا اشعر انه يتعب يوميا لاسيما ان الحركة فيه منذ الصباح الى الليل.. نريد مسرحا جميلا خاصا مثلما نريد دائرة تحتوينا، واوجه كلامي هذا الى كل من يهمه الامر.