أجرى المخرج السعودي، محمود صباغ، مخرج فيلم "بركة يقابل بركة"، مقابلة مع مجلة فاريتي الأميركية على هامش مهرجان القاهرة السينمائي الذي اختتمت فعالياته يوم الخميس الماضي، وتطرق في المقابلة لسبل دفع الغطاء الثقافي في السعودية، التي رفعت مؤخراً حظرها على دور السينما، وإليكم الحوار كاملاً:

فيلم "بركة يقابل بركة" حظي بموافقة السلطات في السعودية، ومع هذا فإنه يقدم لكمة نسوية، يظهر تدخين القنب ويبرز حالة تخص أحد الأئمة الزائفين، فكيف استطعت أن تقدمه بهذا النحو؟

-& تهتم السينما التي أقدمها حقاً بدفع الحدود الفنية، وآمل أني أكون قد نجحت في دفع هذه الحدود بشكل أكبر قليلاً في هذا الفيلم، رغم أني لا أريد أن أكون شديد التطرف، لأني لا أريد أن أرهق كامل التجربة. وتقع مسؤولية على كاهلي حين يتعلق الأمر بالسينما السعودية وأنا مازلت أحاول التحايل على الرقابة. لكن في الواقع، ورغم أننا لا نمتلك إنتاجاً غزيراً من الأفلام، لكن هناك كثير من المسلسلات التلفزيونية التي يتم إنتاجها في السعودية .. والبعض منها .. يتطرق لنفس الموضوعات، وأحياناً يكون محتواها أكثر صراحة من الطريقة التي اتبعتها لتناول فكري الخاص في الفيلم.

معظم الممثلين سعوديين، كيف عثرت عليهم؟

- أول ما فعلته، حتى قبل أن أقوم بأي شيء آخر خاص بمرحلة التحضير، هو اختيار الممثلين. وقد تواصلت مع جميع مدراء أعمال الممثلين الذين جاءوا في بالي، ومعظم من شاهدتهم لم يكونوا ممثلين محترفين. وكنت أبحث عن شخصيات تناسب القالب الكوميدي الأسود. ويمكنني القول إنني نجحت في اختيار 90 % من ممثلي الفيلم من داخل المملكة، لكن في المقابل، كانت هناك نوعية شخصيات لم يمكنني العثور عليها في الأخير.

هل سيعرض فيلم "عمرة والعرس الثاني" في السعودية؟&

- آمل ذلك. ففي السعودية هناك رخصة للتصوير وهناك رخصة للعرض. وبالتزامن مع بناء دور سينما جديدة، سنتقدم بطلب لعرض الفيلم وسننتظر لنرى. وإذا حُدِّدَ الفيلم للمشاهدة من قبل فئة عمرية بعينها، فسيكون ذلك جيداً، وإذا قصوا منه بعض المشاهد المحدودة، فسيكون ذلك أمراً جيداً أيضاً، لأن ذلك غالباً ما يحدث في منطقة الخليج، وهذا أمر جيد كذلك. لكني أود ترك كامل مجهود المخرج دون أن يمسه أحد على معظم المنصات. وآمل أن أتمكن عبر هذا الفيلم من دفع حدود السينما المستقلة الوطنية في السعودية.

هل عُرِضَ فيلم "بركة يقابل بركة" في دور السينما بالسعودية؟

-& لا، لأنه لم تكن هناك دور عرض سينمائية في ذلك الوقت. وقد اشترت شركة روتانا حقوق عرض الفيلم تلفزيونياً، كما اشترت شركة الخطوط الجوية السعودية الوطنية حقوق عرضه في نظام الترفيه الموجود على متن طائراتها. وأنا أعرف أشخاص لرغبتهم في مشاهدة الفيلم قاموا بشراء تذاكر طيران من جدة إلى الدمام ( في رحلة تستمر ساعتين )، ثم تواصلوا معي بالرسائل، وعلى قدر ما أسعدني ذلك، بقدر ما كنت متضايقاً، لأن مشاهدة فيلم في شاشة صغيرة للغاية تعتبر إشكالية من وجهة نظري. لكن للأمانة، بعد أكثر من عامين على إطلاق فيلم "بركة يقابل بركة"، أعلم أن كثيرين في السعودية قد شاهدوه، سواء عبر التلفاز أو عبر نيتفليكس أو على متن الطائرات أو في المهرجانات أو حتى من خلال قرصنته عبر مواقع الإنترنت. كما سُمِحَ لي الشهر الماضي بإمكانية عرض الفيلم من خلال عرض عام في العاصمة الرياض.

كيف قمت بتمويل فيلم "عمرة والعرس الثاني"؟

- ما زلت أحتفظ برعاة الفنون الذين يدعمونني. وهو يدعمون ما أعتبره حافزي الحقيقي ( لصناعة السينما )، الذي يروج للتطور الاجتماعي في السعودية. ففيلم "بركة" يتطرق إلى التسلسلات الهرمية الاجتماعية والطبقية والتسلسلات الهرمية الجنسانية، وكذلك فيلم "عمرة" الذي يتناول نفس الجوهر، بحديثه عن سلطة الرجال، الذكورة السامة، كراهية النساء والنساء.&

في ظل وجود توجه كبير لإطلاق صناعة سينما في السعودية، لماذا لا يوجد تمويل سينمائي للمخرجين المحليين؟

- &أجريت مؤخراً مقابلة مع صحيفة "عكاظ" السعودية، هاجمت خلالها المجلس السينمائي المحلي. وهجومي هذا ليس بدافع شخصي .. فأنا بمقدوري دائماً حل الأمور وتجاوزها .. لكن ألمس دوماً معاناة زملائي المخرجين في السعودية .. فهم لديهم نهج متجدد في سرد القصص، وهم ما يزالوا في حالة من عدم اليقين نظراً لعدم وجود تمويل بعد.

من وجهة نظر براغماتية بحتة، هل ترى أن واقعة مقتل جمال خاشقجي قد تكون سبباً في إعاقة خطوات إطلاق صناعة السينما في السعودية ؟ خاصة فيما يتعلق بمشاركة هوليوود والغرب؟

-&لا أعتقد أن تلك الواقعة ستكون عقبة. وحقيقة أن فيلم "عمرة والعرس الثاني" قد تم ترخيصه وتصويره مؤخراً في السعودية وفي ظل وجود كل هذه الخطط الطموحة للسينما، هي حقيقة أرى أنه يتعين علينا أن نعتز بها تماماً، خصوصاً وأن هناك تغييراً وإصلاحاً حقيقياً يحدث في المملكة بوتيرة سريعة للغاية. ونحن بالفعل الآن في حقبة تمكين المرأة والفنون. فقد بدأ يعود الفنانون والنساء إلى المجال العام وهذا في الواقع ليس شيئاً تجميلياً. ونحن نمضي للأمام أسرع من أي وقت مضى، وأنا متفائل بشأن قدرة السعودية على حجز مكانة لنفسها على خريطة السينما العالمية مستقبلاً.

أعدت "إيلاف" المادة نقلاً عن مجلة "فاريتي" الأميركية، الرابط الأصلي أدناه
https://variety.com/2018/film/festivals/saudi-director-mahmoud-sabbagh-pushing-boundaries-amra-and-the-second-marriage-1203046338/