ريما زهار من بيروت: يضع النائب السابق تمام سلام نفسه في الوسط بين المعارضة والموالاة، ويؤمن بضرورة التكامل مع الخارج، ويقول في حديث خاص لإيلاف إن احتمال الفتنة الشيعية السنية قائمة في لبنان اذا ما استمرت الخطابات النارية، ويحمّل الوضع السيئ الذي وصل اليه لبنان الى اعتبارات خارجية وظروف إقليمية تمر بها المنطقة والى عدم ايلاء الزعماء مصلحة لبنان في الدرجة الاولى بل مصلحة العشيرة والمذهب، ويعتبر ان الشارع لم يوصل الى نتيجة لانه مقسوم اليوم بالتساوي بين المعارضة والموالاة، وان الخاسر الاكبر في ازمة الشوارع هو لبنان، ولا يؤمن بضرورة طائف آخر لحل ازمة لبنان، بل على القيادات تطبيق اتفاق الطائف بحذافيره خصوصًا لجهة إلغاء الطائفية السياسية، كما ينظر بتشاؤم الى وضع المنطقة العربية ككل بعد خمس سنوات اذا ما استمر التشرذم ومع وجود الكيان الصهيوني في المنطقة.

وفي ما يلي نص الحوار معه

* بين المعارضة والموالاة اليوم اين تجد نفسك؟
- في الوسط

* هل تؤمن بأهمية الدور العربي في حل الازمة اللبنانية؟
- طبعًا للدور العربي أهمية كبيرة.

* هل يجب أن نسعى دائمًا الى الخارج لحل قضايانا الداخلية؟
- كلا يجب أن نتكامل مع الخارج لاننا بلد صغير ويتأثر بمحيطه الاقليمي وبالتالي لا يمكن تجاهل ما يحدث في المنطقة ويجب التواصل معه لنأخذ منه افضل ما يفيدنا.

* هل ترى حلًا للازمة التي يتخبط بها لبنان؟
- كل عقدة وكل ازمة لهما مخرج، وذلك يرتبط بشكل مباشر بجهود الغيورين والمخلصين من القيادات وخصوصًا الرسمية منها، على صياغة وتشكيل حلول ومخارج ومنها ما تم طرحه من حكومة 19+1+10 وبعض التعديلات على المحكمة ذات الطابع الدولي، وامور اخرى تساعد على التأسيس لحل.

المسؤولية

* على من تضع المسؤولية للحالة التي وصل اليها لبنان؟
- على عوامل وظروف كبيرة تمر بها المنطقة بالدرجة الاولى، وعلى عدم إمكانية ارتقاء القيادات السياسية في مواجهة تلك المستجدات، وتقديمهم لمصالحهم ونفوذهم الداخلي عند عشيرتهم وطائفتهم وقبيلتهم، على مصلحة لبنان والمصلحة الوطنية العليا.

* البعض يرى ان الحكومة اصبحت غير شرعية وآخرون يرون ان رئاسة الجمهورية هي غير الشرعية، ما هو تعليقك على الامر؟
- موضوع شرعية او عدم شرعية الحكومة، فإن الجانب القانوني والشرعي في الحكومة يقول انها قانونية وشرعية 100%، وحائزة على ثقة الاكثرية وما زالت، في تكوينها، لم يستقل اكثر من ثلث وزرائها، فهي قانونية وشرعية، اما على مستوى التمثيل السياسي، فنعم هناك ضعف لان فئة من اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية غير ممثلة في الحكومة، وهذا خلل سياسي يجب معالجته.

* ماذا عن رئاسة الجمهورية؟

- رئاسة الجمهورية في رأيي لها طابع قانوني ودستوري متمثل في إجراءات تم اتخاذها عند التمديد لرئاسة الجمهورية، ولكن من الواضح ان رئاسة الجمهورية حاليًا ليس عندها التأييد الشعبي والنيابي المطلوب لاستكمال شرعيتها السياسية وهذا ايضًا امر يشكل ضعفًا.

المعارضة

* هل برأيك اوصل شارع المعارضة الى حل ؟
- في بداية الطريق قلنا وحذرنا من موضوع الشارع، وهو حلال في الانظمة الديمقراطية، ولكن عندما يكون الشارع متوازنا في القوة ومنقسما نصفيًا ولا غلبة لفريق على آخر، فمن العبث تحريك واستعمال هذا الشارع، لانه لن يعطي النتيجة المرجوة، لان هناك شارعا وآخر مقابلا، ليس الامر كما هو في بعض المحطات التاريخية في الانظمة الديمقراطية حيث كانت هناك غلبة لفئة كبيرة من الشارع، كانوا يؤثرون من خلال الشارع، والواقع اليوم ليس كذلك لان الشارع منقسم نصفيًا، مع المعارضة والاكثرية، والمعارضة تقول إن زائد النصف معها والاكثرية كذلك، ونشهد الاستعراضات الشارعية لتثبيت من معه الاكثرية، ولكن واقع الحال فان الشارع منقسم بشكل متوازن.

