يعاني نبات الذرة في العراق من تراجع نسب زراعته بسبب المناخ السيء وتراجع مناسيب المياه.

وسيم باسم من بابل: يلفت نظر المسافر الى مدينة الحلة (100 كلم جنوب بغداد) جنوبا نحو منطقة الهاشمية و الحمزة ( مدن جنوب شرق بابل) أكداس محصول الذرة الصفراء ، و أرتال الشاحنات التي تنقله الى معمل الذرة الصفراء ، الذي يبعد نحو 30 كيلومترا جنوب مدينة الحلة ، ليشكل جزءا متمما لبيئة زراعية تشتهر بزراعة هذا المحصول الذي نجحت زراعته في مناطق وسط العراق بشكل كبير.

والذرة الصفراء، محصول استراتيجي متعدد الاستخدام ، فهو إضافة إلى استخدامه الرئيسي كغذاء فانه يستخدم كعلف للدواجن والجاموس والابقار كما يدخل أيضا في صناعة النشا و الاصماغ.

البيئة المحيطة
غير ان البيئة المحيطة بالمعمل منذ تأسيسه ، تتعرض الى خطر حقيقي بسبب تحول المنطقة الى ارض جرداء بسبب الجفاف ، إضافة الى أكوام النفايات التي يفرزها الحي الصناعي الذي بدأ يتوسع ويحاصر المعمل ويتجاوز على الأراضي الزراعية.

وفي ذات الوقت فان الزحف العمراني العشوائي حوّل البيئة من زراعية الى صناعية ملوثة ، تعتمد في نموها على الفوضى وانعدام التخطيط ، ذلك ان اغلب المباني المقامة هناك تقام على ارض زراعية من دون موافقة دوائر (الطابو).

واذا ما مضيت شرقا باتجاه مناطق الكوت والنعمانية (180 كلم شمال بغداد) ستلمح مزارع الذرة الصفراء المنتشرة هناك والتي تقاوم قساوة الظروف .
وتنتج محافظة بابل نحو 45% من إنتاج العراق مما دعا إلى إنشاء ثلاثة معامل لتجفيف وتفريط الذرة الصفراء.

درجات الحرارة
وفي ظل بيئة شبه صحراوية تلمح احتراق نهايات أوراق الذرة الخضراء بسبب درجات الحرارة المرتفعة. ويقول الفلاح أبو كاظم أن الظروف البيئية القاسية هذه
تسرع في جفاف مياسم (العرانيس) وموت حبوب الطلع.

وبحسب أبو كاظم فان الشتاء القاسي يحول الأوراق الفتية إلى صفراء بسبب انخفاض درجة الحرارة ، وكل ذلك يحدث بسبب البيئة التي تحولت إلى جرداء لنقص المياه حيث اختفى الحزام الأخضر من النخيل والأشجار الذي غالبا ما يحيط بالمزارع.

ويتابع أبو كاظم: بيئة العراق مشمسة وهي تناسب نمو الذرة، لكن المشكلة هي في العواصف الترابية والرياح التي تتلف المحصول خلال فترة نمو الازدهار.

عوامل بيئية
وعلى رغم ان محافظة بابل تعد الأولى في زراعة محصول الذرة الصفراء في العراق الا ان عوامل بيئية تحول دون التوسع نحو زراعة المزيد من المساحات.
وبحسب المهندس شاكر حران فان مدير المعمل فان نقص المياه والملوثات البيئية تحول دون تحقيق المزيد من النجاحات في مجال الزراعة.

ومنذ نهاية الستينات منذ القرن الماضي أُدْخِلَت أصناف جديدة من الذرة نجحت زراعتها بشكل كبير مثل صنف (نيليوم ) و (تكساس) ، وهي بذور أميركية احتضنها بيئة العراق وأسفرت عن ذرة يانعة.

وبحسب خبير زراعة الذرة فوزي تركي، فان زراعة الذرة الصفراء ستتقلص لا محال إذا ما استمرت شحة المياه ،
والى جانب ذلك فان ارتفاع تكاليف زراعته ، وعدم توفر العلاجات اللازمة للقضاء على الآفات الزراعية ، وقلة كميات الأسمدة ساهم في انخفاض الانتاجية.

آفة خطيرة
ويروي المزارع ابو سعيد في ناحية ابي غرق(شمال غربي الحلة) انتشار حفار ساق الذرة بشكل يحتاج الى تدخل حكومي للتخلص من هذه الآفة الخطيرة .
ويضيف : تتكاثر طيور القنبر بشكل كبير في البيئة المجاورة حيث تلتهم حبوب الذرة وهي في طور الإنبات مما يشكل خسارة في الإنتاج.

ان النجاحات التي حققتها زراعة الذرة في بابل ، أسهمت بشكل فعال في تشجيع المناطق الأخرى في العراق على زراعة هذا المحصول الزراعي المفيد ، ولعل آخر هذه النجاحات تدشين زراعة الذرة في ناحية البطحاء (45 كم شمال شرق الناصرية ) من بذور مهجنة من استراليا.

وبحسب المهندس الزراعي فوزي الجبوري فان ما يحتاجه مزارعو الذرة في العراق، الدعم الفني عبر مساعدتهم في إدخال التكنولوجيا الحديثة ، وتوفير الأسمدة ، وتقليل الآثار البيئية على المحصول عن طريق توفير اللقاحات والأدوية.