إيلاف من الرياض: منذ سنة ٢٠١١ اعتدنا من السينما السورية تقديم موضوع سينمائي واحد بأشكال متعددة عن الثورة السورية والتي مازالت تعاني سوريا من تبعاتها حتى الآن.

آخر هذه المشاريع السينمائية فيلم "نزوح" للمخرجة السورية سؤدد كعدان والتي تعود بهذا المشروع لمهرجان فينيسيا من جديد بعد تجربتها السابقة سنة ٢٠١٨ بفيلم "يوم أضعت ظلي"، والمفارقة أن العودة في نفس المهرجان وفي نفس المسابقة "الآفاق" الفيلم من كتابة وإخراج سؤدد كعدان ومن بطولة كندة علوش و سامر المصري.

ما قبل النزوح

الفيلم يروي تفاصيل الحرب السورية من خلال عائلة تعاني من ويلات الحرب حيث يبدأ الفيلم ونحن نشاهد معتز رب لأسرةيحاول اصلاح مولد كهربائي داخل منزله الذي يسكنه مع زوجته وإبنته وبمجرد إصلاحه يرقص فرحا ً وكأنه ليس أمامه من المشاكل والصعوبات إلا تواجد الكهرباء في منزله، ولكن مع تطورات سير القصة نجده يواجه العديد من العقبات والنواقصالتي لايملكهامن ماء ومواد غذائية و"مازوت" بل أن حتى منزله مكشوف للجميع يكاد يخلو من الجدران.

رغم كل ذلك ذلك نجده رافض لأي مقترح من زوجته وابنته حول النزوح وترك المنزل فلم يعد بالحي سواهم، وفي كل مرة يصرخ فيهم بأنه إبن الشام الأصيل ورافض لهذا الهروب "النزوح " _ حسب وجهة نظره _ ، بل وأنه مع كل قنبلة أو قذيفة تصيب منزله نجده يمسح الغبار عن وجهه ويبسط ويسهل الأمور وبأن إصلاح الأمر بسيط جدا ً، لدرجة أنه في كل مرة يعود لمنزله يرن الجرس مع ان البيت مكشوف للجميع يستطيع أي كان مشاهدة تفاصيله وحتى يمكن تسمية مايسكنه معتز وأسرته أي تسمية عدا كونه بيت.

هو بهذه السيطرة وبهذا التمسك بالبقاء يرى النزوح واللجوء أقرب للتخلي عن كل شيء من ذكرياته وتاريخه وهويته بل وحتى سيطرته على أسرته كرجل شرقي، تجد في أحيان كثيرة أن تفكيره بعيد عن المنطق كلياً لكن هذا ما يعزز بداخله حب القيادة والسيطرة على كل شيء فهو في حال نزوحه لن يكون سوى نازح ولاجئ ليس بيده شيء سوى الإنقياد مع اللاجئين ضمن المجاميع.

وعلى الجانب الآخر نرى زوجته "كنده علوش" وابنته تحاولان إقناعه في محاولات يائسة بالنزوح ، حتى ينتهي بهما القرار أن ينزحا ويهربا من البيت من دونه، في دعوة للإستقلالية تجاه السيطرة الأبوية الذكورية، وكان التغير والتحول في الأم تحديدا ً ضمن مجريات الفيلم وكأنها فقدت الثقة في زوجها حتى نلحظ أنه في بداية الفيلم مشهد خروجه للبحث عن الماء كانت معه تودعه عند الباب وفي نهاية الفيلم وهو خارج لذات الأمر خرج دون وداع.

تجربة ذكية ومنطقة جديدة

على مستوى التنفيذ في فيلم ( نزوح) كان اختيار الموضوع ذكيا ً خاصة لموضوع ماقبل النزوح واللجوء والصراع حول هذه الفعل لم يتم التطرق عليه بهذا التفصيل من قبل، لكن على الجانب الآخر كان هناك نقاط ضعف في السيناريو اضافة للمباشرة الواضحة في بعض حواراته بجانب الرمزيات الواضحة، ويحسب للمخرجة سؤدد إضفاء جو ساخر في عدد من مشاهد الفيلم في لقطات لم نعتدها سابقا في السينما السورية في السنوات الأخيرة والتي تتكلم عن الحرب تحديداً.

وجود نجوم ساعد كثيراً في نجاح وانتشار الفيلم وإن كان سامر المصري ليس في أحسن حالاته بعكس كندة علوش.
فيلم نزوح تجربة سينمائية أخرى مهمة للمخرجة سؤدد كعدان تروي حكايات الحرب من نظرة مختلفة نالت على أثرها جائزة الجمهور في مهرجان عريق كمهرجان فينيسيا.