عندما يتأوّه المرء بكلمة laquo;احبكraquo;، فهل يعبّر عن عاطفة عذرية بحتة أم أنه يقصد شيئا آخر يتعلق بتوقه الى نيل اللذة الجسدية من محبوبه؟ وما الفرق بين الحب والشهوة، وأين هي الحدود بينهما؟ هذا ما سعى فريق من العلماء للإجابة عليه.


ظلت الحدود بين الحب والشهوة منطقة رمادية غير واضحة المعالم، فاحتار إزاءها الإنسان على مرّ آلاف السنين. لكن العلماء يقولون الآن إنهم تعرفوا، للمرة الأولى، إلى الفروق العصبية بين العاطفتين في الدماغ. ويقول هؤلاء إن أفضل طريقة لشرح عمل كل من الحب والشهوة إن هذه الأخيرة تنشّط جزء الدماغ المعني بالشعور باللذة، بينما يعمل الأول على إسباغ laquo;المعنىraquo; على هذه اللذة. ويأتي هذا التوضيح المهم ضمن أول laquo;خارطةraquo; مفصلة لموقعي الحب والشهوة في الدماغ رسمها العلماء بعد متابعتهم الموجات المنبعثة من أدمغة متطوعين عُرضت عليهم صور مثيرة جنسيا وأخرى لأولئك الذين يحبونهم.
ووفقا للورقة المنشورة على دورية laquo;جيرنال اوف سيكشوال ميديسينraquo; فقد أفادت معلومات مستقاة من عشرين دراسة أن كلاً من منطقتين يؤدي دورا أساسيا عندما يتعلق الأمر بالحب والشهوة. والمنطقة الأولى هي insulalaquo;التلافيفraquo; والثانية striatumlaquo;المخطَطraquo;. ويذكر أن هذا الأخير تحديدا يؤدي الدور الرئيس سواء عندما يشعر الإنسان بالحب أو بالشهوة.
ووجد العلماء أن الرغبة الجنسية تنشط جزء laquo;المخططraquo; المسؤول عن الإحساس باللذة ليس نتيجة المتعة الجسدية وحسب بل تذوّق الطعام أيضا. وفي المقابل، فإن التلافيف تعطي لهذه اللذة معناها في وجدان الإنسان، وعلى هذا النحو فهي تترجمها الى شعور بالحب. على أن الحب بحد ذاته ليس عاطفة منقاة من laquo;الشوائبraquo;. فجزء المخطط المعني بمعالجة هذا الحب، معني أيضا بما يحدث عندما يصبح الانسان مدمنا للمخدرات.
ويشرح فريق العلماء في جامعة كونكورديا الكندية، الواقف وراء البحث، هذا الأمر بالقول إن الحب laquo;يصبح عادة تتأتى عندما تؤتي الرغبة الجنسية ثمارهاraquo;. لكن الدورية الطبية تنقل عن البروفيسير جيم فوس، قائد فريق البحث، قوله: laquo;بينما وفر التقدم العلمي للباحثين السبل الى فهم عميق لموقع الذكاء والقدرة على التحليل والحل. يظل المشوار طويلا عندما يتعلق الأمر بأسرار الحبraquo;. ويضيف قوله: laquo;اعتبر الدراسة التي قمنا بها حجر الزاوية في ما آمل أن يصبح أرضية تمهد الطريق الى أبحاث صلدة في مجال العلوم الاجتماعية العصبية. وكل أملي أن تؤدي هذه الأرضية بدورها الى رفع النقاب كاملا عن هذه العاطفة المحيّرةraquo;.