يخشى عالم غابات مصري من تصحر القرى الخضراء بمصر بسبب طرق إنشائها وعدم صداقتها للبيئة.

صلاح سليمان من ميونيخ: القرى السياحية التي تنتشر علي الشواطئ المصرية في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، تسبب أضرار بيئية كبيرة، فهي قرى استهلاكية غير منتجه الهدف من انشاءها هو الربح دون الأخذ في الإعتبار الأضرار البيئية التي تنتج عنها، عن طريق الإستخدام الدائم لمخزون المياه الجوفية في باطن الصحراء،وعدم تدوير النفايات المتخلفة الناتجة عن المعيشة،فيها اضافة الي تشوية المنظر الطبيعي الجميل ببناء كل تلك الكتل الأسمنتية التي تشوه بانوراما الصحراء الجميلة وتقتل ذلك التناغم الجميل بين مياه البحر ورمال الصحراء.

في لقاء لإيلاف مع عالم الغابات الدكتور هاني الكاتب الباحث في الجامعة التقنية في ميونيخ يقول : ان هذه القرى السياحية المشيدة علي الشواطئ المصرية لا تمت الي الجمال بشئ، وكان المفروض ان تكون افضل من ذلك بكثير حيث يتوافر لها المكان الساحر والخلاب،غير انها تدار بطريقة تضر بالبيئة في وقت كان يجب عليها ان تتحول الى قرى صديقة للبيئة حيث اصبحت سياحة البيئة احدى اهم افرع السياحة الآن في اوروبا،من جهة أخري يضيف ان القري صديقة البيئة يجب ان تستهلك ما تنتجه اي يجب ان تكون هناك زراعات وتشجير وتدوير مياه الصرف الصحي واستخدامه في التشجير وزراعة الخضر والفواكه وتحلية مياه البحر واستخدامها في الشرب وفي الزراعة، ويجب الا يتم الإعتماد علي المخزون الجوفي من المياه حتي يبقي للأجيال القادمة، كذلك يمكن الإعتماد الآن علي الطاقة الشمسية كبديل للكهرباء وهي طاقة نظيفة لاتضر بالبيئة عندئذ ستصبح تلك القري مشجعة للسياحة البيئية القادمة من اوروبا.

ووفق ما يقول فإن تللك القرى يجب ان تظل طوال السنة تعمل، غير ان استخدامها شهر او شهرين في السنة يجعلها جزء من الصحراء الجرداء الذي لايضيف اي تطوير للصحراء ويجعلها قرية مستهلكة لاتفيد البيئة بشئ، لذلك لابد من التشجيع علي قيام تلك القري بالإهتمام بالتشجير والزراعة علي مدار السنة، وهو يري أن ذلك امر سهل وليس فيه اي مشكلة.

اسأل الدكتور هاني لماذا تستعصي هذه الأفكار علي التنفيذ في مصر ؟ يقول لأننا ببساطة لا نثق في قدرات انفسنا و ننتظر حتي يأتي لنا الخواجات بالمقتراحات والأفكار ويبيعوها لنا، أو ان ينفذوها في بلادهم ثم نأخذها فيما بعد عنهم.

ان الصحراء في مصر تشكل 97% من مساحة الأراضي المصرية،لذلك لابد ان نعتمد علي انفسنا في وسائل تحلية مياه البحر لأنها مكلفة جدا و يجب ان نستخدمها في الإنتاج وليس الإستهلاك حتي يتوفر عائد نقوم من خلاله بسداد تكلفة تلك التحلية حتي تكون الزراعة في تلك المدن علي مادار العام.

لكن ما هي المعوقات التي يمكن ان تعوق مثل هذه الافكار ؟ يقول عالم الغابات هي فقط معوقات مالية خاصة وانه لا يوجد دعم لإقامة هذه المشاريع،لذلك يجب عمل نماذج يتم طرحها للمستثمرين ورجال الأعمال،ويجب ان تكون مقنعة لرجال الأعمال الذين يجرون وراء الربح، فهم اذا تأكدوا من أنهم سيجنون ارباح من السياحة البيئية سيعملون علي الفور في تدعيم ذلك.وفي هذا الصدد يضيف : أريد ان اقول ان صناعة الجمال في الطبيعة هو في الحقيقة أمر سهل ورخيص واذا اعتمدنا علي انفسنا بإخلاص وبعيد عن الفساد فاننا يمكن ان نحقق طفرة في السياحة البيئية التي هي سياحة المستقبل !

يري الدكتور هاني كذلك ان تلطيخ شواطئ البحر والصحراء الجميلة بالكتل الأسمنتية وجعلها غالية الثمن،ذلك ان البيوت ليس بها تنسيق يجعل اجازة علي شواطئ البرازيل امتع واجمل للسائح، فهو يري ان تخطيط مدن جميلة ومدن تستهلك ما تنتج هي جديرة بالحفاظ علي البيئة.
إذن كيف يري مستقبل مصر البيئي؟ يقول : اولاً يجب تغير الأوضاع الخاطئة والتخلص تماما من الفساد والتزود بالثقافة البيئية لأن فهم البيئة يحتاج الي مجهود ووعي،وبكل تأكيد فإن الأمر سهل وبسيط بالعقول المصرية المتميزة في اعادة رسم مستقبل مصر البيئي علي سبيل المثال لا يمكن تحسين البيئة باستخدام كل هذا الكم من السيارات التي تسير في الطرقات، كذلك فإن من اهم الاشياء ايضا هو التشجير حيث سيساعد ذلك علي تقليص نسبة ثاني اكسيد الكربون في الجو
ولدينا مياه الصرف الصحي التي تصل الي 2.4 مليار متر مكعب يمكن بكل سهولة استخدامها في التشجير وقد أجرينا دراسة علي 2000 فدان في مناطق مختلفة من الصحراء وقد اثبتت فعالية زرع الأشجار فيها، وأصبح لدينا أمل في توسعه تلك النماذج لتشمل جوانب تحسين الإنتاج والجودة وسوف تتحقق مكاسب بيئية واجتماعية كبيرة من وراء ذلك في المستقبل.