الخاسر الاكبر

* من هو الخاسر الاكبر من أزمة الشوارع؟
- لبنان اولًا وآخرًا واللبنانيون لأن هذا الموضوع يضلل الرؤية الصحيحة للبنان ويحجبها ويوهم بان هناك ناسًا وشعبًا يريدون شيئًا آخر وندخل في تلك الدوامة.

أزمة شيعية سنية

* ما مدى صحة الخوف من ازمة شيعية- سنية في لبنان؟
- الخوف من الأزمات الطائفية والمذهبية في لبنان قائمة، لان القيادات تتصرف مع طوائفها كعشائر، وبالتالي نعم اذا ما تم استغلال أحاسيس هذه القبائل والعشائر والطواف بشكل متقدم فممكن ان يحصل احتكاك وينتج منه فرز طائفي ومذهبي ينذر بعواقب وخيمة، وقد شاهدنا ذلك خلال تاريخ لبنان الحديث، وآن الآوان لكي نتنبه إلى خطورة هذا المخاض.

* يعني هناك خوف من هذه الأزمة؟
- هناك خوف دائم واذا ما وجدت ظروف وتكونت أجواء لاستغلال هذه المشاعر والاحاسيس ولتوظيف التباينات الطائفية والقبائلية بشكل سياسي متقدم، قد نقع في المحظور للاسف.

* من له مصلحة في ايجاد ازمة سنية شيعية في لبنان؟
- لا يجب أن يكون لأحد مصلحة في ذلك، لان هذا الامر تعملنا منه دروسًا كثيرة في الماضي، ولكن بعض ضعفاء النفوس والمفلسين سياسيًا يستعينون بهذا الخطاب السياسي المؤجج والمتوتر ونقع في الأسوأ.

طائف آخر

* هل تعتقد ان لبنان بحاجة الى طائف2 لحل مشكلاته؟
- لا اعتقد ذلك لان الطائف اتفاق وطني كامل ويجب السعي الى حسن تنفيذه لنتمكن من تطويره، لانه وضع كمدخل لمرحلة جديدة، ولكن ليس حلًا نهائيًا للامور، وهذا المدخل يتطلب إجراء خطوات كبيرة لتدعيمه ومن أبرز تلك الخطوات إلغاء الطائفية السياسية، التي يجب ان تمر بمراحل، واقلها حسن الأداء السياسي والإجرائي والتشريعي للبلد، لكي نؤسس لحد ادنى لمستوجبات بلد جديد، ومن ابرز الامور التي يجب الاعتناء بها موضوع الانتخابات، اي الارتقاء بمستوى التمثيل النيابي لتأتي المساءلة والمحاسبة طموحة وترفد هذا الاتفاق بما يحتاجه من زخم وقوة.

مستقبل لبنان

* كيف ترى مستقبل لبنان؟
- لبنان لن يتغير كثيرًا لا جغرافيًا ولا ديموغرافيًا ولا تكوينًا ولا خوف عليه كوطن بقدر ما هناك خوف على الاداء والمستوى الذي يسود فيتحول الوطن الى مجموعة ممارسات متراجعة وضعيفة تضعفه وتساهم في اهترائه على سنوات مقبلة ويكون عندنا جمهورية موز بدل وطن معافى وقوي.

المنطقة العربية

* كيف ترى المنطقة العربية بعد 5 اعوام من الآن؟
- اذا ما استمر التلهي بين قيادات وانظمة المنطقة بالقشور وبفتات ما يسمح لهم من قبل القوى العظمى وبمزيد من الغرق في تصفية حسابات ايضًا قبائلية في تلك الانظمة واستشراء الفساد وسوء الادارة والحكم، فاننا لن نقطف سوى مزيد من التشرذم والضعف.

* نظرتك سوداء للمنطقة بعد 5 اعوام؟
- اذا استمرت الامور على ما هي عليه، ولم تحدث نقلات نوعية كبيرة تأخذ في الاعتبار التحولات في العالم وخصوصًا التطور الذي تقوم به دول باكملها، باتجاه التحديث والعصرنة ونحن نغرق بمزيد من الجهل والتراجع والسخافات بين انظمتنا والقيادات لا تبشر كثيرًا بالخير، لا اقول ذلك تشاؤمًا ولكن تحذيرًا كي لا نتأخر في الوعي ونستبق تداعيات هذه الحال الصعبة.

* هل ترى ان مصير لبنان سيكون مترابطًا بالعراق وفلسطين؟
- مصير كل المنطقة مترابط شئنا ام ابينا.

* ما الذي تحتاجه اليوم المنطقة العربية كي تعود الى نهضتها؟
- تحتاج اول ما تحتاجه الى قيادات مستعدة لان تحاسب نفسها وتراجع حساباتها في غياب الديمقراطية عن كثير من انظمة المنطقة، وتأخذ خطوات جريئة وتعترف بشعوبها وقدرات هذه الشعوب وتعطيها فرصة جدية للممارسة الديمقراطية والنهوض بوضعها وحالها، ولا يمكن لي في وسط كل ذلك ان اتجاهل أيضًا مدى ضرر وأذى المشروع الصهيوني الذي تم زرعه وإنماؤه في المنطقة، من آثار سلبية مضرة لكل المنطقة، واذا ما استمر هذا الامر فإن العواقب لن تكون الا اصعب واشد حدة مما نشهده اليوم.