"إيلاف" من القاهرة: تحدثت المخرجة جيهان شعيب عن تجربتها الجديدة بالسينما اللبنانية بعنوان "روحي"، وتطرقت في مقابلة مع "إيلاف" إلى التحديات التي واجهتها خلال التصوير. حيث أكدت أن إقامتها في المهجر شكلت وجدانها لاسيما وأن المهجر أعاد تشكيلها وجعلها تنسى لغتها الأم. وفيما يلي نص الحوار:


*الفيلم هو الثاني لك الذي يتناول فكرة تتعلق بالمهاجرين، إلي أي مدى أثر اغترابك عن بلدك في تكوين شخصيتك؟
- أعتقد أن المهجر شكّلني، فقد جعلني أنسى لغتي الأم، وهو ما يغير المرء كثيرا. فأنت لست نفس الشخص عندما تتغير لغتك، أيضا النشأة في المكسيك ثم فرنسا. لبنان كان مثل "بلد الحلم"، وهذا سبب تسميتي فيلمي الوثائقي بلد الحلم. فهو بلد مصنوع من الأحلام وأيضًا من الكوابيس خلال الحرب. وأعتقد أن هذا الوضع شكّل هويتي وفتح باب الخيال أمامي. شعرت أني من عالم خيالي. لذا كنت أكثر ارتياحا في العوالم الخيالية.
*هل هناك أفكاراً أخرى عن الهجرة ستسعين لتقديمها؟
- ليس في الوقت الحالي، أنا استكشف التيمات والأنواع الأخرى من الأفلام

*الم يقلقك اختيار ممثلة ايرانية للقيام بدور لبنانية، ألم تكن هناك ممثلة لبنانية مناسبة للعمل؟
- جولشيفته فراهاني لديها صوت وحضور فريد، أنا لا أراها كممثلة إيرانية، بل أراها ببساطة ممثلة عظيمة وجميلة. وامرأة في منفى، تعيش في باريس. مثلي ومثل ندى الشخصية الرئيسية في الفيلم. ندى غريبة في بلدها. لذا شعرت أن لدي الحرية في اختيار أي شخص أريده. ولقد كنت أعرف أيضًا أن جولشيفته عملت بنجاح على اللغات التي كان عليها إتقانها من أجل الأفلام التي مثلت فيها. هي ممتازة في ذلك. سألتها أن تتعلم لغتي العربية المكسرة، لغة شخص فقد لغته العربية ويحاول إيجادها مرة أخرى.
ربما منذ سنوات قليلة، عندما كان هناك أفلام أقل تُصنَع في لبنان، شعر الجمهور أن الأفلام اللبنانية يجب أن تكون مرآة لهم، لكن الآن، أنا لست قلقة جداً. أعتقد أن هناك أفلام كافية لتقبل التنوع في الأسلوب، الموضوعات ووجهات النظر.

*كيف اخترت فريق العمل المشارك في الفيلم؟
- ماكسميليان سويرين، ابن العظيم ميراي معلوف، قابلته في تجربة أداء في باريس عندما كان يعيش في لندن، أحببت طاقته التمثيلية وكان لديه كيمياء طبيعية وشيقة مع جولشيفته.
ميراي وجوليا كسار أيضا أعرفهما وأحببت أعمالهم وسألتهم مباشرة أن يكونوا جزءً من الفيلم، الممثلين الآخرين مثل وسام فارس ومحمد عقيل قابلتهما أثناء تجارب الأداء في بيروت. وكنت احتاج إلى أشخاص ذوي كاريزما كبيرة لإحاطة جولشيفته وتحديها.
وبالنسبة لفرانسوا نور الذي يلعب دور جلال فقد كان مراهقاً آنذاك، طالب في السنة الأولى بالهندسة المعمارية وكانت تلك أول مرة يمثل فيها وجميعنا أحببناه.

*ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتك بخلاف التصوير في الشتاء؟
- شركة الإنتاج كانت قلقة، فلا يوجد الكثير من الأفلام تم تصويرها في الشتاء بالجبال، كنا نشعر بالبرد طوال الوقت لأن معظم التصوير كان في منزل مهجور بأبواب ونوافذ مفتوحة. أعددنا غرفة صغيرة للممثلين، لكن بقية موقع التصوير لم تتوافر فيه تدفئة بسبب الصوت، شعرنا بالضعف والبطولة في نفس الوقت، أعتقد مثل ندى وهي تعيش في أطلال منزل عائلتها.


*لماذا اخترت أن يكون الفيلم متعدد اللهجات؟ ألا يؤثر ذلك على المشاهد سلباً؟
- لم أخشَ ذلك كثيراً، لقد حلمت بصنع هذا الفليم لسنوات كثيرة. حتى أن كل قرار اتُخِذَ فيه كان ضرورياً. وما هو ضروري ليس مخيفاً. الفيلم متعدد اللهجات بشكلٍ طبيعي لأنه يتعامل مع لبنانيين يعيشون من المهجر. إلا أن الأمر الأكثر إيلاماً، الأمر الذي يجعلك تشعر أنك غريب، هو أنك لا يمكنك التحدث بلغتك الأم بشكلٍ طبيعي، لغة جذورك والكثير من أصل لبناني في هذا الوضع.
ولا بد هنا من التذكير، أنه حتى في الداخل اللبناني، يوجد تعدد اللهجات. فهو مجتمع معقد وطبقي، العديد من سكانه لديهم روابط في دول أخرى، حتى أني قابلت لبنانيين من أبناء البلد لم يسبق لهم على الإطلاق السفر وقالوا لي إنهم شعروا أنهم في منفى، منفى في الداخل.

*في العادة تشارك الأفلام التي تقديمنها في مهرجانات دولية هامة، كيف ترين النظرة إلى السينما العربية بشكلٍ عام من خلال متابعتك ومشاركتك في هذه المهرجانات؟
- أرى مثلما يرى الجميع أن المزيد والمزيد من الأفلام العربية يتم صناعتها وتجوب العالم، وهو أمرٌ رائع. لأنه كلما كان هناك المزيد من الأفلام كلما شعر صنّاع الأفلام بمزيدٍ من الحرية للتأكيد على وجهة نظرهم الخاصة ونظرتهم الفنية بما يتعدى تصوير مجتمعاتهم.

*هل لديكم الرغبة بعرض الفيلم بالصالات العربية وليس اللبنانية فقط؟
- بالطبع، وهذا أحد أسباب اختياري لشركة MAD Solutions، لأن لديهم تواصل عالمي وإقليمي. والفيلم تم إطلاقه بالفعل في دبي وسيتم عرضه في دول عربية أخرى في الشهور المقبلة. أعتقد أن روحي يمكنه التحدث مع جمهور العالم العربي. ومن يعيشون منه في فرنسا، أعتقد وخاصة من يأتون من دول المغرب العربي لأنهم يعرفون مثلما نعرف نحن اللبنانيين كيف يبدو الأمر عندما يكون هناك العديد من المواطنين يعيشون في الخارج