توصف مدينة المنيعة الجزائرية (870 كلم جنوب) بكونها رئة الصحراء الوسطى، وتؤهلها خواصها الطبيعية لأن تكون رئة البيئة الصحراوية الجافة سيما مع موقعها الذي يتوسط عدة ولايات وربطها بين شمال وجنوب الصحراء.

إيلاف بحثت مع متخصصين تجليات quot;المنيعةquot; والأدوار التي يمكن أن تنهض بها على صعيد حفظ التوازن الإيكولوجي للطبيعة الصحراوية.

كامل الشيرازي من الجزائر: تفيد مراجع محلية أنّ منطقة quot;المنيعةquot; الجنوبية (49000 كلم2) تمتاز بخصوبة تربتها وبنيتها الجيدة الممتدة على سبعة محيطات، إضافة إلى عذوبة مياهها ونوعيتها العالية بغزارة مقدارها 6627 لتر في الثانية، وتحيل المراجع ذاتها إلى أنّ المنيعة التي تنتشر فيها الصخور الرسوبية، تقع على خط عرض 30 درجة و54 ثا شمالا وعلى خط 02 درجة و52 ثا شرقا، وترتفع بحوالي 397 م فوق مستوى سطح البحر.

يشير quot;نذير حفيظيquot; إلى أنّه في وسط يتسم بشدة الحرارة، تنفرد المنيعة بوفرة الثمار وكثرتها، إضافة إلى توفرها على عديد الأشجار والنباتات بينها 135590 نخلة منتجة، و91734 شجرة منتجة، واشتمالها على وعاء يستوعب 46650 رأس من الأغنام، 25725 رأس من الماعز، 1278 رأسا من الإبل والبقر، و155300 رأس من الدواجن.

بدوره، ينوّه quot;عبد الجليل جشيميquot; بكون الاستغلال الأمثل للموارد المذكورة، سيجعل المنيعة قوة بيئية ضاربة، خصوصا وأنّها ظلت في منأى عن مصيبة التلوث وتراكم النفايات، بجانب توسط المنطقة لكتل الصحراء الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية، ما يجعلها محورا أوسطا قد تتحول إلى مدينة جديدة لاحقا، علما أنّ المحتل الفرنسي السابق جعل من المنيعة قطبا للحوامض والورود، وذاك بارز عبر وثائق تعود إلى العام 1930.

وعلى منوال مدن الصحراء، ينبّه quot;مصطفى كمال قارةquot; إلى احتواء المنيعة على مياه جوفية هامة ذات نوعية جيدة، حيث تتمركز في المكمن الجوفي المعروف محليا بــquot;الآبيانquot;، ويوظف هذا المكمن استنادا إلى quot;محمد صيادquot; في تزويد 304 من الآبار العميقة والمتوسطة، في وقت لا تزال الدراسات تبحث في كمية المياه الحقيقية التي يكتنزها باطن أرض المنيعة ذات الكثافة المائية القوية مثلما أسلفنا الذكر، وهو رافد يمكن استعماله كذلك في ابتعاث أحواض مائية لتربية الأسماك.

من جهتها، تبرز quot;سمية عرابيquot; الوجه الآخر للمنيعة، حيث تتوهج بكثبانها الرملية الناعمة وجمال واحاتها وسبخاتها الزرقاء المالحة التي تستقطب الآلاف من الطيور المهاجرة، ما جعل المنطقة تصنّف كفضاء رطب ومحمية وطنية تحتوي أيضا على غطاء نباتي معتبر رغم ما يطبع مناخها الصحراوي من جفاف وقلة تساقط الأمطار.

بهذا الصدد، تعدّ سبخة المالح وهي بحيرة مائية، رواق الطيور المهاجرة بين أوروبا وإفريقيا، إذ تأوي بحسب بيانات علماء الطيور 3210 طائر من عشرين صنفا دوريا، ويوضح quot;ناصر زيدونquot; مسؤول حماية ثروة الحيوانات والنباتات، أنّ الأمر يتعلق على نحو خاص بالطيور المائية بينها الكناري الجارف والبط المعنقد والبط الرخامي البري وأنواع أخرى من الطيور المائية على غرار طيور الفلامون الوردي وطيور السيلفان والنهس والأبلق والمالك الحزين والنسر أبيض الذيل، إضافة إلى أصناف نادرة مدرجة على لائحة الطيور المهددة من لدن الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة.

ويشير زيدون إلى توافر المنيعة على حوضين مائيين أحدهما يحتوي على مياه مالحة وآخر للمياه العذبة على مساحة تفوق 18497 هكتار، ويزخر الحوضان بثروة من الثديات البرمائيات وأسماك المياه العذبة على غرار سمك quot;القمبوزياquot; ونباتات وأعشاب متوطنة غنية ومتنوعة مثل: الشيح، الفيجل، الحلبة، الجعدة، القرطوفة وغيرها، تستفيد من مياه الأمطار وصعود المياه السطحية ومياه السقي الزائدة.

كغيرها من مناطق البلاد، لم تسلم مدينة الزهور من اعتداءات متعددة من قبل الإنسان وظاهرة التعمير العشوائي والسريع، ويتوجس quot;منير ميزونيquot; مما يترتب عن سلوكات التعدي على الغطاء النباتي والتوسع الغير قانوني للأنشطة الزراعية بهذه المنطقة، ناهيك عما ينجم عن تراكم المياه المستعملة والصيد غير الشرعي، ما يربك النسق الإيكولوجي لهذه المنطقة الرطبة وينذر بتحويلها إلى أرض جرداء.