في ظاهرة مثيرة للاهتمام، تنتشر الخنازير البرية بأعداد كبيرة في مناطق عديدة على مستوى شرق الجزائر، وتمثل هذه الخنازير خطرا داهما يهدد سلامة المساحات الزراعية والمحيطات المسقية.

كامل الشيرازي من الجزائر: تربط مراجع محلية بروز الخنازير شديدة الضرر بشرق البلاد، بتلكؤ السلطات في منح تراخيص لصيد الطرائد الكبيرة خلال الفترة الممتدة بين الفاتح كانون الثاني/يناير و20 آذار/مارس كما هو معمول به كل سنة.

ويقدّر quot;فؤاد حمانيquot; أحد الصيادين المحترفين أنّ ترك مجموعات الخنازير تعبث دون التربص بها، جعلها توسّع من تحركاتها ليس داخل الحقول والمحيطات فحسب، بل أيضا على مستوى الأوساط الحضرية مع كل ما يمثله ذلك من تهديدات، ما اضطر مزارعي الجهة الشرقية لحراسة حقولهم حتى لا تكون ضحية مرور هذه الحيوانات البرية.

ويشير quot;حميد بوزارquot; إلى أنّ الخنازير البرية تتواجد بشكل خاص في ولاية الطارف (700 كلم شرق)، وهو ما يعدّ هاجسا مضاعفا إذا ما وضعنا بعين الاعتبار خصوصية هذا المكان الأخضر المحاذي للحوض المتوسطي، والذي يستوعب ثلاث شواطئ، وثلاث محميات، ويحتوي على خمسين نوعا من الطيور وأنواعا عديدة من الحيوانات الأخرى.
ويذهب بوزار الناشط في جمعية بيئية محلية إلى أنّ مجموعات الخنازير البرية أصبحت تسمّم يوميات مواطنيه، مسجلا أنّ سكان المناطق الحضرية باتوا يتوجسون تجاه هذه الحيوانات البرية التي أضحت تكثف من هجماتها ليلا وحتى نهارا في سبيل الحصول على بعض الغذاء.

ويلفت quot;عيسى رحيميquot; إلى أنّ الخنازير البرية تنتشر أيضا في مدن الشمال على منوال ضواحي أولاد فايت، بابا حسن، الخرايسية، بئر توتة، باب علي، حيث تتجول عديد الخنازير داخل أحراشها، وبمنظور quot;حسن سلاميquot; فإنّ الحقبة الحساسة التي اجتزتها الجزائر منذ تسعينيات القرن الماضي، وقيام السلطات بمصادرة كافة الأسلحة المستخدمة في الصيد، جعل الخنازير تتكاثر وتتسبب في إرباك السكان المحليين خصوصا عندما تقتحم الطريق الرابط بين أولاد فايت وبابا حسن في الفترة الليلية.

ويقول العم مختار وهو مزارع مختص بالخضروات، إنّه بات يخشى على إنتاجه الزراعي من أن يكون ضحية مرور مدمر لمجموعة من هذه الخنازير الجائعة التي تؤدي زيارات غير مرغوب فيها تنتهي بإتلاف كبير على غرار ما هو حاصل بمنطقة quot;بوناموسةquot; الثرية بالخضر والمنتجات التي صارت لقمة سائغة، ما يجعل جمهور المزارعين يعيشون اليوم في خشية دائمة من تعرض منتجاتهم الزراعية لخسائر معتبرة تلحقها هذه الحيوانات بها.

ويلاحظ quot;عبد الوهاب بوتوميquot; أنّ مخاوف المزارعين صارت مضاعفة، ولا تقتصر على الخنازير البرية، بل تمتد إلى هاجس الجراد الجوال الذي عاد ليعبث عبر عدة مناطق بعد أقل من خمس سنوات على ما فعله في العام 2006.
واستنادا إلى quot;أحمد إبراهيميquot;، فإنّ ظهور أسراب الجراد الجوّال له صلة بالظروف المناخية الملائمة والأمطار التي تهاطلت مؤخرا، ما يمهّد لتكاثر الجراد الجوّال في الفترة القليلة القادمة، إذا ما كانت الظروف المناخية ملائمة.

كما يركّز quot;عادل سلايمquot; على أنّ البيئة بمكوناتها هي الضحية، بعدما صارت الخنازير تتجول على مشارف المدن وفي قلب التجمعات السكنية في بحث حثيث عن غذاء وسط أكوام القمامات، ويورد سلايم أنّ هذه الحيوانات المدمرة تسببت على طريقتها في كثير من حوادث المرور جرّاء قطع الطرق من طرف الخنازير في دروب مظلمة ليلا.

ويتفق سلايم مع رحيمي وبوزار على حتمية تنفيذ عمليات إبادة للخنازير البرية بمشاركة الصيادين، مشددين على أنّ ذلك هو الحل الوحيد للقضاء على هذه المجموعات الحيوانية الشديدة الضرر، بحكم اختلال الوضع البيئي وانعكاس ذلك سلبا على توازنات الطبيعة والزراعة المحلية.