اقترنت نهضة العاصمة الأذربيجانية باكو بمظاهر باذخة تجلت في مطاعم فاخرة ونواد لا يرتادها إلا الخاصة ومهرجان من الملاهي في مدينة تريد استدراج المال ممن يملكونه.
لم تكن اذربيجان طيلة تاريخها بلدًا صغيرًا محشورًا بين بلدان كبرى. فقبل قرن ونصف قرن كانت بلدا مهما بين بلدان المنطقة، وعندما بدأ انتاج أول بئر نفطية في عام 1846 أدى تدفق الذهب الأسود الى توافد أفواج من الانتهازيين.
وكانت باكو من حيث النفط مثلما كانت كلوندايك الأميركية من حيث الذهب، وكان آل روتشيلد ونوبل بين من صنعوا ثرواتهم هناك. وانبثقت مدينة جديدة ذات طراز أوروبي حول مدينة باكو القديمة المسوَّرة، المدرجة الآن على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.
وأُنشئت قصور منيفة ودور أوبرا ومسارح للارتقاء بثقافة سكان المدينة حديثي الازدهار.ثم جاءت الحرب العالمية الأولى وفي أعقابها الاجتياح السوفيتي. وتكفلت 70 عاما من الاحتلال بمحو باكو من ذاكرة العالم الجمعية.
وفي عام 1991 نالت اذربيجان استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وشهد البلد ولادة جديدة. وفي عام 1994 اعلن الرئيس حيدر علييف والد الرئيس الحالي توقيع عقد قيمته 9 مليارات دولار مع مجموعة من شركات النفط الأوروبية سماه quot;صفقة القرنquot;. وأعطى العقد دفعة قوية لاقتصاد اذربيجان، نقلها الى القرن الحادي والعشرين بخطى متسارعة.
واقترنت نهضة باكو بمظاهر باذخة تبدت في مطاعم فاخرة ونواد لا يرتادها إلا الخاصة ومهرجان من الملاهي في مدينة تريد استدراج المال ممن يملكونه. واستعدت باكو للتباهي بكل هذا في مسابقة الأغنية الاوروبية quot;يوروفيجنquot; على مسرح البلور الجديد. والحق ان برنامج التجديد والتحديث بلغ من التألق الى حد لن يرى معه المراقب العابر دلائل تُذكر على طابع المدينة الصحراوي في السابق.
وكان عدد من فنادق سلسلة هيات كل ما تملكه باكو من فنادق quot;دوليةquot;. ثم انبثق فندق سلطان ان، وتبعته خمسة فنادق دولية جديدة ذات علامات تجارية معروفة. وأبرز هذه الفنادق معماريا فندق فيرمونت، الذي يحتل واحدا من أبراج الشعلة الثلاثة التي تطل على خليج المدينة. ويُقال ان تصميم الأبراج يعبر عن علاقة اذربيجان الثقافية والتاريخية الوثيقة بالنار. وهناك من يذهب الى ان اسم اذربيجان مشتق من عبارة quot;بلاد النارquot; بالفارسية القديمة في منطقة كانت أيضا موطن زرادشت.
على جبهة البحر يشغل أول فندق في سلسلة فور سيزنز يُفتح في الاتحاد السوفيتي السابق قصرا على الطراز الاورو ـ اذري القديم. وتنتصب على جانبي مقر الحكومة الآن ابراج ماريوت وهلتون. وأخيرا هناك فندق كيمبنسكي وراء أبراج الشعلة بعيدا عن صخب المدينة.
محليا فان افضل الأماكن على جبهة البحر هو منتجع جميرا الجديد، الذي يحاكي بلا خجل برج العرب في دبي رغم طلائه بالأحمر. ويرى مراقبون انه دليل، إن كانت ثمة حاجة الى دليل، على ان باكو تطمح لان تكون دبي القوقاز.
ما يصح على قطاع الفنادق يصح على المطاعم التي جمع الجديد منها بين مطابخ أمم مختلفة الى جانب المطبخ الاذري المتميز، وخاصة مطعم زقورة الذي يستوحي المطبخ الياباني في توليفة مع الذائقة الاذرية.
لكن هناك الكثير في باكو الى جانب الأبراج المتألقة والمطاعم الفاخرة. فهناك بوليفار المدينة حيث توجد مدينة الملاهي الموروثة من الحقبة السوفيتية، لكنها ما زالت تحتفظ بسحرها. وهناك المدينة القديمة الأشبه بالمتاهة، مزدحمة بالمقاهي ومتاجر السجاد.
ومن المعالم المثيرة للاعجاب متحف الفن الحديث، فضلا عن أعلى سارية عَلَم في العالم تعتبر مؤشرًا آخر الى طموح باكو في نيل شهرة عالمية. وعلى شاطئ البحر تعانق الأمواج سواحل ذهبية فيما تلوح الروابي في الأفق البعيد.
الباقي من هذه البلاد المتميزة لا يقل إثارة. والعجيب ان اذربيجان التي تقرب مساحتها من مساحة انكلترا لديها 9 من أصل 11 منطقة مناخية في العالم. وهناك آثار حجرية تعود الى ما قبل التاريخ ومنتجع جديد للتزلج على الجليد كلف بناؤه مليار دولار، ونصف براكين العالم الطينية وبحيرة داي غلو الملحية الوردية وسفوح جبلية غناء وأنهر ساخنة وعيون ماء ومصحات من الحقبة السوفيتية تقدم علاجات غريبة منها طمر الجسم حتى الرقبة في طين زيتي أو البقاء شهرا كاملا في كهف ملحي تحت الأرض.
التعليقات