مع إنتشار العمل على الإنترنت ، إنتشرت الويب دراما الَّتي أخذت تستقطب شرائح العاملين على الشَّبكة العنكبوتيَّة، فهل تحل هذه الصناعة مكان المسلسلات التلفزيونيَّة؟


دمشق: بعد الثورة الكبيرة في مجال التكنولوجيا ووصول الانترنت إلى داخل كل بيت، وقضاء الشباب لأوقات طويلة أمام شاشات أجهزتهم الكمبيوترية، كان لابد أن تؤثر هذه الثورة التكنولوجية على العديد من مجالات الحياة، بل تعدى ذلك إلى استناد الثورات العربية التي أسست لمرحلة تسمى بالحراك العربي على الثورة التكنولوجية، وقد جمعت مواقع التواصل الاجتماعي من الجماهير وحشدتهم في الساحات العربية أكثر من جهود كل الأحزاب العربية التي لم تستطع في لم شمل أكثر من عشرة ألاف حتى لو كانت الدعوة إلى مهرجان وليس إلى مظاهرة فيها من الخطورة ما يكفي.

وتعتبر الدراما أحدى المجالات الحياتية التي تؤثر على الجمهور العربي وتجذب شبابه ما يكفي، فكيف أثر الانترنت على الدراما؟ وهل ستحل ما يسمى بالـquot;الويب دراماquot; كبديلة للدراما التلفزيونية في السنوات المقبلة، خصوصًا وأن أحدى أهم تجارب الدراما اللبنانية كانت من خلال مسلسل quot;شنكبوتquot; الذي رشح لجائزة quot;ايميquot; العالمية، وحقق للبلد العربي ما لم تحققه دراماه التلفزيونية.

رأىالمخرج السوري الشاب، مصطفى برقاوي، في حديثه لـquot;إيلافquot; أن الويب دراما ستصبح قريباً بديلة للدراما التلفزيونية، وأنها من الممكن أن تتسبب في إلغاء بعض الفضائيات العربية على مدى السنوات القادمة وتحدث عن مثال مهم قائلاً: quot;يتصدر كليب لمراهق أميركي يدعى جيستن بيبر على موقع اليوتيوب، ومع أن عمره لا يتجاوز الثامنة عشرة وليس من فئة المشاهير، حيث حصل على أكبر نسبة مشاهدة بعد أن حاز على 650 مليون مشاهدة، ويعتبر هذا الرقم أكبر من عدد سكان أميركا، وبالتالي فأن الرقم يعطينا إشارة بأن الميديا تحولت إلى ما يعرف بمصطلح الغلوبل والعالمية، ولا يوجد أي مسلسل تلفزيوني وصل عدد متابعيه إلى المائة مليون متابع في أي موسم كانquot;.

وأضاف برقاوي بأن الانترنت دخل إلى كل بيت سوري وأصبح يصل بسرعات معقولة لتصفح الفيديو، وأن هذه القدرة على المتابعة والمشاهدة والوصول لأي جمهور ليس فقط المحلي والعربي وإنما العالمي، وبالتالي أصبح من السهل تقديم مادة خارج نطاق المحلية ولها علاقة بحضارات أخرى، وصار بإمكان المبدع أن يغرد خارج سرب مجتمعه ويلقى القبول.

وحذر برقاوي من المستقبل الحتمي للويب دراما، مشيراً إلى أن سلبيته ستؤثر على خصوصية المجتمع العربي بعد أن يتضاءل الجانب المحلي أمام المظلة العالمية، وأنها ستؤثر على نظرة العرب للدين والسياسة والجنس وإلى كل المحرمات والتقاليد.

واختلف معه الفنان، مازن عباس، واعتبر أن الويب دراما لا يمكن أن تحل بديلة عن التلفاز على الرغم من جذبه لشريحة كبيرة، واصفاً جهاز التلفزيون بأنه سيبقى ملك البيوت على حد تعبيره.

وكان مجموعة من الشباب السوري قد أطلقوا مشروعًا جديدًا غير مسبوق تحت مسمى quot;فلاش سوري كتيرquot; واعتبرت التجربة الأولى للدراما السورية على شبكة الانترنت.

وقال الإعلامي، علي وجيه، مؤلف السلسلة لـquot;إيلافquot; بأن فكرة العمل جاءت لتجسيد انعكاس رأي الشارع السوري في ظل الأحداث التي تشهدها سوريا، وأنه تحمس للفكرة وبدأ كتابة quot;الفلاشاتquot; التي لم تتجاوز مدة كل منها ثلاث أو أربع دقائق.

وفي حديثه عن الرؤيا التي تجسدها اللوحات quot;فلاش سوري كتيرquot; والحامل الفكري يقول مؤلف العمل: quot;الأفكار المطروحة في السلسلة ليست للاتجار السياسي بأي شكل من الأشكال، ولا تمثل وجهة نظر طرف محدد في سوريا دون الآخر، فنحن لسنا بصدد الدفاع عن أحد ولا نقصد أن نهاجم أحداً، وإنما هي سلسلة موجهة للمواطن السوري للتعاطي بإيجابية مع الحدث السوريquot;.

وأضاف أنه كتب الحلقات بالتوافق والتواصل مع عناصر العمل مع اعتماد عنصر التكثيف في تقديم المعلومة.

