إيلاف من فينسيا: بمجرد الوصول إلى مطار البندقية ماركو بولو، تستقبلك لوحات مهرجان فينسيا السينمائي العريق الممتد لـ ٩٠ عاما، حيث تصبح كل الجزر في فينسيا في حالة احتفاء؛ بدءًا من "سان ماركو" وانتهاء في جزيرة "ليدو" المستضيفة لهذه الفعالية.
لكن إلى جانب كل هذه الأجواء والفعاليات يلفت الانتباه التواجد المكثف للسينما السعودية في أغلب الأماكن، سواء عن طريق اللوحات المنتشرة في المطار والفنادق وصالات السينما، أو حتى أغلفة المجلات، أبرزها أغلفة مجلة Variety العريقة، التي نشرت عددًا من المواضيع الهامة عن السينما السعودية، خاصة عن هيئة الأفلام، ونيوم، وأفلام العلا، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي.
ترويج عالمي للسينما السعودية
هذا الحضور اللافت يعود للجهود المستمرة التي تقدمها هيئة الأفلام السعودية من خلال تواجدها في أهم المحافل السينمائية العالمية، فبعد التواجد الكبير في مهرجان "كان" السينمائي في مايو الماضي، استمرت الهيئة في حرصها على التواجد العالمي، ولكن هذه المرة من خلال مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.
التواجد في المهرجان كان بمثابة فرصة مناسبة للتواصل مع صناع السينما العالمية، لنشر الوعي حول ما يحدث في القطاع السينمائي السعودي، بحسب ما صرّح به الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام المهندس عبد الله آل عياف، والذي أكد أيضًا أن المشاركة ساهمت في عرض المقومات التي تمتلكها المملكة، والتي تجعلها وجهة سينمائية فريدة لصناعة الأفلام في العالم.
وفيما يتعلّق بالوفد السعودي في المهرجان، فقد شمل عددًا من العاملين في المجال السينمائي، على رأسهم المخرجين (توفيق الزايدي، ومحمد السلمان، ومحمد العطاوي)، الذين انتهوا مؤخرًا من أعمالهم السينمائية الطويلة (نورة، أغنية الغراب، بين الرمال)، التي فازت بمسابقة "ضوء" التي نظمتها هيئة الأفلام السعودية، ومن المتوقع عرضهم قريبًا.
من العروض الأولى للندوات المتخصصة
ضمن البرامج المتنوعة التي قدمت في المهرجان، كان حضور العروض الأولى لعدد من الأفلام المشاركة في مسابقات المهرجان، على رأسها "أثينا، نزوح، آخر ملكة". وتبع حضور هذه الأفلام جلسات حوارية متعددة، خاصة مع مخرجة وبطلة فيلم "آخر ملكة"، عديلة بن مراد، لتدور مناقشات حول تفاصيل الفيلم وعروضه المتوقعة في المهرجانات العربية المقبلة.
إلى جانب حضور الأفلام السينمائية، عقدت العديد من الندوات والجلسات الحوارية على هامش مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، والتي تضمّنت جلسة خاصة لصناع الأفلام السعوديين مع المخرجين محمد السلمان، وتوفيق الزايدي، ومحمد العطاوي، والممثلة سارة طيبة، والمخرجة نور الأمير، لمناقشة تجاربهم في صناعة الأفلام، وطموحاتهم وتطلعاتهم المقبلة، خاصة في ظل وفرة المشاريع السينمائية المختلفة.
كما عُقدت جلسة أخرى مع باسكال ديوت، ورئيس جسر فينيسيا للإنتاج، الذي يعد من الملتقيات الرئيسية والناجحة لمحترفي السينما والإنتاج السمعي والبصري والواقع الافتراضي. بالإضافة للقاء مع الناقدة السينمائية الشهيرة نينا روث، للحديث عن آخر المستجدات فيما يخص السينما السعودية والعالمية، وطريقة التواصل النقدي والإعلامي، وآخر المستجدات في المجال عموما.
أثناء لقاء الناقدة الإيطالية نينا روث مع صناع السينما السعوديين
دعم الفيلم السعودي
تأتي المشاركة السعودية في مهرجان فينيسيا السينمائي في سياق الجهود المحلية بقيادة هيئة الأفلام، لبناء مجال جاذب لصناعة سينمائية مؤثرة في المملكة، وقادر على استقطاب أهم الإنتاجات العالمية.
لذلك استضاف برنامج جسر الإنتاج ضمن مهرجان البندقية، ندوة حول الدور الرئيسي الذي تلعبه السعودية في صناعة السينما، وذلك بمشاركة عبد الجليل الناصر مدير عام قطاع تنمية القطاع وجذب الاستثمار بهيئة الأفلام، إلى جانب المدير التنفيذي لفيلم العلا شارلين ديليون جونز، والمدير الإداري لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شيفاني بانديا، والمدير الإداري للإعلام والترفيه والثقافة في نيوم واين بورغ.
تناولت الندوة برنامج الحوافز الذي أطلقته الهيئة لدعم الأفلام بنسبة تصل إلى 40% من الاسترداد المالي، والذي يهدف لجذب الإنتاج الدولي وتحفيز الإنتاج المحلي في المملكة. كما يأتي ضمن باقة من الممكنات التي تملكها المملكة في صناعة الأفلام؛ من أماكن تصوير ودعم لوجستي وكوادر فنية، والتي تضع المملكة ضمن أكثر الدول جاذبية للإنتاج السينمائي.
من جانبه، أشار عبد الجليل الناصر إلى وجود تنسيق عالٍ بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في المملكة؛ لبناء كافة أجزاء سلسلة القيمة المتعلقة بصناعة الأفلام، حيث يأتي ذلك من وعي الهيئة بأهمية الدورة الإبداعية لصناعة الأفلام لبناء قطاع متكامل يخدم صناع الأفلام أولاً، مشيرًا إلى التعدد الثري في مواقع التصوير بالمملكة، والذي يشكل أرضية خصبة لاحتضان العديد من القصص من حول العالم في مشاريع إنتاج ذات جودة عالية.
يذكر أن الوفد السعودي في مهرجان فينيسيا السينمائي، ضم كلا من "أحمد الملا وفهد اليحيا" عن جمعية السينما، و"مشعل المطيري، وحسام الحلوة" عن جمعية الأفلام، بالإضافة للنجمة سارة طيبة والمخرجين "توفيق الزايدي، ومحمد السلمان، ومحمد العطاوي، ونورا الأمير".
التعليقات