بيروت: يرى محللون ان الصيغة الحكومية التي قدمها رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان الاثنين ستحرك الجمود السياسي وتشكل بداية حوار جديد رغم اجواء التشاؤم التي ارخت بظلها اثر رفض الاقلية التشكيلة الحكومية. وقال رئيس المركز اللبناني للدراسات السياسية اسامة صفا لوكالة فرانس برس ان خطوة الحريري quot;طريقة لتحريك الجمود السياسي ورمي الكرة في ملعب آخر. انها بداية للحوارquot;.

واشار الى ان هذا الحوار قد يطول quot;لفترة غير محددة اقله الى ما بعد عيد الفطرquot; بعد اسبوعين تقريبا. وكان الحريري قدم امس الى سليمان صيغة لتشكيلة حكومية من ثلاثين وزيرا تضم كل الاطراف. الا ان الامين العام لحزب الله الشيعي حسن نصر الله ابرز اقطاب الاقلية، ما لبث ان رفضها. وكان سبقه الى ذلك القطب المسيحي في الاقلية النائب ميشال عون.

وبررت الاقلية رفضها بما اسمته quot;سابقة في الممارسة الدستوريةquot; في لبنان، معتبرة انه يعود لها وحدها حق تسمية وزرائها. اما اوساط الحريري، فاوضحت ان quot;التشكيلة متوازنةquot; وان المطالب التي قدمت اليه خلال المشاورات لا سيما من جانب التيار الوطني الحر برئاسة عون quot;غير منطقيةquot; وquot;غير قابلة للتنفيذquot;.

وغلبت اجواء التشاؤم على الصحف الصادرة اليوم الثلاثاء، وقد استبعدت ان تبصر التشكيلة الحكومية النور. وكتبت صحيفة quot;السفيرquot; القريبة من الاقلية النيابية quot;فعلها رئيس الحكومة، ربما بضوء اخضر من الخارج، ورمى كرة نار ازمة تأليف الحكومة الاولى بعد الانتخابات النيابية بين يدي رئيس الجمهوريةquot;.

واعتبرت ان ذهاب رئيس الحكومة المكلف الى حد تسمية وزراء الاقلية quot;يحول الحكومة الى مشروع فتنةquot;. ورأت صحيفة quot;الاخبارquot; القريبة من الاقلية ايضا من جهتها ان quot;البلاد دخلت في مرحلة حساسة جداquot;. ورأى رئيس تحرير صحيفة quot;الانوارquot; رفيق خوري في افتتاحيته ان quot;اللعبة باخت وتعب اللبنانيون من دون ان يتعب اللاعبونquot;. واضاف ان quot;اللعبة صارت معيبة فوق كونها خطيرة على مسرح ازمة حكومية يراد لها ان تختصر كل ازمات النظام ومعها ازمات المنطقة والعالمquot;.

وتابع quot;لا شيء يوحي بان التشكيلة الحكومية (...) مرشحة لان تكون المخرج من المازق الحكومي فما هي سوى مسودة تشكيلة للنقاش قبل الوصول الى القرارquot;. ويبدو القرار الى حد ما في يد رئيس الجمهورية. ورأت رئيسة قسم العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت فاديا كيوان ان quot;الرئيس يقوم بدور مهم، دور تحكيم والحفاظ على التوازناتquot;.

واشارت الى ان quot;السيناريو الاكثر ترجيحاquot; يقضي بان يقوم سليمان والحريري quot;بجهود جديدة وحثيثة من اجل التوصل الى حلquot;. ويمكن ان تجنح الامور الى سيناريو آخر هو quot;اعتذار الحريريquot; عن تشكيل حكومة، في حال لم يوقع رئيس الجمهورية على التشكيلة الحالية. واثر ذلك quot;تحصل مشاورات جديدة وتتم تسمية رئيس حكومة جديدquot;، بحسب كيوان.

واضافت ان السيناريو الاكثر سوءا وهو السيناريو المستبعد، يقضي بان quot;تذهب الاكثرية حتى نهاية الازمةquot; وتتمسك بما قدمته. وقال استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية غسان العزي quot;نحن في قلب التصعيد لكنه لا يشبه التصعيد الذي حصل العام 2007quot;، في اشارة الى الازمة السياسية الحادة التي استمرت سنة ونصف السنة وتخللتها اعتصامات وشلل في العمل الحكومي والبرلماني.

واضاف العزي quot;تراجعت مرحلة الانفراج الثابت منذ ربيع 2008quot;، الا ان عودة الظروف التي كانت سائدة في 2007 quot;مستبعدة على المدى المنظورquot;. وانتهت الازمة في ايار/مايو 2008 بمعارك دامية بين انصار الاكثرية والمعارضة تسببت بمقتل اكثر من مئة شخص. وعقد بعد ذلك مؤتمر الدوحة الذي جمع كل الاطراف اللبنانيين واتفق خلاله على اجراء انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

واضاف العزي quot;لن تحصل اعمال عنف، لان لا ضوء اخضر اقليميا لزعزعة الاستقرار في لبنانquot;. ورغم اجواء التشاؤم التي سادت منذ امس، يرى المحللون ان السيناريو الاكثر ترجيحا هو المزيد من المفاوضات من اجل الوصول الى اتفاق على التشكيلة الحكومية. وقال صفا quot;لا مصلحة لاحد بتفجير الامور. سيكتفي الجانبان بمناورات سياسيةquot;.

ويجمع المحللون على ان مفتاح الحل يبقى في يد القوى الاقليمية، لا سيما الرياض الداعمة للاكثرية، وسوريا الداعمة للاقلية. وقال العزي ان quot;الوضع معقد اكثر اليوم على المستوى الاقليمي ومستوى العلاقات الاميركية السورية وعلى مستوى العراق. ولبنان ورقة المساومة وساحة المواجهة. وهذه المواجهات تنعكس على الحكومةquot;، مضيفا ان quot;الداخل لا يسهل الامورquot;. واضاف quot;لدى ظهور اي اشارة اقليمية، تتشكل الحكومة في ثلاث ثوانquot;.