وتابع علي بأن فكرة عرض العمل على الشبكة العنكبوتية جاءت عفوية وبشكل جماعي بدعم من إحدى المواقع الالكترونية، إضافة إلى كون تجارب الدراما على الانترنت في دول أخرى لاقت نجاحاً جماهيرياً، مشيراً إلى أنهم لم يكتفوا بالانترنت فقط بل توجهوا إلى التلفيزيون لكن الإعلام السوري لم يتحمس للفكرة.

وقد أنجز المشروع حتى الآن 15 لوحة درامية، بحيث لم تزد الواحدة منها عن البضع دقائق، وقد شارك بالسلسلة ممثلان أساسيان هما حسام جليلاتي ووئام إسماعيل، وبدءاً من الحلقة السابعة انضمّ ممثلون جدد إلى المشروع، منهم نجوم من الدراما السورية وشباب من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية ومعاهد التمثيل الخاصة، وهم نضال سيجري، شادي مقرش، نسرين الحكيم، مازن عباس، علي صطوف، علي سكر، ناصر مرقبي، نسرين فندي، عزيز اسكندر، حسام سكاف، أريج خضور، سوزان سلمان، علي الإبراهيم، علاء دياربكرلي، رامي كوسا، محمد الحسن، يمن عثمان.

بدوره قال الممثل الشاب، شادي مقرش، أن اللوحة التي شارك بها في المشروع تتقاطع مع وجهة نظره الشخصية، وهذا سبب مشاركته في العمل إلى جانب أهميته في تلبية حاجة جديدة لدى مشاهد اليوم لمعرفة رأيه بالعمل الفني الدرامي والسعي لخلق مساحة جديدة لتطوير مشاريع أكثر نضجاً وعفوية عن الواقع المحيط بنا حيث يوفر الإنترنت فرصة جيدة لاستطلاع آراء الكثيرين ومعرفة تقييماتهم مباشرة وفق النصوص التي يعلقون فيها على المادة البصرية المعروضة على الموقع الإلكتروني.

وعبر الفنان الشاب، أيمن عبد السلام، عن شكره لمجموعة quot;فلاش سوريquot;، مؤكداً أن عصر السرعة فرض على بعض الناس مشاهدة بعض اللوحات الخفيفة في مكاتبهم للترفيه عن أنفسهم في ظل ساعات الدوام الطويلة، إلا أنه اعتبر أن لا بديل عن التلفزيون في المجتمعات العربية، خصوصًا وأنها تلم شمل العائلة والأصدقاء بعكس الإنترنت الذي يفرض العزلة على ممتهنه، ومع وجود عدد من القنوات المتخصصة أصبح المتلقي يحضر ما يشاء من الأعمال حسب ما يستهويه، لافتاً إلى أن الويب دراما ستنجح إذا عرفت جمهورها وتوجهت لشريحة معينة من المتابعين الذين لا يحضرون التلفاز.

وأكد الفنان الشاب، يامن الحجلي، على فعالية التجارب الشبابية عبر النت خصوصًا بعد دخوله إلى كل البيوت وأن أغلب الشرائح باتت تستعمله حتى من كان بعمر جده السبعيني، مشيراً إلى أن ساعات العمل على الانترنت صارت أكثر من ساعات حضور التلفاز، إلا أنها لن تحل كبديل نظراً لوجود الفضائيات التي تستوجب عملها شراء المسلسلات للكسب والدخل المادي من الريع الإعلاني أما دراما الويب فلا مردود مادي من ورائه.

وقالت الممثلة الشابة، نوار يوسف، بأنها فعلياً لم تر سوى تجربتين لأصدقائها ولا تستطيع الحكم على التجارب، إلا أنها تفاءلت بمستقبل الدراما الالكترونية بشرط التعامل الجدي معها لتأتي بنتائج وأن الزمن كفيل بنجاح العمل الصادق.

وعبر وسيم السيد مخرج quot;فلاش سوري كتيرquot; بأن العمل جماعي أصلاً، وكثيراً ما يطبق وفق أسلوب ورش العمل في مرحلة التحضير والتنفيذ، وأنه يحاول تقديم حلول إخراجية تتناسب مع فكر اللوحة ومع الإمكانات المتاحة لنا لتبقى رشيقة وجذّابة وفيها نفس شبابي يتماشى مع حيوية المشروع.

وتابع quot;لا نخفي أنّنا ما زلنا نبحث عن دعم مادي للمشروع لكي يستمر، فالاعتماد على مساهمة موقع الإنتاجية، وهو مشكور على شراكته في المشروع، والجهود الذاتية والتطوعية لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، نتأمل أن تلاقي جهودنا نتيجة ملموسة، وأن تتصدّى جهة ما لإنتاج هذه الفلاشات ولا بدّ أن نشكر كل من شارك معنا وعمل دون مقابلquot;.

وبالنهاية ستظل هذه الخطوة تحمل تحدياً كبيراً نظراً لما تتضمّنه من تغيير في أنماط المشاهدة الدرامية التي تنتقل في هذا المسلسل عبر شبكة الإنترنت، إلى شاشات الكمبيوتر والمنصات التفاعلية الموازية، وهو ما يتوقع له أن يشهد نجاحاً كبيراً، خصوصًا مع غياب التلفزيون في ما يقدم من برامج من مخاطبة هذه الشريحة الكبيرة، وأن الهدف الأساسي وراء هذه الفكرة هو ابتكار دراما جديدة وتفاعلية، تستقطب الشباب العربي الذي يعتبر الإنترنت الوسيلة الأسرع للتواصل.