ما زالت الأعداد الهائلة من الألغام المزروعة في المناطق الحدودية بين العراق وإيران، تشكل تهديدا مباشرًا للإنسان والحيوان على حد سواء. ويلمح المسافر عبر الطرق البرية بين البلدين، الكثير من حقول الألغام المقفلة، حيث تشير اللوحات إلى خطورة الاقتراب منها.
وسيم باسم من واسط: في منطقة زرباطية في محافظة واسط (180 كلم شمال بغداد) والتي تعد منفذا حدوديا مهما مع إيران، ينزل راكبو الباص لقضاء بعض الوقت في البرية للاستراحة لكن رجال الحدود يحذرونهم من الابتعاد في جولتهم البرية خوفا من انفجار الألغام تحت أقدامهم.
وخلفت الحرب الإيرانية العراقية (1980 - 1988) وحرب الخليج في 1991 والاجتياح الأميركي للعراق في 2003 الكثير من حقول الألغام.
ويشير شرطي الحدود سعد الجبوري الى أن دوريات الشرطة الحدودية تعثر على الكثير من الحيوانات التي انفجرت بها الالغام. كما يشير الجبوري الى مخاطر جمة يتعرض لها البدو والرعاة في تلك المناطق.
وفي الوقت ذاته، يشير ابو محمد الذي يمتلك نحو ثلاثين رأسا من الغنم ترعى في تلك المناطق إلى انهم مضطرون الى اختيار مناطق محدودة وطأتها الأقدام من قبل.
ويضيف : الابتعاد عن تلك المناطق يسبب مخاطر جمة.
وفقد سعيد حسن (19 سنة ) اصابع قدمه اليسرى جرّاء انفجار لغم.
وتنتشر بين سكان تلك المناطق الكثير من حالات الإعاقة الناتجة من انفجار الألغام والملفات الحربية. كما يشير سعيد الى فقدان الرعاة الكثير من الماشية بسبب الرعي في مناطق تحتوي على الكثير من حقول المتفجرات.
ويؤكدسعيد العثور بين الحين والآخر على الكثير من الآليات الحربية والأسلحة والقنابل التي لم تنفجر إضافة إلى الأعتدة في الكثير من المناطق، وكلها من مخلفات الحرب العراقية الإيرانية.
وعلى طول الشريط الحدودي في محافظة واسط والذي يمتد لعشرات الكيلومترات، بدت المنطقة خالية من أي حركة بشرية بسبب عدم الاقتراب منها لكثرة الألغام المزروعة..
ويشير ابو هيثم من مدينة بدرة ( 85 كم) شرق مدينة الكوت الى خسائر جمة تسببها الألغام لسكان تلك المناطق بسبب انعدام مناطق الرعي الآمنة وعدم استغلال تلك المناطق الشاسعة في الأغراض الزراعية.
كما تعاني مدينة زرباطية والمناطق المحاذية لها من الامر ذاته.
ويتحدث ابو علي عن فقدانه أخاه بسبب انفجار لغم عليه حين كان يتجوّل في البرية.
وفي كل عام، فان هناك ضحايا من البشر والحيوان على حد سواء جرّاء جهل أهالي المنطقة بحدود حقول الألغام.
كما يشير ابو محمد الى انه في بعض مواسم الأمطار تجرف المياه التربة فتكشف الكثير من الألغام والقطع الحربية. ويتابع: لا يستطيع احد معالجة الأمر لخطورته.
ويرى السكان أنهم يستطيعون المساهمة في إزالة بعض من هذه الألغام اذا ما توفرت لهم الوسائل والتقنيات بدلا من الانتظار سنينا طويلة.
ويعقب أبو محمد على ذلك بالقول : في كل مرة تزورنا لجان تفتيش ومراقبة، وتكتب تقاريرها وتستمع الى المواطنين ثم ينتهي الأمر إلى ( لاشيء ). ويضيف: لتوفر لنا الدول الخرائط والتقنيات ونحن نقوم بالامر على خطورته.
ويروي أبو كاظم حكاية بالقول إنه تحصيل حاصل للضرر الذي لحق به حيث بترت ساقه بسبب انفجار لغم في منطقة زرباطية. فيما يشير المزارع أبو حيدر الى شاب مزقت الألغام جسده عام 2005 وهو في طريقة الى عمله في الفلاحة.
وكان تقرير لوزارة البيئة العراقية أشارإلى وجود نحو 20 مليون لغم تنتشر في مناطق تقع في 13 محافظة.
وتعمل شركات في تلك المناطق على إزالة الألغام والمخلفات الحربية، لكن عملها يتسم بالبطء مقارنة بالمساحات الشاسعة التي تحتوي الألغام. حيث يشير المهندس النفطي محمد حسن إلى أن الألغام تمثل معوقا أمام تطوير حقول النفط في المناطق الحدودية ايضا.
ويؤكد حسن أن عدم الإسراع في إزالة الألغام سيوقف التوسع في الاستثمار النفطي في تلك المناطق بشكل رئيس.
- آخر تحديث :
التعليقات