لأنّها قضت على ثلاثة آلاف نخلة في إسبانيا، مثلما سبق لها أن فتكت بآلاف أشجار النخيل الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، فإنّ الجزائر أعلنت حالة تأهب لمواجهة الحشرات الحمراء التي اجتاحت البلاد عن طريق دول الجوار.
الجزائر: شهد جنوب الجزائر خلال الفترة القليلة الماضية ظهور الحشرات الحمراء وهي حشرات متلفة لنخيل التمر والنخيل الزيتي إضافة إلى النخيل المستعمل في التزيين، ما يتهدد بشكل قوي نحو 1.8 مليون نخلة، في بلد يمتلك ما يزيد عن 17 مليون نخلة منتجة.
وفي تصريح خاص لــإيلاف، أشار quot;جمال برشيشquot; مدير الاتصال بوزارة الزراعة والتنمية الريفية، إلى قيام مصالحه بوضع جهاز إنذار من أجل تحصين النخيل ضد كافة الحشرات المتلفة بما فيها الحشرات الحمراء، بعدما جرى وضع خطة استباقية في 2009 على مستوى الولايات الحدودية الواقعة غرب وجنوب غربي البلد، إثر اكتشاف هذا النوع من الحشرات بالمغرب.
من جانبه، تحدث quot;أحمد سدودquot; رئيس الشعبة المركزية للتمور عن التعجيل في تحسيس جمهور ناشطي القطاع حول أهمية تعزيز الرقابة على مستوى كافة الولايات الحدودية، ويلزم هذا الإجراء مختلف الهيئات المعنية بالإعلام والتكوين بغرض حصر نطاق تحرك الحشرات المتلفة والأضرار التي تسببها على النخيل.
وفيما يخص النشاطات الميدانية، يشير برشيش إلى وجود شبكة لاكتشاف الحشرات الحمراء على مستوى المناطق التي يتواجد بها النخيل، سيما تلك الواقعة بمحاذاة المغرب، تونس وليبيا، إضافة إلى منع زرع النباتات التي يتم إدخالها إلى البلد بطريقة غير شرعية عبر بوابات بلدان متضررة.
ويفيد المتخصص quot;حسين صادقيquot; أنّ أصول الحشرة الحمراء تعود إلى المناطق الاستوائية بجنوب آسيا، بحيث تنتشر في كل من باكستان والفليبين والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وفلسطين والأردن، إضافة إلى دول أوروبية كإسبانيا، فرنسا، إيطاليا وتركيا، قبل أن تنتقل إلى تونس والمغرب مؤخرا.
ويلفت صادقي إلى أنّ هذه الحشرة المضرة، لا تقتصر على النخيل فحسب، بل تطال عدة أنواع من النباتات، وتتسبب اليرقات التي تتسلل إلى لحاء النخلة في أضرار مما يصعب من رؤيتها والتحكم فيها، ويرجع محدثنا التوسع الجغرافي للحشرات الحمراء إلى نقل مخلفات النخيل بين البلدان المنتجة وتنامي تجارة أشجار النخيل الكبيرة المستعملة في التزيين لاسيما من مصر نحو شمال غربي بحيرة المتوسط.
من جهته، يركّز الخبير quot;فؤاد شحّاطquot; على أنّ الحشرة الحمراء التي ظهرت في مصر وليبيا والمغرب، تمثل خطرا أكيدا على بساتين النخيل في الجزائر، وهو ما ينذر بوخامة على محيط تنتشر فيه 994 نوعا من التمور على مساحة 160 ألف هكتار.
ويربط شحاط خطر الحشرات الحمراء، بشبح الطفيليات التي تلاحق أشجار النخيل، كـquot;البيوضquot;، quot;البوفروةquot; وquot;سوسة التمرquot;، فضلا عن فيروس الأشجار quot;لشاركاquot;، وبعض الآفات الطفيلية والعنكبوتية وكذا الطيور المضرة بمحاصيل التمور في عشر ولايات جنوبية هي: أدرار- تمنراست- تندوف- غرداية- بسكرة- ورقلة- البيض- الوادي- إيليزي وبشار، وبات المزارعون هناك سيما بمنطقتي غرداية وبسكرة المعروفتان بأكبر وأجود منتجات التمر، يشتكون مما ينجر عن الحشرات وتوابعها من تآكل وخسائر.
ويبرز الدارس quot;مراد شعيريquot; أنّ القطاع الزراعي الجزائري يتكبّد خسائر سنوية تربو قيمتها عن المائة مليار دينار جزائري (بما يعادل 110 ملايين دولار) وذلك بسبب التلف الذي يلحق 30 بالمائة من المنتجات الزراعية جراء استفحال أمراض طفيلية تنقلها الحشرات الضارة والطيور المهاجرة، وهي فاتورة ثقيلة تفرض مخطط فعالا يكفل عدم تكرار سيناريوهات كارثية كتلك التي تسببت فيها قوافل الجراد خلال مواسم سابقة، وتسبب في أضرار اقتصادية وبيئية على الجزائر المصنّفة كسابع منتج عالمي للتمور.
التعليقات