بعد 34 عامًا تبقى الصورة أبلغ من الكلام
الحرب في لبنان بعيون مصورين صحافيين
ريما زهار من بيروت: ذكرى الحرب في لبنان التي تصادف في 13 نيسان لن تُمحى بسهولة من اذهان اللبنانيين، ففي مثل هذا اليوم من العام 1975، تغيرت معادلات كثيرة في هذا الوطن الصغير، وقُلبت الطاولة رأسًا على عقب أمام ازدهاره وتفوقه وما وُصف حينها بأنه كان سويسرا الشرق، وصور الحرب تبقى راسخة في اذهان اللبنانيين. صور إلتقطها مصورو الحرب يومها لتبقى رسالة خالدة على فظاعة ما تم إرتكابه بحق الانسان في لبنان، ووراء تلك الصورة كان المصور الصحافي يجازف بحياته من اجل اللقطة، فيلقط انفاسه، يضع الخوف جانبًا، ينسى انه قد يخسر حياته بأي لحظة فقط من اجل صورة عن حرب
جوزف فضول مصور صحافي مشهور في دار الصياد عايش التفاصيل الدقيقة لحرب لبنان ويعتبر انها كانت احداثًا مؤلمة اثرت فيه كإنسان، وهناك حادثة خلال الحرب بقيت راسخة في ذهنه عندما كان في مهمة للتصوير خلال الحرب في منزل طفلين صغيرين يتيمين وقعت القذيفة بقربهما ولم تنفجر وكانت بجنبهما صورة للسيدة العذراء، ومن الامور المؤلمة التي مرت عليه في مهامه تصوير المجازر التي كانت تجري خلال الحرب اللبنانية، ومنها مجزرة الجبل، quot;كنا نصوّر الجثث المشّنعة وكانت مناظر مخيفة تدفعنا الى التساؤل لماذا يصل الانسان الى هذا القدر من الوحشية، وكانت جثثًا لاطفال وشيوخ، ولا يمكنني ان انسى مجزرة داني شمعون (رئيس حزب الاحرار)quot;.
ويقول جوزف عندما كنت التقط الصورة لم اكن في عالمي المعهود، فالهمّ ينحصر في اللحظة ذاتها بأخذ الصورة، ولكن عندما كنت أظهّر الصور كنت اعي بشاعة الحرب وألمها، ويعتبر جوزف انه خلال الحرب تقف صعوبات كثيرة بوجه المصور الصحافي، وهنا تكمن اهمية التعامل بدبلوماسية وذكاء ولطف مع الاحداث والاشخاص، والقوة لا تنفع، والصعوبات كانت تواجهنا من رجال الامن في بعض الاحيان، وكان التنسيق مع الاحزاب ويعطونا تراخيص لذلك، وخلال عمله كصحافي مصور خلال الحرب حُجز جوزف مرات عدة لكن بطريقة ظرفية، ثم اعيد اطلاق سراحه، وفي اوقات كهذه كان عليه ان يحافظ على
اما مصور الحرب ففي الدول التي تحترم نفسها يدفع له أكثر من المصور العادي، وهذا يحصل مع الوكالات الاجنبية ايضًا، لكن ليس مع الصحف اللبنانية، وكصورة لما جرى في 7 آيار الماضي كان هناك حقد اكثر من الحرب في لبنان عام 1975، لكن الحرب اللبنانية كانت اكثر عنفًا، اما ما الذي اختلف بين تصوير الاحداث والحروب اليوم عما كان عليه خلال الحرب، يقول جوزف في الماضي كان المصور يستحق لقبه اما اليوم فالجميع يستطيع التصوير، والصورة الصحافية الحقيقية هي تلك التي لا تحتاج كلامًا تحتها فهي تتحدث عن ذاتها، اما هل الصحافي المصور في لبنان يأخذ حقوقه كاملة؟ يقول جوزف لا، وما ينقصه هو تكاتف المصورين مع بعضهم.
شمعون ضاهر مصور صحافي ايضًا في رصيده الكثير من صور الحرب اللبنانية الاهلية منها اجتياح الجيش السوري لمنطقة سوق الغرب وحرب الالغاء بين الجيش اللبناني بقيادة العماد مي
ويعتبر شمعون ان تصوير الحرب كان يتطلب شجاعة كبيرة كي ندخل بين المقاتلين ونصور احداث الحرب، والمصور يواجه خطورة المقاتل، وكنا نتعرض لرصاص القناصة، وفي لحظة تصوير المشاهد المؤلمة للحرب لم يكن يشعر بالخوف، لاننا كنا بقلب المعركة، ويتذكر شمعون بعض المرات التي شعر فيها بمدى فظاعة الحرب عندما كان يصور مع قيادة الجيش ومجموعة من المصورين الاجانب معارك سوق الغرب وكنا خلال المعارك، وعرف يومها ان ابن خاله قد توفي هناك وquot;كنت الاول الذي عرفت بالامر وتأثرت كثيرًاquot;، وكانت صور الحرب والناس الذين يموتون تدفعه الى اظهار الحقائق للعالم اجمع، quot;خصوصًا ما جرى للطفلتين اللتين توفيتا خلال نقلهما الى قبرص، وكنت الاول الذي صورتهما وقد غرقتاquot;، ويعتبر شمعون ان الصورة معبّرة اكثر من الكلام في بعض المرات، ومصور الحرب يذهب الى مهمته ولا يعرف متى يعود، وقبلاً لم يكن مصور الحرب يأخذ حقه من اتعاب مادية، كانت مهمته تقع ضمن قضية يؤمن بها وكان يدفع في بعض المرات quot;من جيبهquot;، ويقول شمعون انه اخذ بعض الصور في 7 آيار الماضي من خلال الاحداث التي جرت في بيروت، ويصفها quot;بالهمجيةquot; وتمت مهاجمة الكثير من مصوري الحرب خلالها ومنهم وديع شلنك من صحيفة البلد.
محمود طويل مصوّر في صحيفة النهار يقول ان اهم ما صوره هي الحرب اللبنانية، واحداث الحرب بكل تفاصيلها اثرت به، ولا يمكنه التفريق بين حدث امني وآخر وفي النهاية الحرب كانت تتأزم، وخلال الحرب كان يعمل لصحيفة الانوار، وواجه مشقات في تصوير الاحداث لان المسلحين كانوا في كل الجهات، اما اي انطباع كانت تطبعه صور الحرب في نفسيته؟ يجيب محمود الانطباع كان سيئًا جدًا واصبح الانسان الارخص ثمنًا بالنسبة إلى المسلحين، ويصبح الانسان في الحرب بمثابة اي هرة او كلب على الطريق لا قيمة له.
* الصور من أرشيف المصور الصحافي جوزف فضول
التعليقات