أنهى الرئيس المكلف سعد الحريري إستشاراته النيابيّة غير الملزمة، بإجتماع مع وفد تكتل التغيير والاصلاح برئاسة النائب العماد ميشال عون، ووفد quot;القوات اللبنانيةquot;. وحرص الرئيس المكلف على إضفاء مسحة تفاؤليّة على ما ينتظره من مهمة صعبة ومعقدة. وركّزت الإستشارات التي جرت على مدى عشرة أيام على المواضيع الوطنية، وعرض مجمل التحديات التي تواجه لبنان ومنها التحديات السياسية المتعلقة بتطوير النظام السياسي والتحديات الأمنية ولا سيما التهديدات الإسرائيلية، ومخاطر تسلّل قوى الإرهاب والتحديات الإقتصادية والاجتماعية.

بيروت: قد يكون أفضل تعبير لما ستكون عليه مرحلة البدء الفعلي لعملية تشكيل الحكومة، أي الدخول في حديث الحقائب والأسماء، ما قاله رئيس اللقاء النيابي الديمقراطي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أمس بعد لقائه سفيرة الولايات المتحدة الاميركية لدى لبنان ميشيل سيسون، منتقدًا قيام بعض السياسيين في لبنان بالتشكيك بأهمية اللقاء الذي سيعقد في دمشق بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري الدكتور بشار الأسد والذي سيكون له برأيه انعكاس إيجابي على لبنانquot;، مشيرًا إلى انه quot;يخالف من يرى ان الحكومة تصنع فقط في لبنانquot;، ومؤكدًا quot;ان الحكومة تصنع في لبنان وكذلك من قبل المحور الذي أرسى اتفاق الطائف وارسى الاستقرار في لبنان وشرّع المقاومة آنذاك. إنّه المحور السعودي ndash; السوري عام 1989 والذي كان الأساس في الاستقرار اللبنانيquot;.

واذا كان كلام جنبلاط يربط مسار تشكيل الحكومة الجديدة بما ستؤول اليه نتائج اللقاء المرتقب بين الزعيمين العربيين في العاصمة السورية، مما يعني عدم حصول ولادة قريبة لهذه الحكومة، فإنّ نائبًا بارزًا في كتلة المستقبل النيابية يشاطره الرأي لكنه يذهب ابعد من ذلك بقوله لـquot;إيلافquot; انه يستبعد تأليف حكومة في الوقت الحاضر quot; وعليناعدم انتظار قمة عبد الله - الأسد فحسب بل ما سيجري على صعيد ملف إيران النووي والاجتماعات التي عقدت بهذا الشأن مجموعة الدول الست، مع التوقف عند وضع العلاقات الايرانية ndash; الاميركية بشكل عام، والإيرانية ndash; العربية بشكل خاصquot;. وهذا ما لحظه جنبلاط في معرض حديث سابق له طرح فيه تحصين الحوار السعودي السوري بحوار عربي ndash; إيراني وخاصة بين الرياض وطهران، واعتبرها شرطًا ضروريًّا ومكملاً للتفاهم السوري السعودي.

الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي أنهى إستشاراته النيابية غير الملزمة بإجتماع مع وفد تكتل التغيير والاصلاح برئاسة النائب العماد ميشال عون، ووفد quot;القوات اللبنانيةquot;، لم يكن بعيدًا عن هذه الأجواء، لكنه حرص على اضفاء مسحة تفاؤلية على ما ينتظره من مهمة صعبة ومعقدة رسم خارطة طريقها على الشكل التالي:

oتشكيل حكومة للبحث عن مخرج للأزمات خلافًا لما كانت عليه الحكومات السابقة التي شكلت لإدارتها.

0بناء الثقة المفقودة بين الأطراف باعتبارها الأساس حتى لا تنقل الخلافات والمشاكل الى داخل مجلس الوزراء، والتعويل على دور الاعلام في المساعدة على ذلك.
oاعطاء الأولوية لحكومة وفاق وطني واذا تعذّر الأمر فكل الاحتمالات مفتوحة.

ويستدل من العبارة الأخيرة أن الإستشارات النيابية غير الملزمة التي اجراها الحريري على مدى عشرة ايام لم تحسم الصيغة النهائية للحكومة وشكلها وتوزيع الحقائب الوزارية على القوى والأطراف السياسية المعنية، باعتبار ان الحديث فيها، كما اوضح الرئيس المكلف، تركز على المواضيع الوطنية وعرض مجمل التحديات التي تواجه لبنان ومنها التحديات السياسية المتعلقة بتطوير النظام السياسي والتحديات الأمنية، ولا سيما التهديدات الإسرائيلية، ومخاطر تسلل قوى الإرهاب والتحديات الإقتصادية والاجتماعية من ديون وكهرباء ومياه وبيئة ونقل وصولاً الى الضمان الإجتماعي وسائر المشاكل.

من هنا،تبدو الأجواء الإيجابيّة التي رافقت الإستشارات المذكورة والتي أرخت بظلالها على الوضع العام في لبنان امام امتحان جديد في الأيام القليلة المقبلة حين يعمد الرئيس المكلف الى الكشف عن اوراقه في ما يخص توزيع الحقائب وحصة كل طرف فيها، ومعرفة اذا ما كان متمسكًا بشروطه السابقة التي كانت سبب اشتباكه مع المعارضة، وفي مقدمها رفضه توزير الراسبين وكذلك ابقاء وزارة الاتصالات مع تكتل التغيير والاصلاح، وإصراره على المشاركة في اختيار اسماء الوزراء المرشحين من قبل تكتلهم.

فإذا ما تبيّن ان طروحات الحريري الجديدة لقيت تجاوبًا ndash; وان مبدئيًّا- واستعدادًا من قبل الفرقاء، خصوصًا من لديه تحفظات حولها، للبحث في أمرها والتفاوض بشأنها، لأمكن القول ان التشكيلة بصورتها الأولية تخطت العديد من الحواجز قبل بلوغها النهاية السعيدة.أمّا إذا جرى العكس وقوبل عرض الرئيس المكلف باحتجاجات واعتراضات على غرار ما حصل ابان تكليفه الأول، فإنّ ذلك يعني الوصول الى الحائط المسدود الذي اتى الرئيس المكلف على ذكره في تصريحه أمس، ملوّحًا بوجود خيارات أخرى غير حكومة الوفاق الوطني التي يعطيها اولوية حتى اشعار آخر.

الحريري الذي امتنع عن الرد على اسئلة الصحافيين المرابطين في مجلس النواب قبل توجهه للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لإطلاعه على حصيلة مشاوراته النيابية فوّت على الكثيرين معرفة ما لديه من بدائل عن حكومة الوحدة الوطنية في حال لم يُوَفّق في تشكيلها وما سيكون عليه موقفه في حال رفض رئيس الجمهورية اعتماد quot;البديل المقترحquot; من قبله، وقبل ذلك اعتراض حليفه وصديقه وليد جنبلاط عليه.