كابول: تحصد الحرب آلاف الضحايا في أفغانستان سنوياً، لكن تلوث الجو في العاصمة كابول أكثر فتكاً من النزاع المسلح. ويؤكد خبراء أن أسلحة هذا القاتل الصامت تنتشر في كل أنحاء كابول، عوادم السيارات القديمة ونوعية الوقود السيئة وإحراق النفايات، أينما كان في شوارع المدينة.

وغالباً ما يضع الرجال الذي يسيرون في الشارع أو يمتطون دراجاتهم الهوائية أقنعة أو وشاحاً كي لا يستنشقون الغبار. فيما يحمي البرقع الأزرق وجوه النساء. ويقول أحمد والي الصيدلي الذي يضع قناعاً كل يوم حتى عندما يعمل داخل صيدليته ldquo;من غير الممكن المحافظة على الصحة دون قناعrdquo;. وأضاف ldquo;نحن متورطون في هذه المشكلة الكبيرة. فمن الصعب خفض التلوث بسرعة، وعلينا استنشاق هذا الهواءrdquo;.

وتستقبل المستشفيات البدائية في كابول أعداداً متزايدة ممن يعانون مشاكل في الجهاز التنفسي. وتقول مالالاي وهي أم لتسعة أطفال في مستشفى ldquo;جمهوريةrdquo;، أحد أكبر مستشفيات العاصمة، ldquo;أنا مريضة منذ 3 سنوات. عندما أتكلم ينقطع نفسي بعد دقيقتين أو ثلاث دقائق. أعاني أوجاعاً في الصدر عندما أتنفس، ولا يمكنني السير أو الوقوف لفترة طويلة وليس لدي أي طاقةrdquo;.

ويحذر الأطباء من أن كابول ستواجه مشكلة خطرة إذا لم يتم اتخاذ أي إجراءات. ويقول عرفان الله شفاء الطبيب في مستشفى جمهورية إن 20 شخصاً على الأقل يأتون يومياً إلى المستشفى لأنهم يعانون مشاكل في التنفس. وأضاف شفاء ldquo;إذا استمر تلوث الجو في الارتفاع، فإن الشعب الأفغاني سيواجه كارثة صحية في المستقبل القريبrdquo;. والأرقام تعبر عن مشكلة كبيرة، فالوكالة الوطنية لحماية البيئة قالت العام الماضي إن نحو 3 آلاف شخص يموتون سنوياً جراء تلوث الأجواء في كابول. وبالمقارنة ذكرت الأمم المتحدة أن 2777 مدنياً قتلوا في الحرب بكل أنحاء أفغانستان في عام 2010.

وثمة أسباب عديدة لتلوث الجو في كابول، أهمها توسع العاصمة الكبير مع لجوء الناس إليها هرباً من المعارك في الكثير من المناطق الريفية. وقد صممت المدينة لاستيعاب نحو مليون نسمة، إلا أنه تدفق عليها نحو 4 ملايين نسمة في غضون 6 سنوات. وتقول بلدية كابول إن الكثير من القادمين يقيمون في منازل فقيرة بنيت بطريقة غير قانونية.

وتخضع البنية التحتية في كابول لضغوط كبيرة. فيما تعج شوارع المدينة بالسيارات القديمة والمستوردة بطريقة غير قانونية، وتنفث دخاناً كثيفاً بسبب استخدام نوعية الوقود السيئة. وتعتمد العائلات على مولدات كهرباء تعمل بالديزل وكذلك المتاجر والمصانع. وفي مواسم الشتاء القارسة البرد، يحرق السكان المحليون ما توافر لهم للتدفئة، بما في ذلك الإطارات القديمة والبلاستيك.

وتقدر وزارة الصحة أن عدد الأفغان الذين يعانون مشاكل في الجهاز التنفسي زاد 3 مرات خلال السنوات الست الأخيرة ليصل إلى نحو 480 ألفاً. ويقر المسؤولون أنهم يواجهون صعوبات في التغلب على هذه المشكلة، نظراً لحجم القضايا التي تواجهها أفغانستان بعد ثلاثة عقود من الحروب وعشر سنوات تقريباً من اجتياح قوات الناتو للبلاد، لإسقاط نظام طالبان.

والعام الماضي أقرت السلطات الخميس يوم عطلة أسبوعية إلى جانب أيام الجمعة لخفض التلوث. وقال المتحدث باسم مكتب رئيس بلدية العاصمة محمد إسحاق صمدي إنه ldquo;لا يسمح باستخدام السيارات الحكومية خلال العطل وهذا يساعد على خفض التلوثrdquo;. كما اعتمد قرار بمنع استيراد السيارات القديمة. وأضاف صمدي إن هذا القرار ldquo;كان له تأثير جيد جداrdquo; في خفض التلوث، لكنه لم يقدم أي أرقام أو إحصائيات.