رحل&الملحن العراقي محمد جواد أموري بعد صراع مع المرض مخلفاً إرثاً فنياً ضخماً، وأغاني راسخة في الذاكرة العراقية والعربية منذ حقبة السبعينات التي كان أحد فرسانها.


بغداد: نعت نقابة الفنانين العراقيين، ظهر أمس الجمعة، الملحن الكبير محمد جواد اموري الذي توفي في منزله في بغداد عن عمر 79 عاماً بعد معاناة طويلة مع المرض، وهو الذي عانى من وضع صحي سيئ جدًا خلال السنوات الثلاث الأخيرة بعد تعرضه لحادث دهس تسبّب بكسور في أنحاء مختلفة من جسده، وإصابته بعدها بجلطة دماغية وضعته تحت العناية المركزة لوقت طويل، لتتابع انتكاساته الصحية في القلب، ما وضعه في عزلة تامة عن الناس وفي حالة عجز عن الحركة والنطق.

ويعد الفنان الراحل محمد جواد أموري أحد عمالقة التلحين والغناء العراقي الذي استطاع ترسيخ أعماله بكلماتها وألحانها في الذاكرة الإجتماعية والفنية العراقية والعربية، وأبرزها اغنية (ياحريمة) المعروفة شعبيا بـ"نشيد الحزن العراقي".
&أموري الذي ولد في مدينة (طويريج) التابعة لمحافظة كربلاء عام 1935، كان قد أكد في إحدى مقابلاته أن أحدا لم يكتشف موهبته، مشيراً الى أن عشقه للموسيقى قد بدأ في سن مبكرة ما دفعه لدراستها وصعود سلم الفن درجة درجة، وقال: "شغفي بالموسيقى يوازي شغفي بالقراءات الحسينية التي تشتهر بها مدينتي، ولقد كنت معجباً&بأصوات المقرئين، ولطالما تساءلت ماذا لو تحول هؤلاء الى مطربين، ترى ماذا سيفعلون؟". وأضاف: "كنت ابحث منذ الصغر عن الآلة الموسيقية التي أجد فيها احاسيسي، وكان حينها الناي يصنع من الطين، لكنه لايؤدي عزفاً صحيحاً. وبما ان والدي كان نجارًا حصلت على لوحة ومسامير وأسلاك وصنعت بنفسي آلة القانون- بعد أن ذهبت الى بغداد ورأيت الالات الموسيقية فيها، ثم اشتريت ناياً من القصب وكنت اصعد على الكرسي لأعزف في المدرسة".&
&
شغف بالموسيقى
على الرغم من نشأته في بيئة ريفية، وسكنه في مدينة معروفة بطابعها الديني، تعاظم شغف "أموري" بالموسيقى بتشجيع من ابن عمته الموسيقى الراحل لطيف المعملجي، ما دفعه لدخول دار المعلمين في الاعظمية حيث كان الاول على دفعته خلال ثلاث سنوات امضاها في الدار، وتعلم من استاذ الموسيقى الراحل اكرم رؤوف أصول الموسيقى ونظرياتها على الطريقة التركية، حتى أصبح خلال ثلاثة أشهر "عازف عود ونوطة" واستطاع قيادة الفرقة في غياب أستاذه الذي صرّح ذات مرة بكلام عنه&قائلا: &"لم أكن راغبا بتعليم طلابي أسراري الموسيقية لكن محمد جواد اموري تعلمها رغما عني".
يستذكر أموري أيضا في حديثه أنه "في الدار عام 1951 كانت اول ألحانه أغنية وطنية غنتها فرق الكشافة وانتشرت على نطاق المدارس"، وأنه "عندما كان طالبا في المعهد وعاد الى مدينته (طويريج) عام 1952، صادف زواج جار له وكان المطرب الريفي عبد الامير الطويرجاوي يحيي الحفلة، إلا أن غياب عازف العود عن الفرقة أعطاه فرصة العزف مكانه فنال عزفه إعجاب الطويرجاوي وتنبأ له بمستقبل باهر.
&بعد تخرجه، عين معلماَ في إحدى مدارس محافظة بابل، وقام بتأسيس عدة فرق موسيقية هناك، لكنه في عام 1959 تقدم للدراسة في معهد الفنون الجميلة فكانت فرصته الذهبية لصقل موهبته الموسيقية وتهذيبها، واستمر بتدريس الموسيقى لثماني سنوات متخصصاَ بآلة الكمان الغربية، كما تعلم على يد أساتذته أصول ونظريات الموسيقى على الطريقة التركية، وانتسب آنذاك الى السمفونية العراقية وعمل فيها لمدة 16 سنة عزف خلالها مختلف السمفونيات لكبار الموسيقيين العالميين.
&
صانع النجوم
يذكر ان اموري الملقب ﺑـ "ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻨﺠﻮم"، ويشهد له أهل الفن أنه منح الاغنية العراقية خصوصيتها وشجنها وهويتها، حيث قال عنه المطرب فاضل عواد: "إذا أردت أن تعرف الهوية العراقية فيجب الإستماع الى ألحان الملحن الكبير محمد جواد أموري صانع النجوم الذي ﻗﺪم ﻟﻠﺴﺎﺣﺔ اﻟﻐﻨﺎﺋﯿﺔ اﻛﺜﺮ ﻣﻦ 33 ﻣﻄﺮﺑﺎ ﺻﺎر ﻏﺎﻟﺒﯿﺘﮭﻢ ﻧﺠﻮﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﻤﺎء اﻻﻏﻨﯿﺔ اﻟﻌﺮاﻗﯿﺔ، وأبرزهم ياس خضر وانوار عبد الوهاب، فاضل عواد، حميد منصور، صباح السهل، سعدي الحلي، كمال محمد، نغم محمد، وفاء بغدادي، كريم منصور، كريم حسين، قيس حاضر،محمد السامر، نؤاس(إبن الفنان أموري)، قحطان العطار، رياض أحمد، فؤاد سالم، مضر محمد، ستار جبار وغيرهم، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﻠﺤﯿﻨﮫ لما يزيد عن الخمسمائة أﻏﻨﯿﺔ، وقد لمع معظمها في فترة عقد السبعينات التي يعد أموري احد فرسانها، منها (ﻣﺮﯾﻨﮫ ﺑﯿﻜﻢ ﺣﻤﺪ)، (ﯾﺎﺣﺮﯾﻤﺔ)، (ﻋﻠﻰ ﺷﻂ اﻟﻔﺮات)، (الهدل)، (انا ياطير ) (افز بالليل)، و(يانجوم صيرن كلايد)، (عد وانه عد ونشوف)، (توصيني) و (جاوبني..) وأغنية (نخل السماوة يكول طرتني سمره) التي كانت جواز مرور حسين نعمة الى قلوب الناس، ما دفع بأموري الى إعطائه مزيداَ من الألحان الرائعة وهي (ياحريمه)، (حبيبي انساني وآنه أنساك)، (مالي شغل بالسوك)، (نوبه شمالي الهوه)، (اضحيلك)، (رديت)، (مكتوب أشوفك من بعد)، (راحن وانكضن)، (ضيعنا القدر)، (ودعني)، (ياكمر)، (يمطول الغيبه) و.. (جاوبني تدري الوكت بوكاته غفلاوي / ليش المعاتب كلف / والشوك سكتاوي )" التي تعبر عن حاله افضل تعبير.
&

&