أعادت مدن ألمانيا الحياة لهياكل مصانع كانت مصدر تلوث فحولتها لصديقة للبيئة والثقافة.
إعتدال سلامه من برلين: على مدى عقود طويلة عاشت منطقة الرور الالمانية تغييرا بنيويا جذريا، حيث كانت تعتبر منطقة مناجم عمل فيها خلال خميسينات القرن الماضي ما يقارب من نصف مليون عامل في المناجم والمقالع، الا ان جزءا كبيرا جدا منها هُجر بعد ان قررت الحكومة الاتحادية انهاء دعمها لصناعة استخراج الفحم الحجري، ما جعل المنطقة بكاملها لسنوات تعاني من مشاكل مباني المصانع المهجورة التي بدأت تتأكل هياكلها، لكن وقبل 15 عاما بدأ يحدث تغيير هيكلي حول الرور التي كانت تعتمد في مداخليها على الفحم والتعدين، الى منطقة تسعى للبقاء والحافظ على كيانها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.
معرض تشكيلي داخل برج نوردشتيرن الألماني |
وكانت المشكلة الكبيرة في المباني والمساحات الشاسعة التي اهملت في المدن وكانت عصب اقتصادها، الا ان الافكار المبدعة حملت الحلول اللازمة، من اجل التطور البيئي والاقتصادي، وبشكل خاص التغلب على مخلفات وتبعات الصناعة من خلال اعادة تجميلها. وبالنتيجة تحولت مناطق كثيرة فيها الى اماكن للانشطة الثقافية والسياحية ومساحات خضراء ومنتزهات، ومع انها كانت افكار غير عادية لكنها قابلة للتنفيذ.
ومن أهم المشاريع التي نفذت واصبحت قبلة الزوار والسياح منتزه شمال دوسبورغ الذي كان ينتج حوالي 60 مليون طن من الحديد الخام في افرانه قبل ان يتوقف نهائيا عام 1985، فبعد ان هجر لسنوات طويلة يشمخ اليوم وسط منتزه يتضمن اكبر مركز رياضي غير طبيعي للغطس مع اسطوانات الهواء في اوربا. وفي نهاية الاسبوع وايام العطل تتم اضاءة هذه المشهد بالوان عديدة.
ولا يقل مشروع اسطوانة الغاز العملاقة في اوبرهاوزن اهمية، فمنذ اواخر العشرينات كان يتم في هذه المدينة تخزين الغاز اللازم للمناطق الصناعية المحيطة في اكبر مستودع للغاز في اوروبا في ذلك الوقت. ومنذ عام 1994 يستخدم البرج الهائل الذي يصل علوه الى 117 مترا كموقع مثيرا للمعارض المتميزة وحفلات الموسيقى والعروض المسرحية.
وخلال الستينيات كان ينتصب حرف دورتموند U الذي يمكن رؤيته عن بعد، كشعار لمصنع البيرة quot; اونيونquot; ويرمز الى اكبر شركة بيرة في اوروبا، اما اليوم وبعد اغلاقه ينتصب حرف U مضيئا مذهبا بارتفاع 70 مترا بعد ان تحول الى اول quot; مركز للصناعات الابتكاريةquot; على مستوى المانيا وتم ا فتتاحه عام 2010.
وكان منحدر بيكشتراسه في بوتروب يعتبر حتى عام 1980 مكبا لبقايا منجم بروسبر هانيل، واليوم يظهر من الجبل الذي يرتفع 74 مترا شكل رباعي الوجوه بتركيبة معدنية على شكل هرم ثلاثي الوجوه يجتذب الزوار، ويعلو 50 مترا، وتتم انارته ليلا بشكل رائع حتى يبدو وكأنه معلق في الهواء.
وتوقف منجم اتحاد الجمارك في مدينة اسن عن العمل عام 1987 بعد اكثر من قرن وربع من الخدمة في تقديم الفحم الحجري وفي عام 2001 تم وضعه على لائحة منظمة اليونسيكو كإرث حضاري للبشرية ويعتبر منذ ذلك الحين quot; الرمز الاكبرquot; لمنطقة الرور وفيه مركز للثقافة والابداع تقام فيه المعارض والانشطة الثقافية العالمية.
وفي عام 1993 كانت الوردية الاخيرة في منجم نوردشتيرن غيلزنكيرشين هورست، وقد بقي منه البرج رقم 2 الذي تمت اعادة بنائه وتأهيله فاصبح متحفا، وتوج بتاج من البلاستيك بارتفاع 25 مترا من تصميم احد اهم الفناين الالمان عام 2010.
وكان منحدر شورنباخ في مدينة اسن يستثمر حتى اغلاقه من قبل ادارة منجم اتحاد الجمارك، ومنذ عام 1998 تنصب على الجبل الذي يرتفع 45 مترا مسلة من الصلب المصبوب، تعلو 15 مترا واطلق عليها quot; مسلة من اجل منطقة الرورquot; وتبدو عن كثب كقطعة هائلة. كما تحول مركز سابق للصناعة الثقيلة في مدينة بوخوم الى صالة رائعة للحفلات.
التعليقات