ريما زهار من بيروت: واصلت بغداد ودمشق، غداة استدعاء السفراء من البلدين، تبادل المواقف والاتّهامات على خلفيّة التفجيرات الدامية في العراق الأسبوع الماضي، وقد أبدى رئيس مجلس النوّاب اللبناني نبيه برّي أمام زوّاره قلقه من تدهور العلاقات العراقيّة - السوريّة واحتمال انعكاسها على الوضع اللبناني. والسؤال الذي يطرح اليوم ما مدى جديّة هذه المخاوف على الوضع اللبناني الداخلي وهل لتأزّم العلاقات السورية - العراقية أيّ تأثير على تأخير تشكيل الحكومة اللبنانيّة؟ يقول معن بشّور، المنسّق العام لتجمّع اللّجان والروابط الشعبيّة لـquot;إيلافquot;: quot;لا أعتقد بأنّ هناك علاقة مباشرة بين توتّر العلاقات السوريّة - العراقيّة الناجم عن اتّهامات متعلّقة بتفجيرات الأربعاء الماضي في بغداد، لكنّني أعتقد بأنّ هذه التوتّرات ستنقل الاهتمام جزئيًّا باتّجاه العراق، وخصوصًا أنّنا نلاحظ أنّه في كلّ مرّة تظهر فيها بوادر تحسّن في العلاقة بين سوريا والعراق، تنشأ ظروف متعدّدة تعيد هذه العلاقة إلى مربّعها الأوّل المتوتّر. الأمر الذي لا شكّ فيه هو أنّ الخطوات الأخيرة التي شهدتها العلاقة بين سوريا والعراق ستأخذ جانبًا من اهتمام سوريا نحو العراق، وربما قد تعكس توجهات إقليمية ودوليّة تسهم في الضغط على دمشق لأسباب متعدّدة قد لا يكون ملفّ أزمة الشرق الأوسط بعيدًا عنها. تاليًا، فإنّ ذلك سيكون جزءًا من المعركة التي تخوضها دمشق على أكثر من جبهة، للحفاظ على ثوابتها السياسيّة. قد يعتقد البعض بأنّ التوتّرات السوريّة - العراقيّة ستنعكس على العلاقة بين البلدين لجهة تأثّر بعض اللبنانيين بالأوضاع في العراق، لكنّني أعتقد بأنّ علاقة سوريا بهذه المجموعات من اللبنانيين ذات الصلة بالقيادة العراقية الحاليّة هي أقوى من أن تتأثّر بمثل هذه الخلافات، والعلاقة السورية - الإيرانيّة القويّة قادرة على استيعاب أيّ تأثير سلبي لتوتر العلاقات السوريّة - العراقيّة في لبنان وغيره، وأعتقد بأنّ ماحدث في بغداد من تفجيرات واتّهامات هدفه أن تعود العلاقة بين دمشق وبغداد إلى المراوحة التي كانت عليها سابقًا. فإذا كان التحسّن في العلاقات ممنوعًا، فإنّ التردّي في هذه العلاقات هو أيضًا ممنوع، وتاليًا لا أعتقد بأنّ هناك مفاعيل جديّة لهذا التوتّر على الأوضاع اللبنانيّة، أمّا أن تتأثر الأمور بتأليف الحكومة في لبنان بهذا التطوّر، فأعتقد بأنّ تشكيل الحكومة بات من الهشاشة بمكان حتّى أنّه قد يتأثّر بأيّ تطوّر في أيّ مكان في الدنيا، لأنّ الإرادة الداخليّة تكاد تلغي نفسها تمامًا بسبب التناحرات والشروط والشروط المضادة، وهذا يفسح في المجال لتزايد التأثيرات الخارجيّة حتمًا على الأوضاع اللبنانيّة، وكلّما انحسرت الإرادة الداخليّة كلّما ازدادت التأثيرات الخارجيّة على تشكيل الحكومةquot;.

تقول المحاميةبشرى الخليل،والتي اشتركت سابقًا في الدفاع عن الرئيس السابق صدام حسين، لـquot;إيلافquot; إنّ التّصعيد العراقي الأخير سببه الأميركيّون، والهدف برأيها أنّ الأميركيّين يطلبون موقفًا من السوريّين بالنسبة إلى المقاومة العراقيّة الموجودة في الخارج، أي المعارضة للنظام الحالي في العراق، سواء المقاومة التابعة للشيخ عزت الدوري أو الآخرين. والسوريّون، تتابع، سيرفضون هذا الضغط عليهم، وهم ينسّقون مع القوى الكبرى لكن ضمن حدود لا تؤثّر على ثوابتهم.

ومن المعروف أنّ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أتى إلى سوريا طالبًا تسليم بعض الرّموز، وبكلّ الأحواللن تقتنع سوريا بتسليمه رموزًا عراقيّة موجودة عندها.
ولدى سؤالها عن أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري قال إنّ تأزّم العلاقات السوريّة - العراقيّة قد يتأثر بها لبنان، أجابت: quot;الحكومة اللبنانية لديها اتّفاقية أمنيّة منذ أيّام رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري مع العراقيين أيّام رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي، وتثبّتت هذه الاتّفاقية ما بين المالكي ورئيس الوزراء السابق اللبناني فؤاد السنيورة، وكانت هناك علاقات وديّة بين البلدين.من المؤكّد أنّ لدىالرئيس برّي معطيات، وهو يتابع هذه الأمور جيّدًا، وعندما يتحدّث عنها لا بدّ من أن نأخذها بجديّة، لكنّ ما أعرفه أنّه لا توجدفي لبنانرموز عراقية، وأي شخص يُطلب تسليمه من لبنانيتمّ تسليمه، وفي ما يختصّ بحزب الله فإنّ علاقته ليست قويّة بالحكومة العراقيّة بل له علاقة ببعض العراقيين الذين يطرحون شعارات ضد الاحتلال كبعض الصدريين وغيرهمquot;، وتتابع من جهة الحكومة اللبنانية والحديث عن تشكيلها بعد تقارب سعودي - سوري قد يتأزّم مع تأزّم العلاقات السورية العراقية قائلةً: quot;محاولات التقارب التي تتمّ بين السعوديّة وسوريا من الممكن أن (تفرملها) أميركااليوم، والسعودية تصعّد في العراق، واستطاعت أن تشدّ قواعد كانت بعثيّة ومن جماعة صدام إلى خندقهاquot;.
وإذا توتّرت العلاقة بين سوريا والسعودية ولم تتّجه نحو المصالحة فقد يتأثّر حينئذٍ لبنان ولن تتألّف الحكومة.