توفي يوم الإثنين الماضي الفنان العراقي، قاسم عبيد، بعدما عاش السنوات الأخيرة من حياته يعاني من مرض السكري والنسيان.

بغداد: توفي يوم الاثنين الماضي المطرب العراقي قاسم عبيد، لكن أحداً لم يذكره ومرّ خبر وفاته بهدوء تام مثلما كانت حياته في السنوات التي ترك فيها الغناء وعاش مرارة بعد بتر ساقه بسبب تفاقم مرض السكري، فعاش منسياً مثل غيره من المطربين من أجيال مختلفة ابتلعتهم غياهب النسيان فغابوا عن العين ومن ثم راحوا ينسحبون من الذاكرة الجمعية.

كتب الملحن محسن فرحان على موقع فيس بوك جملة جاء فيها: quot;الراحل هو من الفنانين الذين قدموا للاغنية العراقية اعمالا جميلة اخذت مداها في تلك الفترة وكان ملحنا ومعنيا لأغلب اعماله الفنيةquot;.

ويعد المطرب الراحل قاسم عبيد من مطربي الستينات، صوته جميل وترددت اغانيه لنصف قرن في إذاعة بغداد، ومن بينها رجعنا للهوى - ما اكًول انت حبيبي - حبيبي شلون تهجرنا - وين انت - تواعدني، وغيرها.

الرّاحل من مواليد عام 1935 في بغداد في منطقة العوينة،وهي منطقة شعبية معروفة، كان ضمن مجموعة من الأصدقاء الذين جمعتهم مهنة الخياطة ومن ثم حب الفن والموسيقى والغناء ومنهم الفنان سعيد العجلاوي، والفنان المرحوم حمدان الساحر، والملحن المعروف المرحوم محمد نوشي، والمرحوم الفنان حسن داود وقدموا العديد من الأغاني التي لاقت رواجاً وقبولاً شعبياً ومعظمهم كان يغني بالفطرة وبلا دراسة.

كان يمارس خياطة البدلات الرجالية في محل خاص به يقع في قيصرية تحت نهاية جسر الأحرار (الصالحية) من جهة الرصافة في مواجهة نهاية شارع النهر، وعنده يجتمع المغنون والشعراء الغنائيون والملحنون.

في البداية كتب له الشاعر (أحمد الدليمي) الذي غنى له أغنيته الأولى (رجعنا للهوى ودكينا بابه) وقام بتلحينها (سعيد العجلاوي) والأغنية الثانية كانت من نظم المرحوم (محمد حسن الكرخي) بعد ذلك كتب معظم القصائد التي غناها ولحنها بنفسه إ كتب ولحن أغنية (كلهه منك زاد همي وكثر) التي غناها المطرب الكبير الراحل (سعدي الحلي) كما كتب ولحن أغنية (تريد أحن لا ما أحن / بعده القلب منك يون)، وكتب للفنان (سعيد العجلاوي) (عيني سلملي على البنية) كما قدم عدة إغاني للفنان مكصد الحلي.

ترك الغناء مع بداية الحرب العراقية الإيرانية (1980 ndash; 1988) بعد أن توفي أبنه الكبير وكان ضابطًا في الجيش العراقي، وأثر هذا على نفسيته كثيرًا وراح الحزن العميق يلفه بسواده فابتعد وانزوى، ولكنه فيما بعد حاول ان يتأقلم مع الظروف وعاد الى الاذاعة ولكنه يظهر بمشاركات مع فرقة الأنشاد أو خلف مطربين آخرين ضمن الكورس، ومن ثم ترك ذلك كله وافتتح له محلا في نفس المنطقة التي يسكن فيها (حي الغدير) لبيع الملابس الجاهزة لسد متطلبات معيشته لكن أحواله الصحية عاكسته ليجلس ما تبقى من حياته على كرسي متحرك.

يقول الملحن محسن فرحان عن الراحل قاسم عبيد: هو من الفنانين الذين قدموا للاغنية العراقية اعمالا جميلة اخذت مداها في تلك الفترة وكان ملحنا ومغنيا لاغلب اعماله الفنية.

ذات مرة التقاه الكاتب شاكر المياح، فقال له الراحل: الفنان اليوم في عداد النسيان، ومن جملة ذلك يقول المياح سألته: كيف ترى فن الغناء في هذه المرحلة؟ فقال: الآن لا يوجد فن لأن الدولة وبصراحة غير مهتمة بالفن والفنانين وليس هناك رعاية لجميع أنواع الفنون لذا أعتبر أن الفنانين اليوم في عداد المنسيين، وعن رأيه ببعض الأصوات الغنائية الشبابية أوضح الفنان قاسم: أنه معجب بصوت محمد عبد الجبار ورضا العبد الله.

ويضيف المياح : قلت له: غنيت كثيراً للحب وللمحبين هل مررت بهذه التجربة فرد مبتسماً: نعم أحببت وبقوة لكن الحظ خذلني ولم أنل مبتغاي وتزوجت من خارج أطر العشق والحب وكانت الوسيطة شقيقتي.

وفي سؤال عن رأيه بأغاني quot;الفيديو كليبquot; والفنانات الحديثات قال: ليس هناك غناء بل استعراضات جسدية، ولكن تعجبني منهن نانسي عجرم كفتاة جميلة ليس إلاquot;.

رحيل المطرب قاسم عبيد يجعلنا ننظر الى الفنانين الآخرين الذين هم في عهدة الشيخوخة ويعانون من الاهمال والتلاشي بعدما فقدوا القابلية على التواصل وتراجعت الشهرة لديهم رويدًا رويدًا، وهو ما يدعو الى الحزن والتأثر ان تكون نهايتهم محزنة.