"إيلاف- المغرب" من الرباط: تتمتع الفنانة المغربية الشابة إيمان قرقيبو، بصوتٍ طربي أصيل، يعود بمسامع الجمهور لزمن الفن الجميل والروائع الخالدة التي أثرت الخزانة المغربية والعربية عموماً. ولقد اختارت أن ترسم مسيرتها بخطى ثابتة و متأنية، وتمكنت من صنع شخصيتها الفنية باستقلالية، من خلال أعمال"منفردة"، منها"بريئة" باللهجة المصرية و"هذا عام" و"3 2 1"، باللهجة المغربية.

تتميز قرقيبو بالبساطة والتلقائية والتواضع والموهبة الفنية المنفردة، مما جعلها تحتل مكانة خاصة في قلوب معجبيها ومحبيها داخل المغرب وخارجه.

"إيلاف المغرب" التقتها وعادت بحوارٍ تناولت من خلاله مسارها الفني وتجربتها في برامج المواهب الغنائية، ورؤيتها بخصوص إنتاج الفنانين المغاربة لأعمالهم على نفقتهم الخاصة، والسبب وراء رفضها الهجرة لدول المشرق العربي.

* شاركت في مجموعة من برامج اكتشاف المواهب الفنية، "استوديو دوزيم" و"إكس فاكتر" و"أرب آيدول"، ماذا مثلت لك كل هذه التجارب؟ وما الذي كنت تبحثين عنه من خلالها؟
-أول تجربة لي كانت في سنة 2007 ببرنامج "استوديو دوزيم" على القناة الثانية المغربية. واعتبرتها فرصة وأول خطوة أكتشف من خلالها موهبتي وإمكانياتي في المجال الفني. وتابعت دراستي بعد ذلك، واخترت العمل في نفس الميدان. لكن، كان من الضروري أن أخوض تجربة أخرى، بهدف الإنفتاح على جمهورٍ أعرض على المستوى العربي. و هو ما حصل فعليا بمشاركتي في برنامج "أرب آيدول"، وبعده بسنة برنامج "إكس فاكتر" الذي استفدت منه كثيراً.

*هناك من يقول أن الأصوات المغربية التي تشارك في هذه البرامج تتعرض لظلمٍ كبير، لأن غالبيتهم يخرجون في مراحل متقدمة، ولا يحرزون اللقب في حال وصولهم للنهائيات، رغم مواهبهم وكفاءتهم. كيف ترين هذه المسألة؟
-لا أراها من منطلق الظلم. فبرامج المسابقات الغنائية تظل في دائرة حظ على قاعدة تشبه القول "انت وزهرك"، مع مراعاة عنصري نوعية البرنامج والمدرب الذي يرافق تحضير المتسابق. وهو ما يلعب دوراً كبيرا في هذا الإطار. على سبيل المثال، من بين العوامل التي ساهمت في إحراز المغربي محمد الريفي لقب برنامج "إكس فاكتر" هو دعم الفنان حسين الجسمي له، ما جعل الجمهور يصوت لصالحه ويسانده خلال مروره في العروض.

*هناك متسابقون كانوا معك في هذه البرامج، منهم المغربية دنيا باطمة في "أراب آيدول" و الأردني أدهم النابلسي في "إكس فاكتور"، وغيرهم ممن لمع نجمهم على الساحة العربية، متى نراك نجمة في الوطن العربي؟
- يمكن أن يحصل هذا الأمر حينما أهاجر من المغرب، فهذه الأسماء الفنية لا تقيم و تعمل في البلد، الذي يفتقر لـ"صناعة النجم". شخصياً، انشغلت في متابعة دراستي وكانت لدي أولويات أخرى، من ضمنها التحضير لرسالة الماجستير. دنيا باطمة وأدهم النابلسي شكل الفن أولوية بالنسبة لهما، فضلاً عن هجرتهما من بلدانهما الأصلية. فالنابلسي مثلاً، انتقل الى لبنان، وبالتالي كانت لديه فرص أكبر لإنتاج أعمال خاصة به و فرص أكثر للإنتشار.
لكن الهجرة لم تعد عاملاً للنجاح و تكوين قاعدة جماهيرية واسعة عربياً. فهناك مطربين مغاربة استطاعوا إثبات قدراتهم من دون اللجوء للمشرق، و سعد المجرد أبرز مثال على ذلك. فهو يشكل استثناء، ويمثِّل بنجاحه كل شخص يعمل انطلاقا ًمن ظروفٍ معينة تسمح له بالوصول وتكوين اسم فني معروف ومشهور لدى عموم الناس.

*أغنية"هذا عام" تحكي عن عاطفة الأمومة، لسيدة حرمت من رؤية ابنها من طرف طليقها، كيف جاءتك الفكرة، خاصة أنها تحمل تيمة جديدة بعيدة عن أغاني الحب والرومانسية الرائجة؟
-الأغنية تضمنت كلمات بسيطة وعادية، ذات مدلول عاطفي، تحكي قصة فتاة لم ترَ حبيبها لمدة ناهزت السنة، لكن مخرج الفيديو كليب العربي دريسي هو من أمدني بالفكرة، بحيث أراد تقديمها في قالبٍ مختلف عن المعتاد.

*هناك العديد من الفنانين الشباب المغاربة يعتمدون على إمكانياتهم الشخصية في إنتاج أعمال خاصة بهم في غياب شركات إنتاج، هلتتبرين هذه ظاهرة صحية؟
-كما سبق وذكرت. ليس لدينا في المغرب "صناعة فنية". في العالم كله، نرى نجوماً لديهم فريق ووكلاء أعمال و طاقم إنتاج، يختارون لهم طريقة اللباس والأغاني، ويتم التعامل معهم بشأن الحفلات والمناسبات الفنية التي يقومون بإحيائها. لكن، في المغرب، الفنان ملزم بالقيام بعدة أشياء في نفس التوقيت، منها توفير الإمكانيات المالية الضرورية من أجل القيام بإنتاجات شخصية لأعماله، و التكفل بتفاصيل الحفلات التي سيشارك في إحيائها، وهي مسألة مرهقة للغاية.
أما بالنسبة لقيام الفنانين بإنتاج أعمال خاصة بهم في غياب المنتجين، فنرى فيها جانباً إيجابياً نوعاً ما. فهي تمنحهم الحرية المطلقة في اختيار هذه الأعمال وعرضها للمتلقي، لكنها تحمل في الوقت نفسه نسبة من الخطر، خاصة أن الفنان يعمل وفق عاطفته وأحاسيسه، حيث يمكن أن تنال أغنية معينة إعجابه، لكنها لا تلقى الصدى المطلوب.

*تمكنت من الحصول على عضوية المجلس الجماعي ( البلدي ) لإقليم الحاجب السنة الماضية، بترشحك ضمن اللائحة النسائية لحزب الحركة الشعبية بدائرة الحاجب، ما سر دخولك غمار العمل السياسي؟
-أنا مستشارة جماعية ونائبة رئيس لجنة المرافعة العمومية في المجلس البلدي للإقليم، السرّ يكمن في حبي لمنطقتي ورغبتي الدائمة في تنمية منطقة الأطلس المتوسط، التي تعاني من التهميش مقارنة مع العديد من المدن بالمغرب.

*فضلت البقاء في المغرب على الهجرة والإستقرار بالمشرق كما تفعل بعض الفنانات المغربيات بحثاً عن الشهرة وآفاق أوسع للإنتشار، ألم تشعري يوما بالندم على هذا القرار، خاصة أن العديد من الفنانين يشكون من تعرضهم للتهميش في مقابل ظهور وجوه أخرى لا تتمتع بالإبداع الفني الحقيقي؟
- لا لم أأشعر أبدا بالندم، لأن الهجرة لم تكن يوماً من ضمن اهتماماتي. سافرت لمصر و تركيا وأوروبا، وتلقيت عروضا كثيرة من أجل الإستقرار خارج المغرب، و متابعة مسيرتي الفنية، لكن هذه العروض لم تشكل إغراءً حقيقياً بالنسبة لي.

*ما رأيك في بعض الأغاني المغربية التي صدرت في الآونة الأخيرة، والتي تعتمد على إثارة "البوز" بتوظيف كلمات غير مقبولة لدى الجمهور، بهدف تحقيق شهرة أكبر؟
-الجرأة جميلة، وأنا أشجع الإنسان الجريء، لكنني ضد الإسفاف واستخدام كلمات الشارع وفرضها على عموم المواطنين من أجل سماعها، هؤلاء الناس الذين يعمدون لإنجاز أغان بهذا المستوى لا يدركون خطورة ما يقومون به فعلياً على المدى البعيد. لأنهم بعد مرور 10 أو 20 سنة، وحينما ننبش في أرشيف الأغنية، سيعرفون حينها فظاعة ما يقومون به حالياً. أنا مع الجرأة والتجديد، و خير مثال أسوقه في هذا السياق، تجربة الفنان المغربي سعد المجرد، هو فنان جريء في اختياراته وأسلوبه، لكنه لم يقدّم يوماً ما عملاً يحمل كلمات سيئة أو تخلّ بالأخلاق العامة.

*هل تؤمنين بالحظ في المجال الفني؟
-أؤمن بالحظ والعمل معا، هناك أشخاص أتيحت لهم الفرصة و قاموا بتوظيفها بشكلٍ جيد، وآخرين لم يحصلوا عليها لإثبات مواهبهم وقدراتهم.

*ما هو جديدك الفني؟ٍ
أجهز لأغنية جديدة، بأسلوب مختلف سيتم تصويرها على طريقة الفيديو كليب. وسأتعامل من خلالها مع نفس فريق أغنية"هذا عام"، مع الكاتب زكرياء الحداني والملحن رضوان الديري والموزع رشيد محمد علي، فضلاً عن استعدادي لإحياء حفلات فنية بالولايات المتحدة .